عبدالله النيباري

عندما يصبح السفير الإيراني مندوباً سامياً!

ابتداءً، فإن التعميم مرفوض، ولا يجوز أخذ جماعة أو قبيلة أو طائفة أو أي مكون اجتماعي بجريرة قيام أفراد، أو زمرة، بعمل إجرامي من شأنه الإضرار بمصالح المجتمع، أو تهديد أمنه ونظامه السياسي.
ففي جريمة تفجير مسجد الإمام الصادق، لم يعمم أحد على مؤاخذة السُّنة أو المكون القبلي، وكان موقف تضامن السُّنة، وإبداء مشاعرهم في مواكب العزاء، البلسم الذي أطفأ نار الفتنة، وأكد التلاحم بين جميع، أو على الأقل الغالبية العظمى من مكونات المجتمع، ونتمنى أن نرى الموقف نفسه في قضية ضبط ترسانة الأسلحة والمتفجرات في منطقة العبدلي.

بيان استفزازي

البيان الصادر عن السفارة الإيرانية، واحتجاجها، لعدم إفادتها باعتقال مواطن إيراني ضمن مجموعة خلية العبدلي، ليس بياناً استفزازياً تجاوز أبسط قواعد الأعراف الدبلوماسية فحسب، وفق رد وزارة الخارجية الكويتية، بل هو أكثر من ذلك، فسفير الجمهورية الإيرانية يتصرَّف، كأنه المندوب السامي، وفق التقاليد البريطانية الاستعمارية… وإذا كانت السفارة تستند إلى اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963، فإن هذه الاتفاقية لا يوجد فيها ما يفرض على الدولة المضيفة إبلاغ السفارات بشأن إجراءات تمس مواطنيها، فقد نصَّت الاتفاقية على أن إخطار السفارة يتم بناءً على طلب الشخص المحتجز.
تسفيه بيان السفارة للإجراءات المتخذة تجاه أفراد خلية العبدلي، بوصفها ما جاء في بيان النيابة العامة عن دور مزعوم، واستهداف إيران بتهم واهية، لا يمكن وصفه إلا بأنه استخفاف بالنيابة والقضاء والهيئات الكويتية.

مخطط أكبر

اكتشاف ترسانة الأسلحة في العبدلي، والمعلومات المتوافرة حتى الآن عن أفراد الخلية، وعلاقتهم بجهات خارجية، مثل «حزب الله» أو أطراف إيرانية، يُعد أمراً خطيراً جداً، بل ربما أخطر مما تعرَّضت له الكويت من أعمال إرهابية في السابق، فكميات الأسلحة والمتفجرات وأنواعها لا توحي بأنها أعمال فردية، لتفجير مبنى أو مسجد أو مؤسسة حكومية أو مكان عام، بل تشير إلى مخطط أكبر من ذلك بكثير.
وإذا أخذنا في الاعتبار ما يجري في الإقليم العربي، وتدخل إيران وتمددها عبر مكونات اجتماعية ومذهبية، كما هي الحال في اليمن والعراق وسورية ولبنان، فإن ذلك، بالتأكيد، أمر يثير مخاوف المجتمع ومؤسساته، ويستدعي استذكار ما تعرَّضت له الكويت في ثمانينيات القرن الماضي من جرائم عماد مغنية ومحاولة اغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد.
وكل ذلك يعمق الانقسام الاجتماعي، ويغذي الفتن، ويقوّض تلك الصورة الزاهية للتلاحم الراقي الذي شهدناه في رمضان الماضي.

قلق ورعب

عندما قامت ثورة الشعب الإيراني، بقيادة الإمام الخميني، وأسقطت شاه إيران، الذي كان يعتبر نفسه شرطي الخليج، فرح الناس وابتهجوا، ليس في الخليج فحسب، بل في المنطقة العربية كلها.
الآن، الناس مصابون بالرعب من شعار تصدير الثورة من قبل البعض، وسياسة تمدد النفوذ في الأقطار العربية، ومساندة الجزار بشار الأسد في سورية، والمالكي في العراق، وكلها أمور تثير القلق.
لقد استبشرنا بفوز الرئيس روحاني وفريقه، وتلقفنا إشارات برنامجه، لتحقيق الاستقرار وبناء علاقات طبيعية مع دول المنطقة، لكن روحاني وفريقه اليوم يواجهون صراعات حادة مع المحافظين المتشددين والحرس الثوري، ونأمل ألا يكون مصير روحاني مثل مصير خاتمي، الممنوع من السفر، وكروبي وموسوي، المحتجزين في منزليهما.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *