شملان العيسى

الصحوة المتأخرة

نشرت الزميلة «القبس» يوم الأحد 19 ابريل الجاري تحقيقا كشف فيه مسؤول في وزارة الاوقاف عن رصد بعض الائمة والمصلين يروجون للفكر التكفيري في بعض مساجد البلاد خصوصا في محافظة الجهراء، واضاف المصدر في وزارة الاوقاف ان هناك تنسيقا مع وزارة الشؤون لمتابعة ما يطرح في الاندية الصيفية التي تستقطب النشء والتأكد من خلوه من افكار التشدد والتكفير، اننا اذ نبارك صحوة الحكومة المتأخرة لمراقبة حالات التطرف والمغالاة في الدين بين شبابنا فتحرك الحكومة سواء من خلال وزارات التربية والاوقاف والشؤون الاسلامية والداخلية للحد من ظاهرة التطرف و«الانخراط في العمل الجهادي» المنتشر بين بعض شبابنا المغرر بهم خطوة مباركة ومطلوبة ولن نجني ثمارها الا بعد مرور سنوات عدة.

السؤال: هل الحكومة بجهازها وموظفيها في وزارات الدولة المعنية سواء كانت التربية أو الاوقاف أو الشؤون أو الداخلية مؤهلة وقادرة على التصدي لظاهرة تنامي التطرف في بلدنا؟ القضية يا حكومتنا الرشيدة تحتاج الى مراكز بحوث متخصصة بقضايا الارهاب بكل ابعادها الفكرية والمجتمعية والدينية، وهنا نسأل هل الحكومة فعلا جادة في محاربة فكر التطرف الديني؟ أم ان ما يحصل ما هو الا مراوغة ومخادعة الهدف منها ابعاد الحلفاء القدامى «الاخوان المسلمين» وتقريب حلفاء جدد هم الحركة السلفية، والدليل على ذلك ان وزارة الاوقاف اعلنت انها ستحارب الفكر التفكيري في بعض مساجد البلاد عن طريق التعامل معهم بآلية وبرامج ستطلقها اللجنة العليا لنشر الوسطية لتحصين المصلين وتحذيرهم من هذه الافكار وتوعية من يتأثر بها من الشباب.

المضحك في الامر كله هو ان الحكومة ما شاء الله عليها كلفت الاخوان المسلمين سابقا بمهمة عمل اللجنة العليا للوسطية حيث عمل الاخوان او الحركة الدستورية على استقطاب كوادر الاخوان المسلمين في البلاد وخارجها وكلفتهم بعمل دراسات ومحاضرات وندوات لاثبات ان الدين الاسلامي هو دين وسطية واعتدال.

المشكلة ليست بالدين بل بالاشخاص والمشايخ والدول التي تتاجر بالدين عن طريق احزاب دينية تروج وتستغل الدين لاغراض سياسية..أود ان نسأل المسؤولين في الاوقاف كم شخصا كويتيا أو غير كويتي تمت هدايته ونصحه ولم ينخرط في العمل الجهادي؟ معيار النجاح هو التخلص من التطرف الديني وليس احلال حزب سياسي مثل الاخوان بالحركة السلفية بدلا عنهم لحل المشكلة.

الآن وبعد الصحوة المتأخرة لدول الخليج واكتشافهم ان شبابهم المغرر بهم يقبلون على العمل الجهادي باعداد متزايدة..نراهم يتحركون ببطء لتغيير المناهج ومراقبة المساجد والدعاة وملاحقة المتطرفين من المواطنين.

اذا كانت الكويت ودول الخليج جادة في محاربة الارهاب واقصائه عن مجتمعاتنا فما عليهم الا تبني ثقافة جديدة تشجع التسامح واحترام الاخر وتشجيع الفن والمسرح والشعر والادب والسينما والموسيقى، وابعاد شبابنا عن الانخراط في العمل القتالي، اما محاولة خداع الناس باحلال السلف بدلا من الاخوان لتعزيز الوسطية فهو أمر مستغرب؟

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

شملان العيسى

دكتور بالعلوم السياسية في جامعة الكويت

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *