غنيم الزعبي

الدين والمرض.. وسلامتكم

سنويا وغالبا في نهاية ديسمبر وبداية السنة الجديدة تتكرر القصة الحزينة نفسها. يقوم قطاع الشؤون الإدارية في الوزارات والمؤسسات الحكومية بإعداد قوائم للموظفين الذين تجاوزت خدمتهم الـ 30 سنة، وذلك لتقديمها لمكتب الوزير ليصدر قرارا بإحالتهم للتقاعد تطبيقا لقانون الخدمة المدنية الذي ينص على إحالة كل من خدم 30 سنة الى التقاعد.
وأيضا في نفس هذه الفترة تكثر زيارات النواب والوسطاء لمكاتب الوزراء لاستثناء هذا الموظف من التقاعد وتمديد خدمته سنتين أو ثلاث والأعذار والمبررات أيضا هي نفسها عليه أقساط عليه ديون والراتب راح يطير ربعه عند التقاعد بسبب خصم البدلات.

تصوروا موظفا خدمته أكثر من 30 سنة وعمره فوق الـ 55 سنة وما زال مديونا.

ولكن مرض الديون والأقساط لا يقتصر على هؤلاء، فالشعب الأغلبية الساحقة منه مبتلاة بهذا الداء، بل وحسب إحصائيات وزارة الداخلية فهناك ربع مليون منع سفر على الكويتيين بسبب التخلف عن دفع أقساط القروض.

ومحادثة قصيرة مع أي موظفة من قسم الرواتب تبين لك مدى انشغال الكويتيين بتفاصيل رواتبهم من علاوات وزيادات واحيانا خصومات ونقصان بسبب الغياب او الإجازات.

ولا استثناء في هذا الأمر بين الموظف القيادي الذي راتبه 3000 او الموظف حديث التعيين الذي لا يتجاوز راتبه ألف دينار. كلهم يسألون ويستفسرون ويغضبون «ليش ما نزلت البدل الفلاني؟ ليش خصمت 42 دينارا؟».

هوس وانشغال دائم بالمعاش ومتى يصرف المعاش وليش تأخر المعاش؟ كل هذا بسبب آفة الديون والقروض التي حولتنا إلى ناس مشغولين ومهمومين وقلقين طوال الوقت.

أما بخصوص الصحة فرحلة صغيرة للمستوصف أو عيادات المستشفيات الخارجية تبين لك أن الآية انعكست في عصرنا فأغلب المراجعين شباب صغار السن، وإحصائيات وزارة الصحة تقول: ربع الشعب لديهم سكر وثلثاه لديهم اضطرابات نفسية. ومع العادات الغذائية السيئة وقلة الحركة توطنت في الكويت عشرات الأمراض الباطنية وأصبحنا ننافس باقي دول العالم في نسبة المرضى.

أحد اسباب قلة الحركة هي أن الشوارع اصبحت عدائية ومفترسة للمشاة فهي إما تقف بجانبها سيارات او تمشي بوسطها سيارات.

لا مجال للمشي فيها إلا لخفيف الحركة وسريع البديهة يناور بجسمه بين السيارات الواقفة والماشية. وهو أمر يجب ان ينظر له بجدية حين يتم تصميم المدن والمناطق الجديدة.

نقطة أخيرة: أتمنى تركيز الحكومة على هذين الأمرين (الدين والمرض) فهما السبب الرئيسي في أغلب مشاكل الشعب.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

غنيم الزعبي

مهندس وكاتب
twitter: @ghunaimalzu3by

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *