محمد الوشيحي

زاوية وطريقة

ماشي، كلنا متفقون على أن مطار الكويت أشبه بكراج في صناعية الفحيحيل، وأنه يطأطئ رأسه خجلاً عند مقارنته بمطار في منطقة نائية في بلد متوسط الثراء. وطبعاً من البجاحة مقارنته بالمطارات الرئيسية في الدول الأخرى… وكلنا متفقون أن طائراتنا “عزبة قوانيص”، ولن نندهش إن وجدنا في مقصورتها علبة ساردين، ودهن بريك منتهي الصلاحية، وعلبة معدنية تحوي مفكات و”لزّاقاً”، وقصافة أظافر، وعلبة كبريت، وبنادول نايت، وحبلاً أصفر مصنوعاً من النايلون، وطربالاً ووو… متابعة قراءة زاوية وطريقة

سامي النصف

الصهاينة العرب ظاهرة قديمة!

لنبدأ بتعريف صحيح لظاهرة «الصهاينة العرب» كي نعلم متى بدأت وتأثيرها على مسار الصراع العربي ـ الاسرائيلي طوال عقود، واعتقد ان التعريف العلمي والبديهي لذلك المسمى هو صحة اطلاقه على عرب، ومنهم الفلسطينيون بالطبع، يشاركون الصهاينة غير العرب رغبتهم في سفك الدم الفلسطيني وهدم مبانيه والتوسع على حساب اراضيه، لذا فمن يعمل على تحقيق ذلك الهدف تحت اي شعار اسلامي او قومي.. الخ فهو «صهيوني عربي» اشبه تماما بالصهيوني الاسرائيلي.

****

عبر تاريخ القضية الفلسطينية الذي يمتد لما يقارب القرن من الزمن، تلبّس «الصهاينة العرب» بلباس التشدد والمزايدة في الوطنية لخدمة الهدف السالف ذكره، لذا فحقائق التاريخ التي لا تكذب تظهر بشكل جلي ان ما دمر القضية الفلسطينية وخسّرها كل حروبها، وأسال دماء ابنائها، ورقص طربا على احتلال اراضيها وتهجير مواطنيها وهدم مبانيها، هم المتشددون والمزايدون والمطبلون واصحاب الاصوات العالية التي تسارع بعد كل هزيمة لتخوين الحكماء والعقلاء لمنعهم من إبداء آرائهم الممانعة للحروب وسفك الدماء وخسارة الاراضي عبر ادعاء الانتصارات الكاذبة والتقدم السريع لـ .. الخلف!

****

في العام 1937 رفض المتشددون والمزايدون من «الصهاينة العرب» قرار «لجنة بيل» الملكية البريطانية الذي دعا لانشاء دولتين فلسطينية على 90% من الارض ويهودية على 10%، وقبل اليهود برئاسة وايزمن ذلك القرار وراهنوا على رفض الجانب الفلسطيني المتشدد له، وهو ما تم، وطار زعيم التشدد امين الحسيني إلى هتلر وموسيليني ولم يستمع احد للحكماء الذين دعوا لقبول قرار اللجنة، ولم يحاسب المتشدد الحسيني قط على اجتهاداته الخاطئة، لذا عاد لتكرارها برفضه قرار التقسيم عام 1948 ودعوته للحرب وسالت الدماء وتمت خسارة المعارك والاراضي تحت رايات التشدد المعتادة التي يحمل راياتها.. الصهاينة العرب!

****

واستمر المتشددون في تدمير القضية الفلسطينية عبر انشاء المنظمات المتطرفة وخطف الطائرات والهجوم على المطارات والسفارات والدخول في حروب الاردن ولبنان والانحياز لصدام في قضية تحرير الكويت، ولم يحاسبهم احد قط على جرائمهم تلك، وآخر افعالهم خطفهم لـ 3 شبان اسرائيليين وعدم حتى محاولة تبادلهم مع الاسرى الفلسطينيين، بل تعمد قتلهم لاعطاء اسرائيل الذريعة اللازمة لشن الحرب على غزة وقاموا بإعلان الانتصار المسبق فيها، ثم وعد المتشددون من يناصرهم من الصهاينة العرب بأنها لن تكون الاخيرة بل البداية لسلسلة حروب قادمة سيسفك فيها الدم الفلسطيني انهارا وسيتم هدم ما تم بناؤه تحت رايات النصر الكاذبة والمخادعة، وبالطبع لن يسمح احد بالنقد او حتى التساؤل عن كيفية تعويض الـ 20 الف صاروخ التي اطلقت.. ولم تجرح أحدا!

****

آخر محطة:

1 ـ في كل حرب تدخلها اسرائيل وتنتصر فيها يتم خلق لجان تحقيق محايدة للمحاسبة وتحسين المسار في المرات المقبلة، لذا يتم تكرار الانتصار، في كل حرب يدخلها العرب ويخرجون منها وهم المقتولون والمأسورون ومدمرو البناء ومهدورو الدماء يتم اعلان النصر بشكل سريع كي لا تتم محاسبة القصور، لذا تتكرر الهزائم، وفي هذا السياق هل حوسب من امر بخطف وقتل الشبان الثلاثة؟

2 ـ ذكرت صحيفة «الفايننشيال تايمز» في عددها امس ان اكبر الرابحين من حرب غزة هم المتشددون في الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، واكبر الخاسرين هم المعتدلون مما يمهد لاستمرار الحروب..!

3 ـ العقلاء والحكماء والليبراليون العرب هم آخر من ينطبق عليهم مسمى «الصهاينة العرب» كونهم المطالب الاول بمنع الحروب غير المتكافئة ووقف سفك الدم الفلسطيني وهدم مبانيه.

احمد الصراف

أنا ولبنان وطوائفه

تقول الكاتبة اللبنانية منى فياض «.. اللبناني، ولأية طائفة انتمى، يشعر بالتميز كونه لبنانياً، حتى لابسات الشادور لديهن هذا الشعور، وعرفته منهن»! وكلام الزميلة جميل، ولكني سبقتها لهذا الاكتشاف الطريف بستين عاما تقريبا، يوم وقعت في حب لبنان، واللبنانيين في صيفية عام 1956، يوم سكنت في بيت «البدر» في ضيعة بحمدون، ومن يومها صار «القمر» أحلى. وتضيف منى قائلة: يعرف اللبناني أنه ينتمي إلى وطن مختلف عن محيطه، إن كان باسلوب معيشته، بصحافته ودور نشره وإعلامه ومطاعمه ومقاهيه وملاهيه الليلية. وعندما ينظر إلى الصبايا والشباب، يلمس شعورا بالانطلاق والانفتاح والتكيف والحرية في اختيار الأسلوب الذي يعيشونه. وهذا ما خبرته شخصيا على مدى العقود الستة الأخيرة، عندما التقيت وتعرفت وعاشرت وصاحبت المسيحي والشيعي والسني والدرزي، تجارا وكتبة ومفلسين، واصحاب مطاعم، و«شوفيرية تكسي» وكان من الصعب في غالبية الحالات التفريق بين تصرف المليونير وتصرف المديونير، فالكرم والنخوة هما اللذان كانا يجمعان صبي البقال بمدير البنك، بصاحب البنسيون بمدير الكافيه.. ولكن يجب الاعتراف أن كل ذلك، كان في طريقه للزوال، بحكم الزمن والحرب الأهلية وتزايد السكان وغيرها من أسباب لا تعد ولا تحصى، ففيروز اصبحت لا تعني الكثير ودوالي العنب لا يطرب الغناء تحتها وجرود بعلبك أصبحت جرداء أكثر ومأوى للمجرمين، وصنين الجبل أصبح منطقة عسكرية، وقمر مشغرة اصبح مغبرا من التلوث، ولكن مع كل ذلك يبقى وجه لبنان العتيق، لبنان المحبة والتسامح والجمال، طالما بقي مسيحيه فيه، فإن هم ذهبوا فسيذهب الأكثر معهم، وسيمحى كل ما كتبت منى فياض وغيرها عنه، وستغيب كل معاني كلمات فيروز وستتخشب قامات أو «كسم» الصبايا، وسينشف الماء من الدوالي، وستخلو الضيعة من أهلها ومن «قهوة الصبحية». هذه، بنظري الشخصي، حقيقة لا استطيع نكرانها، فإن كان أجمل ما في لبنان تنوعه الثقافي والمذهبي والديني والاثني، فإن مسيحييه يبقون زهرة ذلك التنوع، والحضن القادر أكثر من غيره على العطاء الفني والثقافي، والأكثر ترحيبا بالسائح والزائر والمريض والباحث عن الترفيه والتعليم والخبرة بالحياة. فكلما ضاقت بنا السبل في اوطاننا، كما تقول منى، فليس لنا غير لبنان الغني المتنوع والوجه المسيحي المشرق والمضيء، فهو بلد المسيحيين العرب الأول.. بلد الأقليات المتعددة المتعايشة جنباً إلى جنب.. المتقاسمين معا اللقمة والسلطة، في أصغر دولة عربية وأقلها موارد وأكثرها هشاشة.. وعطاء! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com