حسن الهداد

الإصلاح يبدأ.. بالتعليم

ماذا عن التعليم؟. للأسف كثير من السياسيين يتحدثون عن الإصلاح وكأن الأمر يختصر على محاربة التعدي على المال العام فحسب.
لو نظرنا معا إلى تجارب الدول المتقدمة وأسباب تقدمها وتطورها فسنجد أنهم بدأوا بالتعليم ووضعوا كل اهتماماتهم به، فعلى سبيل المثال، في اليابان يركز اليابانيون على ان مبدأ الجد والاجتهاد والإتقان أهم من الموهبة والذكاء الفطري للطفل، فالطالب الياباني منذ الطفولة رسخت لديه مفاهيم بأن بذل الجهد والتركيز في العمل والتدريب أهم من الذكاء، وهذا الأمر لم يأت الا من سلسلة خطط لإنشاء أجيال متعلمة والأبرز في تلك الخطة هو اختيار المعلم الناجح الذي يملك القدرات على التعليم المتميز.

ولو أتينا للتجربة السنغافورية في التعليم، فهي مذهلة كون أن نظام تعليمهم يعد أحد أرقى أنظمة التعليم في العالم، ومن خلال التعليم المتقدم تطورت سنغافورة وأصبحت من الدول المتقدمة، لماذا تطورت؟ باختصار لأنهم ركزوا على التعليم واعتبروه هو رأس المال الحقيقي لنهضة بلدهم وفعلا تحققت طموحاتهم، والمعلم أهميته أكبر من أي مهن أخرى على اعتبار أنه هو أساس تطور كل شيء.

ولو أتينا للسويد فسنجد أن التعليم فيها مميز وبالإضافة إلى تعليمهم المدرسي لديهم تعليم ميداني آخر للطلبة يشمل الأشغال العامة مثل النجارة والكهرباء والرسم والنحت والإلكترونيات والتصوير والخياطة والتطريز، كل تلك الحرف وغيرها يستطيع الطالب السويدي إتقانها كونها إلزامية بهدف أن ينشأ جيل يحترم المهن ولا يراها بدونية، وان يدرك أن المجتمع مستحيل أن يكون فقط أطباء ومهندسين ومعلمين، وفعلا نجحت السويد في خطتها التعليمية وأصبحت من الدول المتقدمة بكل شيء حتى بالصناعات، وهذا النجاح جاء بالتركيز على قدرة المعلم.

بعد تلك التجارب، أسأل: وماذا عن التعليم في الكويت؟ أعتقد أن الكل متفق على أننا نعاني من مخرجات التعليم لاسيما في السنوات الأخيرة، وطبعا الأسباب كثيرة لا تعد ولا تحصى، وللأسف البعض أخذ مهنة التعليم ليس بمفهوم التعليم بقدر ما انه اختار الراتب الجيد مقارنة برواتب المهن الأخرى، والبعض من المعلمات أخذن التعليم على اعتبار أنه بعيد عن الاختلاط بالرجال ومنهن للأسف تجاهلن أهمية تعليم الأطفال بسبب كثرة الغياب لدواع صحية ومجالس طبية.

من مشاكل التعليم أيضا تكمن في أن الوزارة تجلب معلمين وافدين بتقدير جيد فقط لسد النقص، متجاهلة أهمية المعلم المتميز في المنظومة التعليمية.

لدينا معلمون متميزون في مدارسنا لكن بيئة العمل لم تساعدهم على الإنتاج الذي يتناسب مع قدراتهم، والسؤال لوزير التربية، لماذا التعليم الخاص يتفوق على التعليم الحكومي رغم أن إمكانيات الحكومة أكبر بكثير من إمكانيات الخاص؟

اعتقد أن إصلاح التعليم يبدأ بتحويل نظام التعليم الحكومي في المدارس إلى نظام تعليم خاص، ومكافأة المعلمين المتميزين، وتحويل كل معلم غير منتج إلى العمل الإداري بدلا من عمله الفني، خاصة أن هناك مدارس حكومية (نموذجية) نجحت بالتجربة.

وبما أن المعلم هو أساس العملية التعليمية، أتمنى أن تتحول كلية التربية كحال كلية الطب والهندسة لاسيما في قبول المعلمين لابد أن تكون النسب عالية لا تقل عن نسب القبول في الهندسة، مع وضع امتيازات جديدة للمعلم حتى نضمن أن العملية التعليمية ممكن أن تتحسن بعد عقدين من الزمن وتخرج لنا أجيالا متعلمة وليس أجيالا تهدى لها الشهادات بلا فائدة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

حسن الهداد

كاتب صحفي حاصل على درجة الماجستير بالاعلام والعلاقات العامة
twitter: @kuw_sky

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *