سامي النصف

ماذا حدث للطائرة الآسيوية QZ8501؟!

مع اختفاء الطائر الآسيوية (AIR ASIA QZ8501) عاد الهلع غير المبرر لدى بعض العامة من عمليات النقل الجوي الذي تثبت الأرقام أنه- حتى أجل غير مسمى- الوسيلة الأكثر أمانا في الانتقال، حيث إن احتمال وقوع حادث فيها للراكب هو 1 إلى 45 مليونا، كما أن مجموع عدد ضحايا حوادث الطيران خلال 55 عاما الماضية (1959 – 2013) يقارب 29 ألف ضحية، وهو أقل من عدد ضحايا الطرق في عام واحد في بلدان مثل باكستان (30 ألف ضحية) أو الولايات المتحدة (36 ألفا) أو الهند (245 ألفا) أو الصين (275 ألفا) أو حتى مجموع حوادث السير لدى الجارين إيران (20 ألفا) والعراق (10 آلاف).

****

ولو قسّمنا تلك الحوادث النادرة في عالم الطيران على مراحل الرحلة لوجدنا أن عملية التحرك على الأرض من مبنى الركاب الى الممر والعكس تتسبب في 10% من مجموع الحوادث (حريق، اصطدام بطائرة أو سيارة أو مبنى)، وعملية الإقلاع 30%، والاقتراب والهبوط 50%، وتتبقى فقط 10% هي احتمال وقوع حادث لطائرة مستقرة على ارتفاعها المقرر كحال الطائرة المختفية الأخيرة لأسباب عدة، منها بعدها عن الأرض وقلة ازدحام الأجواء بالطائرات كالحال عند الإقلاع والهبوط، كما ان المحركات لا تعمل بأقصى طاقتها في تلك المرحلة والأجواء باردة.

****

وتستلزم المعرفة الدقيقة لأي حادث وجود الحطام والصندوق الأسود، ومع ذلك فالمعطيات القائمة تظهر وجود سلسلة من الغيوم الرعدية الضخمة المليئة بالمياه والثلوج (C.B) التي حاول الكابتن الإندونيسي اريانتو الذي لديه 20 ألف ساعة طيران وخبرة بالأجواء في تلك المنطقة تفاديها، والحوادث لا تقع في العادة لسبب واحد كالدخول وسط تلك الغيوم، بل يجب أن تصاحبها أخطاء أخرى ميكانيكية وبشرية لتقع الكارثة كما تم على سبيل المثال مع الرحلة الفرنسية 447 المتجهة من البرازيل إلى فرنسا عام 2009، وفي نفس الأجواء والمرحلة من الطيران.

****

وفي انتظار الوصول للحطام وللصندوق الأسود يتبقى بعض القضايا المهمة، أولها إذا ما افترضنا وقوع أحوال جوية شديدة السوء أدت إلى وقوع أعطال بالطائرة وأعطال وأخطاء مصاحبة، فلماذا لم يتحدث بها الطيار إلى البرج معلنا حالة الطوارئ؟! كذلك معروف أن بالطائرة جهازا يبعث إشارة طوارئ (E.L.T) يعمل حالة اصطدامها بالماء، وهو ما يسهل عملية الوصول إلى موقعها بسرعة، إضافة إلى ما يطفو من كراسي وجثث، فلماذا لم يستدل على شيء منها حتى صباح الأمس (بعد الظهر في منطقة الحادث)؟!

****

آخر محطة: (1) أحد الأمور التي تختلف اجتهادات وقدرات الطيارين فيها هو كيفية تفادي الغيوم الرعدية الضخمة التي تمتلئ بها منطقة خط الاستواء (الرحلة كانت من ساربيا جنوب خط الاستواء إلى سنغافورة شماله)، وكانت مليئة بالركاب (155 راكبا + 7 طاقم) كما كانت تحمل وقودا يكفي لـ 4 ساعات، أي ضعف زمن الرحلة، أي ان الطائرة ثقيلة جدا، والارتفاع بها كما ذكر إلى 38 ألف قدم- حيث تخف كثافة الهواء- يجعل تعرضها لمطبات قوية في وضع حرج جدا (COFFIN CORNER) ويمكن أن يحدث لها ما يسمى بالانهيار (STALL).

(2) ينتظر صدور تعليمات ملزمة من سلطات الطيران المدني بالعالم لشركات الطيران كي تحتوي الطائرة المدنية على ما يمكن من خلاله تحديد موقع كل طائرة طوال الوقت، كي تختفي ظاهرة اختفاء الطائرات أو إضاعة الأوقات الثمينة والموارد في البحث عنها.. وللمعلومة تلك الأجهزة موجودة في معظم الطائرات الحربية منذ الستينيات.

(3) من الصعب على طائرة قصيرة المدى- كحال الطائرة الآسيوية- أن تكرر ما حدث للطائرة الماليزية المختفية منذ مارس الماضي، وإن كان ملء خزانها بالوقود كما حدث وارتفاعها إلى 38 ألف قدم، إن تم يمكّنها من إطالة أمد الرحلة.

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *