علي محمود خاجه

لا يغركم

كلما اقترب موعد الانتخابات تزايدت وتعالت التحليلات الانتخابية والاستطلاعات المزعومة لتحديد المتنافسين والضامنين لمقاعدهم داخل المجلس المقبل، فتكون نتيجة ما نشاهده من استطلاعات وتحليلات هو تأثر الناخب بمحتواها في كثير من الأحيان، واتخاذ القرار بالتصويت لمرشح ما على ضوئها.

ولأننا في عالم التكنولوجيا، حيث أصبح لكل فرد، أياً كانت نواياه أو سنه أو أفكاره، وسيلة إعلامية قائمة بحد ذاتها ينشر ما يشاء ويدلي بما يشاء أمام شرائح كبيرة من الناس، فإن ما بات يُنشَر اليوم، خصوصاً عبر وسائل التواصل، لا يعدو أن يكون أوهاماً قد تكون مطعّمة بحقائق أحياناً ليسهل تصديقها، وهي أوهام إما أن ترتكز على العنصر المادي أو على طموح وتمنيات خاصة.

ولأوضح الفكرة بشكل أكبر؛ فقد اتجه المرشحون ومفاتيحهم في هذه الانتخابات إلى وسائل التواصل بشكل أكثر كثافة، حتى باتت أسعار الإعلان لدى بعض الحسابات في وسائل التواصل تفوق حتى أسعار الإعلان الصحافي والتلفزيوني.

على سبيل المثال، حساب في “تويتر” يتابعه آلاف الأشخاص يقوم المرشح بالاتصال به عارضاً عليه مبلغاً كبيراً من المال مقابل التسويق للمرشح بشكل أو بآخر، دون الإشارة إلى أن هذا التسويق مدفوع الأجر، كتغطية تصريحاته وتحركاته أو التلميح بمدى قبوله بين أبناء الدائرة وغيرها من أمور، فتكون النتيجة هي التأثير على الناخب الذي قد يعتقد بالمرشح ما ليس فيه، خصوصاً فيما يتعلق بوضعه الانتخابي.

لهذا فإنكم قد تجدون اليوم حساباً ليبرالياً ينشر تصريحات طائفية على لسان مرشح ويسوق لهذا الطرح أو حساباً إخبارياً ينشر استطلاعات رأي تبين قوة مرشح معين على عكس الواقع، فكل ما عليكم هو تجاهل كل تلك الأمور فإن معظمها مفتعل وغير واقعي.

هذا من جانب، أما من جانب آخر فهو ما تشهده وسائل التواصل من انتشار كبير لأسماء المرشحين الشباب تحديداً، والذين أتمنى فوز الكثير منهم، غير أن هذا الانتشار أيضا في وسائل التواصل لا يعكس القوة الفعلية لهم ولا يضمن لهم النجاح، فهذا الانتشار سببه الرئيسي أن غالبية مستخدمي وسائل التواصل هم من فئة عمرية مقاربة لأعمار المرشحين، فنجدهم أكثر نشاطاً وحيوية من غيرهم، وهو أمر قد لا ينعكس على الصندوق أيضاً.

كل ما أرغب في إيصاله من خلال هذا المقال هو أن يعزل الناخب نفسه عن المؤثرات الإعلامية الجديدة التي قد توحي بما هو ليس حقيقياً، فينصرف قراره عن اختيار مرشح معين بحجة أن الاستطلاعات المنشورة لا تدعّم حظوظه في الفوز، لمجرد أنه لم يخصص مبلغاً مالياً لشراء بعض الحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي.

ضمن نطاق التغطية:

أعتقد بضرورة سن قانون يحدد ميزانيات الحملات الانتخابية كي يتسنى للجميع أن يحظى بنفس الفرصة لتسويق أطروحاته، وألا تظلم الكفاءات، لأنها لا تستطيع مجاراة الضخ المالي لمرشحين آخرين في الانتخابات.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *