شملان العيسى

شباب الخليج و«داعش»

نشرت جريدة «الشاهد» يوم الثلاثاء 10 فبراير تقريرا نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الامريكية عن انضمام اكثر من 2500 سعودي و71 كويتيا و15 اماراتيا و15 قطريا و12 بحرينيا و110 من اليمن الى تنظيم «داعش» واكد التقرير ان هناك نموا ملحوظاً في اعداد المنتسبين لهذا التنظيم حيث انضم اليه في الاشهر الاخيرة من اكتوبر 2014 حتى يناير 2015 (5000) مقاتل ليصبح عدد المنضمين الى التنظيم من الدول الثمانية قرابة ال24000، ومعظم المقاتلين قادمون من اوروبا وتحديدا فرنسا وألمانيا وبريطانيا وتليها دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا.


السؤال الذي نود طرحه: لماذا يندفع الشباب الخليجي للجهاد مع هذا التنظيم الارهابي على الرغم من حقيقة ان هؤلاء الشباب ينتمون الى بلدان نفطية ريعية وهم ميسورو الحال، والاكثر من ذلك ان دول الخليج اتخذت اجراءات صارمة ضد من يلتحق بالعمل القتالي وتشارك بصورة فعالة في الحرب والعمليات الدولية ضد الدولة الاسلامية.
هناك اسباب كثيرة لانخراط شبابنا اهمها هو نجاح التنظيم في اقامة شبكة جهادية له في دول الخليج المجاورة للعراق وسورية حيث كشفت السلطات الخليجية ان هناك شبكات جهادية تمد يد العون لتنظيم الدولة الاسلامية، وما لم تكشفه دول الخليج هو وجود تنظيمات حزبية اسلامية سنية وشيعية تدعم تنظيم القاعدة وتنظيم حزب الله، فأنصار الاحزاب الدينية في الخليج يمدون «داعش» بالمال والرجال، فقد كشفت جريدة «الراي» يوم الاثنين 9 فبراير عن تحقيق أمن الدولة مع 10 مواطنين وغير مواطنين جمعوا تبرعات ل«داعش».
لقد استفاد تنظيم داعش من تفجر الصراعات الطائفية في المنطقة العربية وخصوصا في العراق وسورية، فالمواجهات الطائفية البغيضة في كل من العراق وسورية ولبنان واليمن خلقت خوفا وفزعة لدى الاحزاب والجماعات الدينية السلفية في الخليج، مما دفع وعاظاً من رجال الدين الذين ينتمون لفئات متطرفة لاصدار فتاوى دينية تدعو الى حماية السنة في بعض البلدان العربية.
انتشرت ثقافة الكراهية والابتعاد عن روح التسامح والاعتدال وحب الآخر، بل تم تعزيز ثقافة الكراهية للآخر، وقد اوضح الدكتور عبدالحميد الانصاري في كتابه «ثقافة الكراهية» هذا الامر حيث قال: «ان ما حصل في الساحة العربية وبخاصة الخليجية خلال العقود الثلاثة الاخيرة من فكر متطرف معاد للحياة أصاب بعض ابنائنا ودفعهم الى الهلاك، انما تم زرعه ورعايته من قبل ثلاث قيادات سياسية ودينية نجحت في غزو الثقافة المجتمعية المتسامحة هي: التيار التكفيري الديني الذي يمثل فكرا اقصائيا قمعيا يشكك في معتقدات الآخرين ويتهمهم بالبدعة والانحراف والضلالة بحجة ان العقيدة الصحيحة واحدة، تيار الاسلام السياسي وهو فكر يقوم على ابدية الصراع مع الغرب باعتباره العدو الدائم المتربص والمتآمر على المسلمين، التيار القومي الناصري والبعثي الذي له اعتقاد جازم بان الغرب هو العدو الذي عوق نهضة العرب برسمة الحدود القطرية ودعمه اسرائيل، واخطر ما في هذا الفكر انه يحتكر الوطنية ويخون الآخر المختلف معه فاذا كان التياران السباقان التكفيري والاسلام السياسي يحتكران الجنة فان القومي يحتكر الوطن.
واخيرا نرى ان معركتنا في التصدي لارهاب داعش لها ابعاد ثقافية وفكرية وحضارية ولا تقتصر على البعد الأمني فقط.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

شملان العيسى

دكتور بالعلوم السياسية في جامعة الكويت

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *