احمد الصراف

الحوثية والزيدية.. وحرب الوكالات

لم يواجه اليمن، غير السعيد، اياما بمثل هذا السوء في تاريخه الحديث. حتى خلال الحرب الأهلية التي دارت بين من قاموا بالانقلاب العسكري عام 1962، بدعم من مصر عبدالناصر، وبين الملكيين الزيديين، بدعم من السعودية، والتي استمرت خمس سنوات، خرج منها الجيش المصري منهكا، ليخسر بعدها حربه مع إسرائيل، لم يكن اليمن بذلك السوء، فقد كان أطراف النزاع حينها معروفين، وقلة، أما اليوم فليس سهلا حصرهم، بعد أن دخلت عليه دول ومنظمات وفرق عديدة، مما يجعل من الصعب جدا جلوسهم على طاولة المفاوضات، إن كان لها نصيب. الغريب أن حرب 1962ـــ 1967 كانت السعودية في الجانب الزيدي، واليوم هي في الجانب المضاد، فهذه هي السياسة وهذه هي الحياة!

حركة أنصار الله، بقيادة عبدالملك الحوثي، هي اصلا حركة سياسية دينية مسلحة تتخذ من محافظة صعدة مركزا. وعرفت بالحوثية نسبة لمؤسسها حسين الحوثي، الذي أسسها عام 1992، والذي قتله الجيش اليمني قبل 11 عاما، وهو الجيش نفسه الذي كان يقوده علي عبدالله صالح، الذي أصبح اليوم حليف الحوثيين، والذي مكنهم هذه المرة من اكتساح نصف اليمن بدعمه ودعم قواته العسكرية القبلية، وهذه هي السياسة وهذه هي الحياة.
الحوثيون زيديون، كما هي حال قبائل حاشد الضخمة، التي ينتمي لها الرئيس السابق علي صالح. وبالرغم من صبغة الحركة الطائفية فإن من الصعب اعتبار صراعها مذهبيا، بل يمكن رؤيته ضمن أكثر من إطار مصلحي سياسي قبلي ومذهبي، حيث ان الزيدية جزء أساسي من المكون اليمني منذ اكثر من 1000 عام، والتسمية تعود لزيد بن علي بن أبي طالب، وهي ليست ظاهرة عابرة. وأحسن من قدم وصفا للزيدية، من الناحية المذهبية، هو النائب والوزير السابق عبدالوهاب الهارون، الذي قال انها أقرب الفرق السنية للشيعة، وأقرب الفرق الشيعية للسنة. ولكن ما يسري على الزيديين، الذين يشكلون تقريبا %30 من سكان اليمن، لا يسري بالضرورة على الحوثيين الذين تبلغ نسبتهم من %3 إلى %4 من السكان، فهؤلاء قاموا في السنوات الأخيرة بتضييق الهوة بينهم وبين الشيعة الاثني عشرية، ربما بدعم إيراني، وقام عدد كبير منهم بتلقي دروس دينية فيها، وبالتالي التقت مصالح الطرفين فيما يجري في اليمن، ولم يكن انضمام علي صالح للحركة إلا من اجل عودته للحكم، والانتقام من الذين انقلبوا عليه، علما بأن صالح، الزيدي، كان حليفا للسعودية طوال فترة حكمه التي تجاوزت الثلاثين عاما، وأنقذت السعودية حياته من موت محقق، بعد الانقلاب عليه. وهذه هي السياسة، وهذه هي الحياة.

ملاحظة:
مشكلة اليمن ليست في الحرب الأهلية ولا الحوثيين ولا التدخل الإيراني، بل في تعاطي القات!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *