شملان العيسى

معالجة وحشية الإرهاب

الجريمة البشعة والوحشية التي ارتكبت ضد الشهيد الطيار معاذ الكساسبة تفضح طبيعة تنظيم الدولة الاسلامية التي يحلم المتاجرون بالدين بتحقيقها في الوطن العربي، لا توجد دولة في العالم تمارس هذه القسوة والابادة الجماعية ضد من يخالف قاعدتها بالرأي مثل تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وبعض الانظمة الاستبدادية العربية التي تشن حملات قتل وابادة يومية ضد شعوبها.

لقد اثبتت الاحداث منذ بروز هذه الدولة المسخ ان القائمين عليها لا علاقة لهم بالدين الاسلامي ولا غيره بل هم مجموعة من القتلة والمجرمين والمرضى النفسيين الذين يستحقون ملاحقتهم والقضاء عليهم.
السؤال، ما العوامل المغذية للعنف والكراهية في مجتمعنا العربي؟ ولماذا يفضل البعض منا كراهية الحياة وحب الموت حيث يفضلون قتل انفسهم وقتل الآخرين من الابرياء لمجرد الاختلاف في العقيدة او الرأي او المذهب او حتى الجنسية؟ من اين جاءت ممارسات وافكار هؤلاء المرضى النفسيين والمجرمين.. خصوصا انهم يدعون انهم يطبقون شرع الله حسب منظورهم ورؤيتهم المنحرفة؟ يخطئ من يظن ان ممارسة الافكار الارهابية من قتل وتشريد وابادة وحرق للاطفال والنساء وكبار السن والاقليات محصورة في تنظيم الدولة الاسلامية، فالمتطرفون الطائفيون موجودون في بعض الدول العربية مثل سورية والعراق واليمن وليبيا والصومال والسودان، ما حصل في قرية براونة في ديالى في العراق من خطف الرجال وقتلهم بالجملة هو صورة مصغرة لتصرفات تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في سورية والعراق.
فالميليشيات او – الحشد الشعبي – الشيعي في العراق لا تختلف ممارستهم عن داعش فمنهم من يقتلون ويقطعون الرؤوس ويسحلون الجثث بالسيارات ويمارسون التطهير الطائفي ضد سنة العراق باسم محاربة داعش.
ما الدروس التي يمكن الاستفادة منها لمحاربة ظاهرة الكراهية والعنف في مجتمعاتنا العربية؟ اول الدروس المستفادة هو انه لا مكان للاعتدال والمعتدلين في مجتمعنا من دون وجود دولة مدنية ديموقراطية قانونية لا تزج الدين بسياسة الدولة.
يؤكد انتشار وتنامي معدل الكراهية في مجتمعاتنا العربية تراجع قيم التسامح والتعايش واحترام الآخر والعفو عنه.
كان الدكتور عبدالحميد الانصاري محقا في طرحه في كتابه ثقافة الكراهية حيث اعتبر الارهاب من اخطر مراحل الكراهية، والكراهية هي احد التجليات السلبية لرفض الآخر ونرفضه لاننا نكرهه بسبب اختلافه عنا، جريمة داعش الشنيعة هي قمة الكراهية التي ادت لبروز ردود فعل قوية ضدها من جميع شرائح المجتمع الاوروبي، المصيبة ان رد الفعل القوي ضد التنظيم ادى الى ولادة روح الانتقام لدى الشعب الاردني المفجوع مما يشفي الغليل مؤقتا لكن لا يخلق مجتمعا عربيا متسامحا.. المطلوب عربيا تعزيز ثقافة التسامح والاختلاف مع الآخر والسمو عن الآلام التي سببها لنا الآخرون.نأمل ألا تتحول ثقافة الكراهية الى ثقافة مجتمعية تدمر مجتمعاتنا العربية.

د.شملان يوسف العيسى

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

شملان العيسى

دكتور بالعلوم السياسية في جامعة الكويت

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *