احمد الصراف

خطورة تربية الطفل

لأول مرة في تاريخ القضاء الكويتي، وضمن حيثيات الحكم الذي صدر بحق المتهمين بتفجير مسجد الصادق، لفتت محكمة الجنايات نظر الحكومة إلى ضرورة تعديل المناهج الدراسية بغية تجفيف منابع الفكر التكفيري. وان عليها تكريس روح الوحدة الوطنية، وترسيخ مبادئ قبول الرأي الآخر، مهما كان.

***
الإنسان ابن بيئته. فهو يحب ويكره ويأكل ويرتدي ويتأثر، بدرجة أو بأخرى، بالبيئة وظروفها، وتقدمها وتأخرها، وفقرها وغناها. وقد بين بحث علمي، نشر مؤخرا في «لوس انجلوس تايمز»، أن تربية الأطفال بطريقة علمانية، من دون ربطها بعقيدة ما، قد تكون أفضل لصحة الأطفال العقلية مستقبلا. a secular upbringing may be healthier for children. كما تبين من دراسة أجرتها «جامعة دوق» المعروفة عام 2010، أن الأطفال الذين تتم تنشئتهم في بيئة اقل تشددا دينيا يكونون عادة أقل عنصرية من غيرهم، وأقل ميلا للانتقام من اقرانهم، وأقل تطرفا في آرائهم، وأقل ميلا للتصرف بطريقة عسكرية وأقل تقبلا للسلطة المطلقة، كما أنهم، في المتوسط، أكثر تسامحا من غيرهم.
واظهرت دراسة أخرى أن نسبة الأسر الأميركية التي لا تربط نفسها بكنيسة معينة، قد ارتفعت لتصل إلى %23 بعد أن كان عددها في الخمسينات لا يتجاوز %4. وبينت الدراسة أن الاسر الأكثر ميلا للعلمانية ينشأ أبناؤها ضمن مبادئ أخلاقية واضحة يكتسبونها من والديهم. كما أن حياتهم عادة ما تكون مليئة بأهداف حية، ويتميزون باتجاهات اخلاقية واضحة. وقد يكمن السبب في أن الأسر العلمانية لا تلجأ عادة الى طريقة الترهيب والتحذير المعتمدة على الخوف من قوى غيبية، وتطبيق قاعدة الحلال والحرام بقدر اعتمادها على المنطق ومصلحة الأسرة والمجتمع في الترغيب في القيام بواجب او عمل ما، أو النهي عنه!
كما بينت دراسات اخرى أكثر جدية أن العلمانيين كانوا دائما أقل من غيرهم، نسبة إلى عددهم، بين اصحاب السوابق، أو نزلاء السجون.
وبينت دراسة مستقلة اخرى أجرتها جامعة بوسطن أن الأطفال الذين ينتمون لأسر أكثر تشددا دينيا، يعتبرون اقل قدرة من غيرهم على التمييز بين الحقيقة والخيال في الكثير من الأمور، وهذا امر مقلق لأنه يسبب بلبلة ذهنية لهؤلاء الأطفال، ويحد من قدراتهم في التمييز بين الأمور.
الخلاصة أن المجموعات المتدينة ترفض غالبا المبدأ الإنساني الأهم المتعلق بطريقة التعامل مع الآخر، وهي أننا يجب أن نعامل الآخرين كما نحب منهم معاملتنا. فبالرغم من قدم ومنطقية هذه القاعدة، فان الواقع يظهر صعوبة أو استحالة العمل بها في المجتمعات المتخلفة، التي تعتقد غالبيتها انها على حق في كل شيء، وعلى الآخرين اتباعهم، أو الفناء، وبالتالي هم يكرهون للآخرين ما يحبونه لأنفسهم!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *