محمد الوشيحي

حتى الحيوانات لن تقبل

الله يرحم محمود السعدني، خفيف الطينة، خفيف الكلمة، خفيف الصياغة. كتب لنا عن حكايته وصديقه المدرس، عندما كان يجلسان في حانة، أيام الحكم الملكي. وفي الطاولة القريبة منهما “يربض” جاموس ضخم على هيئة جندي إنكليزي، بذراعين ضخمتين، ومنكبين متباعدين، يحيطان برقبة أشبه بالبرج… وإلى جانبه تجلس شابة حسناء.
كان الجاموس الإنكليزي نائماً، متوسداً ذراعه الضخمة، بعد أن أفرط في الشرب. وكانت عينا المدرس المصري، صديق السعدني، معلقتين بالفتاة، يغمز لها تارة، ويتبسم لها تارة، ويسبل عينيه لها تارة، وهي تتفاداه، إلى أن ضاقت ذرعاً به، فأيقظت المارد السكران، فسقط قلب السعدني، وسقط معه قلب المدرس، ونهض المارد غاضباً…
وبدأت المطاردة على الأرجل، ولا مطاردات هوليوود، وانطلق المدرس مذعوراً، يتبعه المارد الإنكليزي، ومن خلفهما محمود السعدني! ولشدة ذعر السعدني، لحق بالمارد إلى أن تجاوزه، ثم تجاوز صديقه المدرس، واختفى عن الأنظار.
وبالتأكيد لم يستمع ذلك المارد الإنكليزي إلى فتوى “الشيخ” ياسر البرهامي، ذي العينين الماكرتين، والابتسامة المريبة. وملخصها “إذا هاجم الأشرار زوجتك، وخشيت على حياتك، فاهرب وانفد بجلدك”. ثم إن الفتوى لا تسري على هذا المارد الإنكليزي، فهي ليست زوجته. ويا الله ما أكفر هذا الإنكليزي، فإذا كانت هذه ردة فعله دفاعاً عن صديقته، فما الذي كان سيفعله لو أنها زوجته؟ سحقاً لعضلات فخذه.
وبالأمس، انتشر مقطع فيديو، يظهر فيه شاب أشقر وبجانبه صديقته، الشقراء أيضاً، يمشيان في نفق، يبدو أنه لمترو الأنفاق. وفجأة ظهرت من خلفهما مجموعة من الشبان، اعتدت على الشاب، فهبّت الشابة للدفاع عن صديقها (أكرر كي يسمعني الشيخ الجليل ياسر برهامي: هبّت الشابة للدفاع عن صديقها. وكلمة “صديقها” ليست من عندي، بل هكذا تناقلتها وسائل الإعلام التي نشرت المقطع)، وكان واقعاً على الأرض، والشبان يركلونه، قبل أن ينهض ويتعارك معهم، إلى أن هربت المجموعة، مع وصول الشرطة.
لم يفعل الشاب والشابة فعلاً خارقاً للطبيعة، بل تصرفا بطبيعة البشر، التي يريد أمثال البرهامي، ذي العينين الماكرتين، أن نتخلى عنها. ولن أبالغ إن قلت إنها من طباع بعض الحيوانات أيضاً. ومقاطع الفيديو موجودة في اليوتيوب.
ولك أن تتخيل… البرهامي في محاضرة في إحدى جامعات أوروبا أو أميركا، ويدعو للاسلام، ويعدد فضائله، ثم يذكر فتواه الدنيئة! كيف ستكون ردود فعل الطلبة؟ وما هي الفكرة التي ستتشكل في أذهانهم عن الإسلام والمسلمين؟ وكم شتيمة سيتلقاها من الشابات قبل الشبان؟ وكم بصقة؟
كتبت هذا بعد أن شاهدت مقطع الشاب وصديقته. وصدق من قال “آفة هذا الدين من بعض أدعياء العلم فيه”.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *