منى العياف

انهم يسيئون للبلد!!

هذه حكومة متآمرة!
هذه حكومة تريد ان تجعل منا اضحوكة أمام الآخرين.
هذه حكومة وجب «الحجر» عليها حماية للكويت، فهي تتعمد الاساءة للبلد بتصرفاتها الغريبة واللامسؤولة.
لقد أصبحت مفتضحة.. افتضحت مؤامرات هذه الحكومة ونهجها الشخصاني في معالجة الأمور، وتسيء استغلال سلطاتها للنيل من خصومها، وهذا هو العنوان العريض لهذه المرحلة فعلاً.

هل يدري رئيس الحكومة – أو لايدري الله أعلم – ان كل أقواله وأفعاله وأفعال حكومته تنعكس على السلطة القائمة على أمر البلاد؟ وهل يدرك ان السلطة المخولة له انما هي مقيدة بقيود وتقاليد وأخلاقيات وقوانين، كلها تصب في خانة واحدة ألا وهي الحيادية والمساواة واعلاء كلمة القانون بين الناس، وتطبيق القانون على الجميع، وليس وفقاً للأهواء والشخصانية المقيتة! فبعيداً عن الجملة التاريخية المأساوية الكاشفة عن عمق محنة رئيس مجلس الأمة “ دوروا لي شيء لأسكر فيه الوطن “، فان أزمة اغلاق الوطن كشفت ان هناك مآسي وعيوباً يندى لها الجبين، فالكتاب الذي ورد للوطن من وزارة التجارة بخصوص «التسكير» والمؤرخ في 2015/1/18 يقول إنه وبناء على اجتماع وزارة التجارة مع هيئة الفتوى والتشريع يوم 2015/1/19 تقرر اغلاق الوطن للأسباب ال……الخ!!!
لنضع هنا عشرات من علامات التعجب، ومئات من علامات الاستفهام على هذا العبث..وهذا العوار وهذا الكذب البواح وهذا الاستهتار بمصائر الناس وممتلكاتهم وبمصير الشعب وحرياته..تأملوا خطاباً رسمياً يخرج من الوزارة يرسل الى دار الوطن يقرر اغلاقها، بتاريخ 18 يناير، في حين ان الخطاب نفسه يشير الى ان وزارة التجارة استشارت هيئة الفتوى بتاريخ 19يناير؟ عبث أليس كذلك؟ استهتار؟ مافي ذلك شك، وتسرع في التقصد وتسرع في التخلص من حمل وعبء ثقيل اسمه كلمة الوطن التي لم تعد تحتمل؟ هل هناك سخرية أكثر من ذلك؟ انها الأقدار التي تريد ان تفضحهم، وتكشف سوء فعلتهم خطابهم نفسه يدينهم، يصدرون قرار الاغلاق يوم 18 ويدعون انهم استشاروا الفتوى والتشريع يوم 19!!
هذا أولاً.. أما ثانياً: أليس معروفاً ان أوقات العمل الحكومية في الوزارات فترة واحدة فقط..وانها تنتهي على الأرجح بحدود الثانية ظهراً..فكيف سولت للوزارة نفسها الحق في ايفاد مسؤوليها وعناصرها الى دار الوطن لتسكيره بالتشميع بعد السادسة مساء، أي بعد انتهاء الدوام الرسمي بأربع ساعات كاملة؟ مما أثار سخرية وتهكماً على ساحات التواصل الاجتماعي..والأدهي من ذلك ان يعامل وزير التجارة وأركان وزارته دار الوطن العريقة للصحافة والطباعة والنشر، التي تنتج الفكر والرأي والعلم والثقافة وكأنها سوبر ماركت يبيع السلع الغذائية، وأي سلع غذائية سلع واجب منع الجمهور من تناولها، ولذا وجب تشميعها كأي محل أغذية تقرر البلدية اغلاقه؟
ثم ان هذه الصحيفة وهذه الدار تعامل – فوق هذا وذاك – معاملة عتاة الارهابيين، فيتم قطع الخطوط الهاتفية عن الدار فوراً، ويتم طرد الموظفين على نحو سريع جداً حتى أنهم لا يأخذون معهم أغراضهم الشخصية، ثم تشميع مقر الصحيفة ومداخل الوطن وكأن ما بداخلها ليس معلومة وخبرا وفكراً وانما أسلحة مخبأة داخلها سوف يستخدمها ارهابيون!
الاسوأ من هذا كله هو العدوان الصارخ على القانون، ذلك انه لايجوز سحب أي ترخيص لأي شركة الا بحكم قضائي نهائي بات.. أما المهزلة التي حدثت فهي جريمة وعدوان على القانون والحريات وعلى الشعب نفسه لأن أي صحيفة هنا ملك للشعب قبل ان تكون ملكاً لأصحابها، فالدستور والصحافة هما جناحا الديموقراطية الحقيقية.لكنهم يتغافلون عن ذلك ويتعامون ويفسرون نصوص القوانين على هواهم وكأن أحداً لا يرى أو يراجع أو يكشف!
ثمة واقعة مأساوية أخرى، تؤكد الكيدية والتواطؤ الحكومي التام، وهذا ما يتضح لنا من تصرف غير مسبوق لوزير العدل، فعندما لجأت الوطن الى القضاء طاعنة على قرار وزير التجارة باغلاقها، فان قاضي الأمور المستعجلة أمر بوقف تنفيذ اغلاق المبنى، الى ان يتم البت في هذه القضية، فيقوم وزير العدل “الجهبذ” بالاتصال، نعم بالاتصال..ليخبر من يريد ان ينفذ القرار القضائي ويفتح المبنى بوقف التنفيذ لأن الحكومة سوف تستشكل عليه!!
أي مهزلة؟ أي اسلوب هذا؟ أي وزراء هؤلاء الذين يوقفون تنفيذ قرارات القضاء بالتليفون؟ استشكال حكومي بالتليفون؟ عبر الأثير؟ أين هي نصوص القوانين التي تشير الى ذلك؟ هل هناك عبث أكثر من ذلك؟ وكيف لا تكون هناك نسخة مكتوبة من هذا الاستشكال بيد المنفذين توقف القرار؟ لم يكن ممكناً الا ان يأتوا برقم الاستشكال من كمبيوتر في المطار؟
هل هناك تربص اكثر من ذلك؟هل هناك فجور في الخصومة اكثر من ذلك؟ الحكومة كان يجب ان تكون أنزه من التدني الى هذا المستوى. كان يجب ان تكون خصماً شريفاً أكثر من هذا، لا ان تلجأ الى أمور ادارية تحدث مع قضايا ميراث أو خصومة على محال تجارية، وان كان هذا تصرفاً أيضاً متعسفاً قانونياً من قبل الحكومة وان كان ممكناً ان يلجأ اليه الأفراد.
من المضحكات المبكيات ان الوزير..المعروف ب «الليبرالي» الجهبذ يتحدث أمام الوزراء ويصف ما حدث بأنه غلط.. ويوجه رسالة الى وزير الدولة محمد العبدالله يقول له فيها «وهقتوني.. القرار غلط»! وذلك بعد ان قام الوزير باللجوء الى قانونيين من خارج الوزارة أكدوا له ان القرار «منعدم» وكان الأجدر بالوزير الليبرالي صاحب التاريخ المتشدق بالحريات ان يقدم استقالته فور اكتشافه أنه تورط، وانه استخدِم كأداة لضرب خصوم الرئيسين، ولكنها فيما يبدو «حلاة» الكرسي والمنصب الذي ينعم فيه والذي يعرف أنه لن يتكرر مرة أخرى.
يلفت النظر أيضا ان المطبلين والمهللين لصدور القرار باغلاق الوطن، من التيار الليبرالي المحسوب على الوزير وجماعة رئيس السنن اللاحميدة، والذين يتشدقون بأن القانون سيطبق على الجميع، وان عهد مرزوق هو عهد الاصلاح، أرى أنهم اليوم قد بلعوا ألسنتهم ولم يعتذروا عن هذا الاجراء غير القانوني، والذي يضرب مبدأ الحريات في الصميم، ولكن من محاسنه أنه كشف عورات هؤلاء، ونزع عنهم ثوب الاحترام الذي كنا نراهم يرتدونه، ويباهوننا به، واليوم وبعد ان تبنوا كل سقطات الحكومة وكل عوراتها انكشفت عوراتهم وزال عنهم الاحترام وسقطت كل أوراق التوت التي كانت تسترهم في السنين الماضية، هذه بضاعتكم الفاسدة، تتحملون وزرها أمام الله وأمام الناس وأمام التاريخ، هذا حسابكم أنتم، لكننا مشغولون بأمر أهم وهو ما بدأت به حديثي اليكم، وهو ان هذه التصرفات اللامسؤولة والعبثية لاتنعكس عليكم وحدكم، ولكنها مع الاسف تنعكس على الحُكم، فوزير الأعلام الذي أصدر قراراً بالغاء تراخيص دار الوطن ووقف كل اصداراتها، دونما سند قانوني، أوقف قاض آخر قراره، ضمن أربعة قرارات، هي أحكام صادرة باسم صاحب السمو كما هو معتاد في كل الأحكام التي تصدر في الدولة..فكيف بالله عليكم تفعلون ذلك؟ وكيف تقودنا الى هذه الاجراءات المعيبة؟ وكيف ياوزير الإعلام تخلط بين الاجراء الاداري والقرار القضائي! لقد نص قرار القاضي على أنه يتم «وقف تنفيذ هذه القرارات الأربعة التي تنص على اغلاق دار الوطن للصحافة والطباعة والنشر وفروعها ومايتبعه من اجراءات مؤقتا حتى يتم الفصل في موضوع الدعوى المقامة من الشركة بموجب حكم نهائي مع شمول الأمر بالنفاذ بلا كفالة وبلا اعلان..فكيف يتحدى وزير الاعلام القرار؟ وهل هذا الذي قمت به عمل قانوني؟ وهل هذا اجراء من شأن الوزارة؟ انها خصومة غير شريفة، فهيئة الفتوى التي يرأسها وزير الدولة تخرج بأي طرق وبشتى الوسائل لايقاف تنفيذ قرارات قضائية وتعطيلها..هل هذه أساليب نزيهة؟ هل هذه دولة قانون؟ هل مثل هذا العبث يجوز؟ هل يجوز ان يكون المسؤول عن تنفيذ القرارات والأحكام، يعطل قرارات قضائية ويصبح تابعاً للوزير بهذه الصورة المثيرة للاشمئزاز؟
يبدو ان الحكومة تستخف بكل شيء، حتى أنكم تتصورون ان مثل هذا العبث لا تأثير له على النظام وعلي سمعة الكويت اقليميا وعربياً؟ وكل هذا لم؟ لأجل وأد الرأي الاخر الذي بتم تخشونه، مم تخافون ما الضرر الذي سيحدث لو صدرت الوطن وأنتم تمضون باستئنافكم؟! لماذا الاستشكال؟!! قولوا لنا.. ما الذي تخشونه؟ (لاتبوق..لاتخاف) مثل قديم يلخص كل شيء!
انكم حتى لم تراعوا مبدأ قطع الأعناق ولا قطع الارزاق، ف «دار الوطن» يعمل بها حوالي 1200 موظف، من بينهم 500 وافد، فما مصيرهم اذا استمر تعطيل الدار واستمر عدم صرف رواتبهم، وكلنا يعرف اليوم مدى صعوبة الحياة، والظروف الصعبة التي يعيش فيها الناس المتخمون باعباء الايجارات الباهظة، والارتفاع الجنوني في الأسعار للسلع الضرورية، فضلاً عن الأعباء الأخرى كالالتزامات المادية المدرسية ونحو ذلك؟ من اين لهؤلاء بكل ذلك؟ ألهذه الدرجة عميت قلوبكم؟ الهذا الحد أعمتكم الشخصانية، لقد كنا نتمنى ألا تكون الشخصانية هي التي تحكم سلوككم كحكومة ولكن مع الأسف لم تراعوا ذلك مطلقاً، بدليل ان هناك 5000 شركة لديها تراخيص تجارية، وعليها مشكلات بالجملة، بل ان هناك حوالي 1000 شركة تبين ان ايداعاتها البنكية مزورة وتم التلاعب بها.. فلماذا طبق القانون فقط على دار الوطن، ان كانت حقاً قد تلاعبت، ولم يطبق على الآخرين؟
نحن أمام فاصل قبيح من العمل الحكومي الفاسد، الذي تفوح منه رائحة المؤامرة، ولاندري هل انت ياسمو الرئيس مدرك لكل مانقول، ومدرك للمصير الذي يجرونك اليه وستدفع ثمنه مصداقيتك؟ نعم مصداقيتك فأنت رئيس الوزراء أما وزيرك الذي يلعب على كل الحبال فسيأتي يوم يدفع الثمن سياسياً عندما يقع من عليائه..مع أنه يبدو وديعاً ومسكيناً أمام الاعلام، ويتناسى انه هو صاحب كوارث المزارع والجواخير والعلاج في الخارج والداو وملفه متخم وطال الزمان أم قصر فلابد ان تفتح ملفاته!!

* فرج الله قريب وغاية أملنا ان يمن الله على الكويت بانقاذها من هذه الحكومة التي تقودها الى المجهول دون ان تكون واعية بأن كل عيوبها ومثالبها لا تنعكس على الشعب وحده وانما على النظام كله.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *