احمد الصراف

«مرا ببوس»

لم تؤثر أغنية في وجدان الشعب الإيراني طوال نصف القرن الماضي، كما أثرت أغنية «مرا ببوس»، التي ترنم بها كبار مطربي إيران، والسبب لا يعود فقط إلى جمال كلماتها، ولحنها المميز، بل لما رافق التغني بها من إشاعات عن ظروف تأليفها في تلك الأيام الصعبة سياسياً ومعيشياً التي سادت إيران، بعد أن نجحت مخابرات أميركا وبريطانيا في الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء الإصلاحي محمد مصدق عام 1953، وأعادت محمد رضا إلى الحكم، وهذه جميعها ساهمت في رواج الأغنية.

يقول الزميل البحريني عادل محمد إن قصة أغنية «مرا ببوس» تعود إلى الأعوام التي تبعت الانقلاب على مصدّق، والضربات الموجعة التي تلقتها القوى الوطنية واليسارية من السافاك، أو المخابرات، وما ساد إيران حينها من أجواء رعب وخوف. ففي تلك الظروف المحتقنة ظهر في بازار طهران صاحب محل بلوريات يسمى «حسن گل نراقي»، وكان إنساناً متواضعاً ولطيفاً يهوى الترنم بالأغاني القصيرة، فغنى يوماً بين أصحابه أغنية «مرا ببوس»، أو قبّليني، فنالت إعجابهم، وسرعان ما انتشرت بين الناس، من دون أن يعرفوا مؤلفها، واعتقد كثيرون أنه «عزت الله سيامك»، أحد قياديي التنظيم السري لحزب توده اليساري، وأنه ألفها من أجل ابنته قبل اقتياده للإعدام، ولكن اتضح في ما بعد أن كلمات الأغنية كانت ضمن قصائد شعرية لــ«حيدر رقابي»، الذي كان شاعراً ومناضلاً وطنياً، وأنه أنشدها لخطيبته قبل هروبه من السافاك إلى أميركا.
توفي رقابي عام 1987، كما توفي معظم من غنى أغنيته، التي بقيت حية ولسان حال المظلومين، وستبقى خالدة في ذاكرة الإيرانيين إلى الأبد، خصوصاً بعد أن أصبحت غالبية نخبتهم تعيش في الشتات.
وبطلب من الزميل عادل، قام الكاتب البحريني محمد كمال بوضع الترجمة التالية للأغنية من النص الإنكليزي:
قبليني قبليني لآخر مرة
في حفظ الله وداعاً
فإني مُتَّج.ه صوبَ المصير
ربيعنا قد مضى ماضينا قد مضى
فإني أبحثُ عن مصير
في وسط الطوفان مع البحَّارة صَفاًّ
نَزْهَدُ الحياةَ لنعبرَ الطوفان في أواسط الليالي
عندي مع الحبيبة عهود كي أشعل الجبال ناراً، آه
ليلةٌ سوداء أشُدُّ الرحال من دربٍ مظلم أباشر العبور
يا وردتي تَرَفَّق.ي دموع الحزن امسكي من اجلي لا تسكبي
قبليني قبليني لآخر مرة في حفظ الله وداعاً
فإني مُتَّج.هٌ صوبَ المصير ربيعنا قد مضى
ماضينا قد مضى فإني أبحثُ عن مصير
فتاتي الجميلة من بريق محياك
ودمعك البريء تَنَوَّرَتْ ليلتي الوحيدة
قبليني قبليني لآخر مرة في حفظ الله وداعاً
فإني مُتَّج.هٌ صوبَ المصير 
ربيعنا قد مضى
ماضينا قد مضى
فإني أبحثُ عن مصير.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *