د.مبارك القفيدي

الأقطاعيون في دولة الكويت

إن الأقطاعي هو من يمتص قوت الشعب وأراضي الدولة في شراكة مؤامرات مع قوي مافيا الفساد الإداري . والمصالح المتبادلة بين الشيوخ والتجار والإقطاعيون والطبقة المخملية التي تقوم علي دعمهم وتسيطر علي جميع مفاصل الأقتصاد والثروة المالية في الدولة ، وقد أدي هذا التحالف منذ بداية الستينات والذي كان بين الشيوخ والتجار إلي تقسيم أراضي الدولة علي شكل مقاطعات خاصة ووضع اليد عليها وأمتلاكها ، وحتي يكون لهم غطاء أجتماعي وضمان عدم غضب الشعب علي جرائم السرقات قاموا بأعطاء وجهاء البلد والأعيان والشخصيات المعروفة بعض الأراضي ، وإدخال المواطنين في شبك السرقات والأستيلاء علي جميع الأراضي الفضاء ، حيث إن الحصة الكبري تدخل ضمن ممتلكات الشيوخ والتجار والطبقة المخملية ، وقد قاموا بتعيين مندوبين ووسطاء لهم ومسوقين للأراضي وشراؤها من الذين تم منحهم سابقآ من قبل الشيوخ لتعود إلي ملكهم تحت إدارة وإشراف التجار ، والذين لا يتعدي عددهم العشرات من التجار والوكلاء وهم في الواجهة الأمامية ، ويعملون علي نهب الأراضي الفضاء لصالح مجموعة الشيوخ الأقطاعيون ، وقد قام شيوخ الأقطاع بإصدار سندات ملكية تحمل صيغة منحة للأشخاص وتجار وعوائل ومذيلة في توقيع الشيوخ الأقطاعيون الموزعين علي جميع المناطق ، وحين أستفحل الأمر مع أزدياد صرف سندات الملكية والهبات من سرقات وإبتلاع للأراضي ومصادرتها أنشأت دعمآ لهم بلدية الكويت لجنة سندات الملكية ، وقد وصل هذا الدعم في بلدية الكويت الذي هو بالأصل غطاء حكومي علي السرقات إلي التصديق علي سندات الملكية بناء علي أوامر الشيوخ الأقطاعيون . ومع أستمرار هذا النهب والسرقة للأراضي الفضاء الذي وصل إلي المناطق النائية والجزر في علي كافة الأراضي الكويتية حتي وصل الأمر حملآ لا يطاق ، وتحت ضغط شعبي قام مجموعة من الوطنيون الأحرار الذين تقدموا في شكوي إلي أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم رحمة الله تعالي والذي أصدر المرسوم الأميري الخاص في خط التنظيم العامة، وإن هذا المرسوم الأميري الخاص بشأن خط التنظيم العام قد أنقذ أملاك الدولة من الأستيلاء عليها دون وجه حق ، والمحافظة علي ما تبقي من الممتلكات والأراضي الفضاء والحد من السرقات والنهب الغير مشروع وقد عارض علي هذا المرسوم مجموعة الأقطاعيون الشيوخ وأعوانهم حتي وصل هذا التحدي السافر من قبل الأقطاعيون وأعوانهم إلي عدم الأمتثال للمرسوم الأميري ورفض الأعتراف به والأستمرار في العمل ونهب ثروات البلد ، وقد نتج عن هذا التحدي رضوخ السلطة والأعتراف في الأمر الواقع والجلوس مع الأقطاعيون وأعوانهم مائدة المفاوضات للتوصل إلي حل مناسب يرضي الجميع ، وقد حدث هذا الأجتماع بين السلطة والأقطاعيون وأعوانهم في أجواء تسودها السرية والغموض التعتيم لحل النزاع وقد أتفق الطرفين علي البنود التالية ١- الأعتراف في خط التنظيم العام .٢- الأعتراف بالأمر الواقع وإصدار وثائق وضع اليد للأقطاعيون علي الأراضي الكائنة في خط التنظيم العام. ٣- أعتماد صرف تعويض مالي بواقع 100فلس عن كل متر مربع من الأرض للأقطاعيون وأعوانهم في جميع الأراضي الكائنة خارج خط. التنظيم العام .وهذة هي النقاط الأساسية المهمة والخطيرة التي وافقت عليها السلطة في أوائل الستينات في بداية صدور العملة الكويتية وهي الخضوع إلي مطالب الأقطاعيون وأعوانهم ، قبل صدور دستور 1962في عهد الشيخ عبدالله السالم وقد أدي هذا الأتفاق الخطير بين السلطة والأقطاعيون وأعوانهم إلي ترسيخ مفهوم الأستحواذ علي مقدرات الوطن حتي أصبح عرفآ أجتماعيآ لنهب الثروات الوطنية وأستغلال السلطة والنفوذ للوصول إلي الأهداف الخاصة وهي الكسب الغير مشروع والتعدي علي حقوق الوطن والمواطن ، الذي أصبح يعاني اليوم من أزمة السكن وغلاء أسعار الأراضي السكنية حيث وصل سعر المتر المربع إلي 1000-1500 دينار كويتي في بعض المناطق وعجز الدولة الكامل عن توفير مشاريع جديدة ، والسبب الحقيقي وراء الأزمة الأسكانية هي أحتكار الأراضي من قبل الأقطاعيون وأعوانهم وأستيلاء البنوك والشركات والمتاجرة في السكن الخاص في السكن الخاص ، والجميع يعلم بأن أحد البنوك المحلية يمتلك 30% من الأراضي السكنية ومحتكر للأسعار في مناطق السكن الخاص إضافة إلي العقارات الأستثمارية والمجمعات التجارية ، وكذلك أحتكار وزارة النفط ووزارة الدفاع علي الكثير من الأراضي الفضاء وعدم التنازل عنها للمشاريع الأسكانية وقد فشلت الجهود في فك الأشتباك علي الأراضي بين الوزارات ، وكأن هذة الوزارات تتمتع في أستقلالية عن مجلس الوزراء وكأنها دولة داخل الدولة تحتكر 60% من الأراضي الفضاء خارج خط التنظيم العام ، حتي أصبحت هذة الوزارات والبنوك والشركات ضمن قائمة مشروع الأقطاعيون وأعوانهم منذ بداية الستينات حتي الأن وهم يسيطرون علي الأراضي والأسعار ، وفي السنوات الأخيرة عاد الأقطاع من جديد إلي الساحة في حلة جديدة ليقوم في الدور نفسة الذي كان يمارسة في السابق ، وبداء يبسط الشباك في جميع وزارات الدولة والمؤسسات الحكومية ، وأختراق كبار الموظفين القياديين والتواصل معهم والعمل ضمن سياسة التنفيع الجديد علي حساب الدولة ، حيث أن المتنفعون والمتنفذون وهم الأقطاعيون الجدد الذين أصبحوا اليوم يمتلكون تنظيم إداري يقود الفساد ويسيطر علي المصالح في جميع وزارات الدولة وفق أجندة تنظيم محكم يقود الفساد المالي والإداري ضمن تشكيل عصابات منظمة تعمل علي سرقة البلد ونهب ثرواته وهي واسعة الأنتشار اليوم في دولة الكويت ! 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

د.مبارك القفيدي

حاصل على الدكتوراه،باحث في التاريخ السياسي والعلاقات الدولية، كاتب صحفي
twitter: @mubarak_u77

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *