محمد الوشيحي

المتينة.. يصعب هزّها

الجملة البلاستيكية الأكثر تداولاً على ألسنة السفراء العرب هي؛ «العلاقات متينة ومتجذرة بين البلدين الشقيقين»..

ماشي يا عم أبو متينة. إذا كان الحال كذلك، فعلامَ اللطم والنواح بسبب تغريدة هنا، أو مقالة هناك، أو قفشة هنا، أو كلمة هناك؟ ثم قل لي بربك، كيف تتزحزح هذه الأخت المتينة، خصوصاً إن كانت أقدامها، أو جذورها، ضاربة في العمق؟ المتينة المتجذرة لا يزعزعها حتى «الونش ابن الونش»، فما بالها تهتز بأحرف معدودة.

ووالله لم أسمع يوماً السفير الهولندي في الكويت، أو قطر، أو لبنان، أو أي بلد آخر، يصرح مساءً: «العلاقات متينة ومتجذرة»، وفي الصباح يرفع القضايا في النيابة بسبب تغريدة أو مقالة أو قفشة أطلقها مواطن معني بالأمر.

وما الذي يسمح للمواطن الياباني، على سبيل المثال، بانتقاد سياسة أستراليا، على سبيل المثال أيضاً، ولا يسمح لمواطن عربي بانتقاد سياسة دولة عربية أخرى؟ علماً بأن أياً من اليابانيين والأستراليين لم يزعم يوماً أنهم أشقاء، في حين نتغنى نحن يومياً، عند الاستيقاظ وقبل النوم، بـ «شقوقيتنا المتينة المتجذرة».

يا سادة يا كرام، لا تعبثوا بقواعد الفيزياء، فتعتبرون «المتينة المتجذرة» تساوي في وزنها ريشة في مهب الريح.. يمكنكم بسهولة، أن تعلنوا أن العرب، بعد فحص الدم، ليسوا أشقاء، وأن علاقاتنا أوهن من بيت العنكبوت المريض، فتنتهي القصة، وترتاح أسماعنا من سماع الجملة البلاستيكية السمجة؛ «العلاقات العربية متينة ومتجذرة»، وتواصلون رفع القضايا والدعاوى، بسلاسة ويسر.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *