علي محمود خاجه

GID

ابحثوا عن هذه الحروف المختصرة لـGender Identity Disorder أو اختلال الهوية الجنسية، وينص تعريف (GID) على أنه “هو التشخيص الرسمي المستخدم من علماء النفس والأطباء لوصف الناس الذين يعانون اضطرابا ملحوظا بالهوية مع الجنس الذي تم تحديده لهم عند الولادة”.

هذا الاضطراب ينتج عن أسباب نفسية وبيولوجية أيضا، بمعنى أنه في كثير من الأحوال لا يكون لصاحب هذا الاختلال دور أساسي فيه، بل للظروف المحيطة من أسرة ومجتمع، وأحياناً التكوينات الجينية أيضاً تتسبب بهذا الوضع الذي يتوجب عليه أن يعيشه أو يتعايش معه طيلة حياته.

بمعنى آخر إن هذا الاختلال شأنه شأن الكثير من الحالات التي يتعاطف معها المجتمع في غالب الأحيان من اختلالات نفسية، كصعوبة النطق مثلا أو الاختلالات الجينية التي تسبب الإعاقة في بعض أعضاء الجسد، إلا أن اختلال الهوية الجنسية لا يحظى بهذا التعاطف نفسه، بل يقابل بالغضب والسخط والإساءة من الناس في مجتمعاتنا تحديدا لأننا نشأنا على أن الرجل رجل والمرأة امرأة، ولا نقبل بأي حلول وسط، وأي استثناء عن تلك القاعدة يعتبر شذوذاً غير مقبول ويدعو إلى الخجل أيضا.

هذا التعاطي الساخط من الناس تجاه هذا الاختلال تحديدا أمر لا أفهمه خصوصا مع الإقرار العلمي بأن هذا النوع من الاختلال موجود، ولا علاقة في كثير من الأحيان للفرد به!!

قد أتفهم أن نرفض كأفراد أن يكونوا مضطربي الهوية الجنسية في دائرة صداقتنا، وهو أمر لا بأس به، فلكل منا حريته في اختيار دائرة علاقاته الاجتماعية غير المرتبطة بالقرابة أو الدم، أما أن نعلن رفضنا لوجود أصحاب هذا الاضطراب في المجتمع رغم معرفتنا المسبقة بأن كثيراً منهم لا علاقة لهم بحالاتهم، فهذا إقصاء غير مفهوم أبدا.

وحتى إن تغاضينا عن الجانب الاجتماعي وسوء التعاطي المجتمعي مع أصحاب هذا الاختلال نتيجة لما نشأ عليه هذا المجتمع من عدم قبول لأي أمر مختلف عن كون الرجل رجلاً والمرأة امرأة، فكيف لنا أن نقبل بأن تتعاطى الدولة بمؤسساتها المختلفة مع هذا الاختلال على أنه جريمة، وعدم توجيه تلك الحالات لوزارة الصحة بمختلف مؤسساتها العلاجية لتحديد كيفية التعاطي مع هذا الاختلال؟

نعم قد يلجأ بعض أصحاب اختلال الهوية الجنسية إلى عمليات جراحية في الخارج في سبيل أن ينسجموا مع هوية جنسية محددة، على أمل أن يسهم ذلك في حل الاضطراب، وهو أمر قد يلجأ إليه الكثيرون لمعالجة أي مشكلة جسدية يعتقدون أنها مزعجة، وانتشار عيادات التجميل والتنحيف في الكويت يثبت ذلك، وهو أمر مشروع في الكويت على الرغم من أن كثيراً من حالات السمنة مثلا لا أسباب نفسية أو جينية مرتبطة بها، كل ما في الأمر أن صاحبها يحب أن يأكل كثيرا ويكره الرياضة، ومع هذا نتقبل بل نشجع أحيانا على تلك العمليات التجميلية.

أعتقد أن مسؤولية الدولة اليوم هي إعادة تعريف بعض المفاهيم المغلوطة للمجتمع من جانب ومؤسسات الدولة من جانب آخر، فما يثبت علمياً أنه مرض أو اختلال نفسي يجب أن نتعامل معه وفق هذه الحقيقة، وإن لم تعجبنا، أما أن نحدد ما هو مرفوض أو مقبول وفق فهمنا القاصر فهو أكبر جريمة.

خارج نطاق التغطية:

حقق اللاعبون الكويتيون أفضل إنجاز أولمبي في تاريخ الكويتيين في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 (ذهبية وبرونزية) علما أن هذه الأولمبياد شهدت أقل عدد ممكن للوفود الإدارية (إن وجدت أصلا) التي ترافق اللاعبين، علتنا في كل المجالات ليست الكفاءة بل الإدارة، فالكفاءة موجودة والإدارة تدمرها.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *