عبدالله النيباري

اقتراح تعديل المديونيات الصعبة والفساد في مجلس الأمة

مطروح الآن في مجلس الأمة اقتراح بقانون، بشأن تعديل قانون تسوية المديونيات الصعبة، الصادر سنة 1993… ويقضي الاقتراح، بجواز لمَن صدر حُكم بإشهار إفلاسه، بسبب تخلفه عن السداد، وفقاً لأحكام ذلك القانون وزادت قيمة موجوداته على قيمة ما يُعادل السداد الفوري والأعباء والغرامات المنصوص عليها في القانون، أن يُعامَل بنفس المعايير التي طُبقت قبل 22 سنة.
والمعايير وفقاً لذلك القانون تعالج المدينين للبنوك بطريقتين؛ الأولى هي السداد الفوري، بأن يدفع المدين 45 في المئة من مديونيته لدى البنوك، وبعضاً من بقية الدين إلى 55 في المئة، والطريقة الثانية تقسيط كل المديونية على مدى 15 سنة.
والاقتراح المقدَّم لا يتبنى طريقة التزام المدين بدفع كل الدين، مقسطاً، ومدة الأقساط انتهت قبل خمس سنوات، وقد نص القانون على التزام المدين بدفع كل الدين، إذا تخلف عن دفع أي قسط من الأقساط، مع تحمُّل الفوائد المستحقة والغرامات. والاقتراح المقدَّم حالياً لا يأخذ بهذه الطريقة، بل بطريقة دفع 45.6 في المئة من قيمة المديونية.
وكان تبرير هذا التخفيض، آنذاك، هو أن استثمار المدفوع فورياً يمكن استثماره لتسديد ما تم تخفيضه.
الاقتراح الحالي مقدَّم من الأعضاء؛ عبدالحميد دشتي، ويوسف الزلزلة، ونبيل الفضل ومبارك الحريص وفيصل الكندري.
الاقتراح نفسه سبق أن قدّم في مجلس 2013 من قِبل يوسف الزلزلة وعلي الراشد وفيصل الدويسان وصفاء الهاشم وحسين القويعان وروضان الروضان، وقد وافقت عليه اللجنة التشريعية، بالإجماع، آنذاك، كانت رئيستها معصومة المبارك، ومقررها يعقوب الصانع، لكن حل المجلس حال دون النظر في إقراره.

اقتراح جائر

وقد تصدَّت جريدة «الجريدة» بحملة لهذا المقترح، باعتباره اقتراحاً جائراً ومجحفاً بحق الدولة، فهل يُعقل تسديد أقل من نصف الدين بعد 22 سنة من دون فوائد أو غرامات، في حين أن مَن اختار طريقة التسديد المقسط على مدى 15 سنة التزم بدفع كل الدين؟!
هيئة الاستثمار تقدَّمت بمذكرة اعترضت على الاقتراح، جاء فيها «أن التعديل لم يراعِ حالات العملاء الذين خضعوا لأحكام القانون رقم 41 لسنة 1993، والتزموا بأحكامه وقت بدء تطبيق القانون والعمل به، فقاموا ببيع أصولهم، وفاءً للدين المستحق للدولة، واضطروا إلى تسييلها، وصولاً للسداد… لاشك أن قيمتها قد صارت في الوقت الحاضر أعلى بكثير عما كانت عليه وقت بيعهم لها، في حين أن المفلس الذي تقاعس عن السداد، ولو كان متعمداً، ودامت تفليسته حتى الآن، مع وقف سريان الفوائد المقررة على مديونيته منذ صدور حكم إشهار إفلاسه سيستفيد حتماً من زيادة قيمة أصوله التي حال بين الهيئة وبين تسييلها وبيعها رغم الثبات النسبي لقيمة مديونيته، فهو لن يضطر إلى بيع سوى عناصر أقل من أصول تفليسته».
يعني، هل من المعقول أن المدين الذي تخلف عن السداد وأشهر إفلاسه يأتي الآن بعد 22 سنة ارتفعت فيها الأصول، من عقار وأسهم وأي ممتلكات، تضاعف سعرها عشرات المرات ليدفع 45 في المئة؟!
أليس في ذلك غبن لمن التزم بالقانون، ودفع حتى لو اضطر إلى تسييل موجوداته؟ وقالت الهيئة إن هذا التعديل إن طبق فسيفتح باب التقاضي لكمّ هائل من المنازعات، بدعوى التمييز في المراكز القانونية، وهو أمر يصطدم مع الدستور.

شبهات «تمصلح»

وتصدَّت جريدة «الجريدة» بحملة معارضة للتعديل المقترح، والتي على أساسها أعلن عدد من أعضاء مجلس الأمة اعتراضهم على اقتراح التعديل، ولكن تركيبة المجلس وإفرازها قانوناً مثل هذا يثير المخاوف.
فالانتفاع بهذا التعديل بيّن، لا يخفى حتى على السذج، لذلك فهو يثير شبهات خدمة المصالح أو التمصلح أو الانتفاع، ولا يصلح التذرع بحسن النية، فمذكرة هيئة الاستثمار مقدَّمة بتاريخ 13/4/2013، أي في المجلس المبطل السابق، فكيف يعود نفس الأعضاء لتقديم المقترح ذاته، بعد أن بينت الهيئة مثالبه ومخاطره؟

مخاوف

المخاوف هي أن بعض النواب يتصرَّف، كأنه مندوب لأصحاب المصالح، يدافع عنهم على حساب المصلحة العامة، أو يتلبس دور المحامي الذي يتولى قضية أمام المحاكم، فإن نجحت حظي بالمقسوم، كنسبة من المصلحة، لكن المحامي هذه هي مهنته… أما عضو مجلس الأمة، فذلك يعتبر جريمة.
وهذه ليست أول قضية يتقمص فيها بعض الأعضاء دور المندوب أو المحامي، فقد حدث ذلك في قضايا كثيرة، منها قضية خصخصة الخطوط الجوية الكويتية، فبعض الأعضاء اعترض على شراء الطائرات أو تأجيرها، لأنها ستزيد قيمة أصول «الكويتية»، ويرتفع السعر للطامحين في شرائها بثمن بخس، ومعركة الخطوط الكويتية لم تنتهِ بعد.
يُضاف إلى ذلك، قيام بعض الأعضاء بالاتصال بالجهات الحكومية وديوان المحاسبة، للسؤال عن تأخير مقاولة فلان، وفلان هو الذي فاز بالمناقصة.
ليس من حق النواب متابعة قضايا أصحاب المصالح في دواوين الحكومة، بل واجبهم التصدي لمثل هذه المخالفات علناً في قاعة المجلس، حتى لو كان الخطأ من قِبل الأعضاء أنفسهم… يكفي قضية إيداعات النواب المصرفية التي حُفظت، وعاد إلى المجلس معظم أبطالها.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *