احمد الصراف

فلفل كرجي

ولد إلياس جورجي، الشهير بـ«فلفل كُرجي» في عائلة بغدادية يهودية ميسورة. وكان طبيعيا في ثلاثينات وحتى أواخر اربعينات القرن الماضي، التحاق أبناء هذه الأسر بالمدارس الإسلامية، قبل ان تأتينا الانقلابات والإخوان وسلف وتلف. وفي تلك البيئة المنفتحة أجاد إلياس العربية، وحتى تجويد القرآن، وساعده صوته القوي والمميز على أداء القراءات الدينية والغناء في الحفلات الخاصة. وكان من الممكن أن يصبح علما في عالم فن المقام العراقي، ولكن إعلان قيام إسرائيل سنة 1948، وما تبع ذلك من حرب عربية ـ يهودية، ووقوع أحداث «الفرهود»، أو السلب والنهب التي تعرض لها يهود العراق، دفعه للهرب إلى إسرائيل، حيث بقي إلى وفاته 1983، تاركا إرثا فنيا جميلا،
لايود الكثيرون التعرف عليه، لأن صاحبه يهودي!
عندما اشتد عود فلفل في إسرائيل التحق للعمل بالإذاعة، حيث وضع موسيقى الكثير من الأغاني العراقية، واستمر في قراءة القرآن من خلال الإذاعة في ليالي رمضان. كما كان موهوبا ونشطا فنيا، وكان يكتب كلمات أغانيه، وغالبا ما يضع ألحانها، وكانت لغته وشاعريته تساعده كثيرا، واستطاع إدخال التجديد على كثير من الأغاني العراقية القديمة، مع التمسك بالموروث القديم. وكانت شعبيته طاغية في أوساط عراقيي إسرائيل، وكانوا يستمعون الى أغانيه باستمرار، وكبر جمهوره في حينه داخل إسرائيل وخارجها، ووصل إلى العراق. وعلى الرغم من أنه أقام كثيرا من الحفلات في مختلف دول العالم، فإنه مات عن 48 عاما، وفي قلبه غصة، وحنين دائم للعودة إلى وطنه السابق يوما.

وفي واحدة من افضل مقاماته، يغني من كلمات الشاعر العراقي اليهودي إبراهيم عوباديا أغنيته الشهيرة «ما أدري أنا»، والتي تقول كلماتها:
يا سهى وهوايا ناس إل عاشرتهم، ما شفت بقلوبهم غير الشماتة… يا سهى.
وغير كلمة، جوز شلك بالعذاب، جوز شلك بالعذاب… يا سهى.
شكبنت حزني ورحت ما ادري مجاني (مكاني)، آني وين، آني وين؟
آني وين، وابيا كتر تمشي السفينة، ولأن هواجسهم تكللي لا نجيلك ولا تجينا، يا سهى.
ما أدري انا منين ابتدي.. شكواي. حاير أنا اشلون ابتدي.. دنياي
وإللي اريده ومقصدي من هواي، حب ووفا يا اهل الرحم
احسب واكتب وانتظر.. وأحلم. واذكر ليالي اللي مضت، واندم
واشلون راح اقضي العمر بالهم، واشلح هضم والبس هضم
اللي جفوني، والجفا ألوان. هم رجعوني من النهر، عطشان
والي نسوني وطولوا نسيان، ندمان أصيح، من الندم، اويلاه ويل
غير معروف ل.مَ اختار الياس هذا الاسم لنفسه؟ ولكن «كرجي» تطلق في الكويت والعراق على أهالي كورجيا، أو جمهورية جورجيا. وكان تجار الرقيق المسلمون مغرمين، تاريخيا، بخطف ابنائها وبناتها، والمتاجرة بهم.
أتمنى عليكم الاستماع الى الأغنية على الرابط التالي:

أو البحث تحت «فلفل كرجي، «ما أدري أنا».

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *