علي محمود خاجه

بدهي

 كل ما يتطلبه الأمر  للاستفادة من سلعة السفر الكويتية تسهيلات معينة في حركة النقل الجوي، بحيث تستقطب شركات الطيران لتحط طائراتها في مطار الكويت بما أن الراغب في السفر مقيم في الكويت أصلاً، وهو سوق حيوي لشركات الطيران بالإضافة إلى توفير محطات جديدة للخطوط الكويتية تغني في أحيان كثيرة عن «الترانزيت». أعتقد بما يشبه اليقين أن أكثر ما ينفق عليه الكويتيون بعد الإيجارات السكنية هو السفر، فمطارنا التعيس يكتظ بالمسافرين مع كل إجازة متاحة سواء كانت الإجازة الأسبوعية أو العطل الرسمية، بمعنى أن ما تقدمه الدولة من رواتب ودعم عمالة وغيرها من أموال من ميزانيتها يتجه جزء كبير منه للسفر ويصرف في الخارج. على الرغم من هذه الحصة الكبيرة من الأموال المصروفة في الخارج فإن الدولة لا تكلف نفسها بأن تستفيد ولو بشكل بسيط من تلك الأموال، وأنا هنا لا أتحدث عن خلق أماكن ترويحية وسياحية تغني الناس عن السفر أو تقلل منه على الأقل، فالدولة بشكلها الحالي عاجزة عن تحقيق ذلك بكل تأكيد، فهي لا تملك لا التخطيط ولا الإرادة ولا الرؤية لإنجاز ذلك، ولا تشجع من يبادر لذلك طبعاً، رغم سهولة توفير مشاريع سياحية عائلية حقيقية في الكويت، فنحن نملك جزراً لا تستثمر سياحياً أبداً، ونملك صحراء تتسع لأفضل وأحسن المنتجعات، ولا يتطلب الأمر سوى بعض التسهيلات للشركات العالمية الكبرى لاستثمارها وتحويلها إلى بقاع يسعى الناس إليها، ولكني أكرر أني لن أتحدث عن ذلك طالما كان خطابي موجهاً إلى من لا يملك رؤية. حديثي اليوم عن أمر أبسط من ذلك بكثير، فبشهادة الجميع أن أكثر من يسافر من دول الخليج طوال العام بالنسبة المئوية هم الكويتيون، وعلى الرغم من ضخامة سوق السفر هذا والملايين التي يصرفها الكويتيون على تذاكر السفر فقط فإن مطار الكويت لا تنطلق أو تحط منه معظم الوجهات التي يرغب فيها الكويتيون!! فمعظم المحطات التي يرتادها الكويتيون طوال السنة لا تنطلق من الكويت، بل تستلزم أن يحل المسافر غالبا على مطارات الدول الخليجية للتوجه إلى المكان الذي يريده، فتكون تذكرة المسافر الكويتي في غالب الأحيان "ترانزيت"، وهو ما يعود بالفائدة طبعا على مطار "الترانزيت"، وعلى الناقل الجوي الذي يعزز وجوده في مطار الترانزيت؛ لشدة الإقبال بدلا من أن تستفيد الكويت من هذا الأمر. والمسألة لا تحتاج إلى فكر مستنير أو رؤية ثاقبة للاستفادة من سلعة السفر الكويتية، كل ما يتطلبه الأمر تسهيلات معينة في حركة النقل الجوي، بحيث تستقطب الكويت شركات الطيران لتحط طائراتها في مطارها بما أن الراغب في السفر مقيم في الكويت أصلاً، وهو سوق حيوي لشركات الطيران بالإضافة إلى توفير محطات جديدة للخطوط الكويتية تغني في أحيان كثيرة عن "الترانزيت". بهذه الحالة تستفيد الكويت من حركة الملاحة الجوية القائمة أساساً، وتستفيد منها دول الخليج، مع أن المستهلك كويتي أصلاً، وهو ما يجعل بعض ما يصرفه الكويتيون من ملايين يعود على الدولة، هذا من جانب ومن جانب آخر تكون الكويت وجهة للعديد من شركات النقل الجوي، وهو ما ينشط الحركة السياحية بشكل أفضل مما هي عليه حتماً ولو بنسبة بسيطة، وهو ما يعني أموالا أكثر تستفيد منها الكويت. ما أقوله لا يعدّ أمراً خارقا أو فكرة غير مسبوقة، بل يفترض أن تكون من بدهيات الأفكار، لكننا أحيانا قد نحتاج إلى طرح البدهيات لأنها في الغالب تكون غائبة عن أذهان أصحاب القرار.

سامي النصف

الوجه الآخر لغزوة غزة!

تنقل وكالة الفتح نيوز قصة أمير حمد (11 عاما) الذي قتل والداه في حرب غزة الأخيرة تاركين له 5 أشقاء هو أكبرهم، وقد التقته الوكالة وهو يحمل شقيقته لميـس ذات الأربعة شهور قائــلا إنه ســيعلمها أن تسميه ماما وبابا ويستدرك أمير قائلا: ببراءة إنه خائف ولا يعلم كيف سيواجه الحياة القاسية دون والديه؟ ومثل أمير هناك 1500 قصة مماثلة، فهذا عدد الأيتام الذي خلفته غزوة غزة الأخيرة يضافون بالطبع إلى من قبلهم.

****

وعلينا ونحن بصدد تقييم نتائج تلك الحرب التفريق بين الضرر «الدائم» والضرر «المؤقت»، فقد يكون هناك إسرائيليون قد تركوا منازلهم لفترة قصيرة «مؤقتة» ثم عادوا إليها دون أن يصيبها ضرر، بعكس ما حدث لـ 17 ألف منزل فلسطيني دمر بشكل «دائم» وقتل قاطنوه، بينما ثبت أن عشرين ألف صاروخ أطلقت من القطاع لم تستطع قتل إسرائيلي واحد تماما كحال صواريخ صدام، وقد أغلق مطار بن غوريون بشكل «مؤقت» كحال أي مطار يتعرض إلى ضباب كثيف، إلا أنه عاد لعملية التشغيل كاملة دون أن يستطيع الجانب المنتصر أن يفرض على الجانب الإسرائيلي المهزوم الالتزام بفتح مطار غزة بشكل «دائم» أو إنشاء ميناء أو إطلاق الأسرى وغيرها من مطالبات كان يمكن الحصول عليها ولربما أفضل منها دون حرب ومن خلال المفاوضات السلمية.

****

ويشهد القطاع عملية تذمر واسعة بسبب الاحتفالات وإطلاق النار وتوزيع الحلوى دون مراعاة مشاعر أهالي 2100 شهيد و10 آلاف جريح و17 ألف منزل مدمر، ويقول البعض من هؤلاء: لقد شهدنا منذ تسلمت حماس القطاع 3 حروب لم تحرر من خلالها أي أرض أو يُستجاب لأي مطلب، بل استمر الحصار وتحول القطاع إلى سجن بائس كبير على يد حماس وإسرائيل وحروبهما.

****

ويعتقد بأن الإعدام العلني لـ 18 شابا فلسطينيا يقصد منه إرعاب شعب القطاع كي لا يتذمر أو يثور، فتهمة العمالة البشعة تلصق دون محاكمة، وعمليات الإعدام العلني الجماعي جاهزة لمنع أي تساؤل عن ماهية وفحوى الانتصار في غزوة غزة، وقتلى الإسرائيليين 50 وقتلى الفلسطينيين 2100 شهيد، بدأت الاحتفالات ودماؤهم لم تجف بعد، وكأن أرواح الفلسطينيين لا بواكي لها، وأين الفرح وثلث سكان القطاع باتوا دون مأوى وآلاف الأيتام الجدد تم رميهم في الشوارع؟!

****

آخر محطة: هناك بالقطع انتصار كبير تحقق في غزوة غزة، والسؤال إن كان على إسرائيل أم على.. أهل غزة المنكوبين؟!

 

احمد الصراف

بداية الانهيار التركي

كانت تصرفات تركيا تجاه منطقة الشرق الأوسط بالذات، في السنوات العشر الأخيرة، مصدر تساؤل لدي، خاصة بعد ان رفض الاتحاد الأوروبي فكرة انضمامها إليه، ويا ليته قبل بذلك، لكان توجه تركيا اليوم مختلفا عما هو عليه الآن. حيرتي بددها مقال نشر في النيويورك تايمز، 28/ 8 بقلم بهلول اوزكان BEHLUL OZKAN، ذكر فيه أنه كان في أواخر عام 1990 يدرس لنيل شهادة في العلاقات الدولية من جامعة مرمرا، وأن واحدا فقط من بين كل اساتذته كان معارضا قويا لفكرة انضمام وانصهار تركيا في الاتحاد الأوروبي. وكان البروفيسور مميزا في مادته في الفلسفة الإسلامية والغربية. وكان يستمتع بقضاء ساعات في مناقشة اهتماماته مع طلبته. وكان يعتقد أن تركيا سوف تبرز كقائد للعالم الإسلامي، مستفيدة من موقعها الجغرافي، ومن فخرها بتراثها التاريخي. والآن، وبعد 14 عاما يصبح ذلك البروفيسور أحمت أوغلو Ahmet Davutoglu رئيسا لوزراء تركيا الجديد. والغريب، يقول بهلول، انهم عندما كانوا يستمعون للبروفيسور أوغلو كانوا يتخيلونه يتكلم عن قصص خيالية، وليس تحليلات سياسية، مستشهدا ببريطانيا التي خلقت امبراطورية، بعد خروجها من حروبها الأهلية في القرن 17، وألمانيا التي أصبحت قوة متحدة يحسب حسابها، بعد أن كانت متشرذمة، وبالتالي كان أوغلو يعتقد أن بوسع تركيا، التي كانت حينها تعاني من التضخم والنزاعات الداخلية والحرب مع الأكراد الانفصاليين، أن تصبح دولة قوية ومهابة. وقد وضع أوغلو أفكاره تلك في كتاب صدر عام 2000 بعنوان «استراتيجية العمق» وضح فيه ان تركيا لا تدرس التاريخ بل تقوم بكتابته، وهي دولة لا تقع ضمن المحيط الغربي، بل في قلب «الحضارة» الإسلامية! وهذا ما تنبأ به أوغلو، وسعى لأن تكون تركيا لاعبة رئيسية، تدير الآخرين، بدلا من أن تكون مخلبا. واليوم، وبعد ان اصبح الرجل الأقوى في وطنه، ينظر إليه الكثيرون، وربما ينظر هو لنفسه، كسلطان عثماني جديد، ووريث للسلطان عبد الحميد الثاني. ما يهمنا ذكره في مقالنا هنا، أن رئيس وزراء تركيا السابق، رجب طيب اردوغان، تأثر بنظرية «أحمت أوغلو»، وعمل بها، وعلى أساسها عين أوغلو وزيرا للخارجية، قبل أن يختاره رئيسا للوزراء، وإيمان اردوغان وأوغلو بدور تركيا الجديد، كزعيمة للعالم الإسلامي، سيجلب الخراب لمنطقتنا ولها، برأيي، فانغماسها الواضح في قضايا المنطقة المتشابكة وحروبها الدينية والطائفية، بعد أن أصبحت طرفا في كل نزاع، سيعجل حتما بخرابها، فهي ليست افضل من غيرها، ولا أقوى ممن حاولوا أن يكون لهم دور ففشلوا، يجرون أذيال الخيبة، تاركين وراءهم شعوبا مقهورة قبل وجودهم وبعد مغادرتهم. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

د. أحمد الخطيب

الربيع العالمي هو المستقبل… طال الزمن أم قصر

في مقال سابق، ذكرت أن فشل الثقافة العالمية المبنية على القتل والتدمير، التي سادت العالم كله منذ بدء الخليقة، لم يعد مقبولاً ولا معقولاً، فتُصرَف الأموال الطائلة لتدمير البشرية، بدلاً من أن تُوظَّف لإسعادها، وذكرت كذلك أن هذا يفسر سبب ثورة الشباب العالمي على هذا الوضع، وانخراطه في الالتحاق بالبدائل المطروحة على الساحة، فهناك بديل ديني، يمثله «داعش»، وبديل آخر، يمثله الربيع الشبابي العالمي.
الانتصارات المذهلة لـ«داعش» في العراق وسورية أبهرت الشباب العالمي المتعطش إلى التغيير، فهبَّ مشاركاً أو مساعداً لهذا المشروع. متابعة قراءة الربيع العالمي هو المستقبل… طال الزمن أم قصر