احمد الصراف

نشرة توفيق

أرسل لي صديق من غير محددي الجنسية، الذي أعتبره، ولأسباب عدة، كويتيا أكثر من غيره، صورة عن صفحة من الجريدة الرسمية «الكويت اليوم» للعام 1957، أي قبل خمسين عاما، تضمنت إحصائية طريفة لتعداد سكان الكويت في تلك السنة.
ورد في النشرة، الصادرة عن دائرة الشؤون الاجتماعية، حيث لم تكن هناك دائرة للتخطيط، وياليتنا بقينا من غيرها، بيانات تفصيلية عن توزيع السكان، كويتيين وغير ذلك، في كل مدينة وقرية، وحسب جنس وديانة كل فرد وجنسيات الأجانب وتوزيعاتهم العمرية وحالاتهم العلمية والأسرية.. وهذا ما لا تعرفه الحكومة الآن بشكل دقيق على الرغم من كل ما طرأ من تقدم علمي ومرور نصف قرن!.
تبين الجداول – مثلا – أن عدد الكويتيين كان 113 ألفا في العام 1957، وكان عدد الذكور أعلى من الإناث، وهذا عكس الوضع حاليا، وربما يعود السبب الى عدم دقة عملية الإحصاء من جهة، وربما تردد المواطنين في الإعلان عن عدد الإناث لديهم! ولو قمنا بمقارنة عدد الكويتيين بغيرهم، لوجدنا أن نسبتهم 54% من السكان! ولكن نسبتهم الآن ربما قلت، لتصبح ربما27% فقط!
كان العراقيون وقتها، وبقوا لفترة طويلة، أكبر جالية بعدد 26 ألفاً يليهم الإيرانيون بعدد 19 ألفا. أما اللبنانيون فقد جاءوا في المرتبة 4 بعدد 7 آلاف، أي 6% من الكويتيين. أما نسبتهم الآن، وبعد كل محنهم ومآسيهم، فقد انخفضت إلى 5% فقط، وهذا غريب حقا.
عدد الهنود والباكستانيين، وكل جنسيات دول جنوب شرق آسيا، لم يتعد وقتها 7 آلاف بكثير، ويبلغ الآن ربما أكثر من 700 ألف! أما عدد الفلسطينيين، فقد بلغ الذروة بعدد يقارب نصف المليون قبل الغزو، لينخفض مع الاحتلال وبعد التحرير إلى 25 ألفا، وكان 15 ألفا فقط في عام 1957.
الطريف في النشرة أنها ذكرت وجود 23 استرالياً و7 كنديين و164 اميركياً و2361 انكليزياً و600 أوروبي آخرين، وربما كانوا في غالبيتهم يعملون في الصناعة النفطية.
ومن الأمور اللافتة للنظر، والمحيرة والمقلقة في الوقت نفسه، أن الكشف تضمن ذكرا لوجود 443 عرباً آخرين، منهم 408 ذكور والبقية إناث، مما يعني تواجد هؤلاء منذ فترة، وتزاوجهم، وربما كانوا نواة مشكلة غير محددي الجنسية التي تعاني الآن منها الدولة برمتها!.
النشرة تتضمن أمورا طريفة كثيرة أخرى وتحتاج الى باحث نشط، ليقوم بإجراء المقارنات بين توزيعات السكان حاليا وما كانت عليه الحال قبل نصف قرن، لكي نتعلم منها الكثير.
ولكن هل يوجد بيننا من يهتم بدراسة هذه التغيرات الديموغرافية؟ وإن وجد في أي من جامعاتنا العظيمة فمن سيهتم بذلك، وهل هم على استعداد لقبول احتمال دفن نتيجة تلك الدراسة في أحد أدراج كبار مسؤولينا، ان لم تنته في سلة المهملات؟ من دون أن يقلق أو يهتم بما سيرد فيها من معلومات مقلقة ومخجلة، ومضحكة في الوقت نفسه، وربما لهذه الأسباب بالذات، فمن المؤكد أن كثيرين لا يودون أن تقلق نتائج هذه المقارنات الرقيقة من مشاعرهم!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

تكفون يا عيال

عام 98، إن لم تخني الذاكرة، كان آخر تهديد عسكري فعلي من صدام حسين للكويت، وبعد هذا التاريخ انشغل صدام في نفسه وكرسيّه وترك الكويت… حينذاك تقدمت الفرق العسكرية الصدامية واحتلت مواقعها الهجومية، فتقدمت القوات الكويتية واحتلت مواقعها الدفاعية. كنا الأحدث أسلحة والأقوى نيرانا والأفضل تدريبا، أما من ناحية العدد البشري فكما يعلم الجميع، لا مقارنة لنا بهم، كانوا أضعاف أضعافنا، لكن المسألة بالنسبة لنا مسألة «بقاء أو فناء بلدنا»، وبالنسبة لهم مجرد مغامرة لرئيسهم من بين عشرات المغامرات.
ولو كنت أعرف رقم موبايل صدام يومذاك لبعثت له برسالة شكر على إتاحته الفرصة لمعادننا بالظهور على حقيقتها الناصعة، فقد تدفق الآلاف من المتطوعين من كل الشرائح والأعمار بصورة أذهلتنا نحن العسكريين، كان تزاحما ما بعده تزاحم، شباب ومسنّون، سنة وشيعة، حضر وبدو، الكتف بالكتف، يتسابقون للصعود في حافلات نقل الجنود المتجهة إلى الجبهة. وهنا، أتذكر موقفا غاية في الغرابة، عندما صدرت الأوامر «من جهات عليا»، كما قيل لنا يومها، بأن يتقدم أبناء الأسرة الحاكمة للخطوط الأمامية مباشرة ومن دون «جرعات التدريب»، وهو ما تم بالفعل. متابعة قراءة تكفون يا عيال

سامي النصف

برقية تسقط عاصمة عربية!

نبارك لسورية الشقيقة اختيار دمشق عاصمة للثقافة العربية، والحقيقة ان سورية، الرقم الصعب هذه الايام، لم تكن كذلك في مراحل تاريخية من تطورها الحديث، بل اشتهر في الخمسينيات ما سمي بـ «الصراع على سورية»، حيث تجاذبتها قوى مؤثرة ارادت اما ضمها للعراق او للتحالف مع تركيا او للوحدة مع مصر.

ادى تبني حكومة الاتحاد والترقي في تركيا للنهج الطوراني المتشدد وبعدها عن الحكم بالشريعة الاسلامية وتكفير بعض العلماء لها، وتحولها للنهج الدستوري في 23/7/1908، وهزائم جيوشها امام دول البلقان ولجوء القائد جمال السفاح لارسال احرار العرب للمشانق في بيروت ودمشق وارسال نسائهم واطفالهم كسبايا الى الاناضول، لقيام الثورة العربية الكبرى عام 1916 ضد الاتراك بعد ان شارك العرب في الحرب مع تركيا ابان العام الاول من الحرب الكونية الاولى، وقد توقفوا مع بدء الاعدامات اي في عام 1915.

هزمت تركيا في الحرب الكونية ودخل الامير فيصل بن الحسين دمشق على رأس جيشه العربي وتوّج ملكا على الدولة العربية الناشئة فيها، وقد تلا ذلك اعلان الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان وارسل الجنرال غورو انذارا للملك فيصل تضمن طلبه بحل الجيش العربي وقبول الانتداب ووقف المقاومة المسلحة وتسليم محطات السكة الحديدية، على ان يأتي القبول قبل منتصف ليلة الثلاثاء 20/6/1920 وإلا امر قواته باحتلال دمشق.

اعلن البرلمان العربي السوري رفضه للانذار وارسل الملك فيصل وزير المعارف ساطع الحصري للتفاهم مع غورو على بدائل اخرى، كما ارسل وزيري الداخلية والدفاع هاشم الاتاسي ويوسف العظمة لاقناع البرلمان بقبول الانذار حقنا للدماء وزايدت الاحزاب على بعضها البعض في الرفض ونزلت الجماهير للشوارع بحثا عن السلاح للمقاومة، فتصدت لها قوات الامير زيد وسقط 200 قتيل، كما بدأت الوزارة في يوم الاثنين 19/6 بانجاز الخطوات اللازمة لقبول الانذار فسرحت الجيش وعطلت اعمال البرلمان لمدة شهرين.

وعقدت الوزارة الساعة السادسة من مساء الثلاثاء 20/6 (اليوم الاخير للانذار) اجتماعا تمخض عن صدور قرار بارسال برقية للجنرال غورو تخبره بقبول الانذار، وقد استلم موظفو البريد والبرق في دمشق الساعة السابعة والنصف مساء من مديرهم حسن بك الحكيم البرقية كي يرسلوها قبل منتصف الليل، الا ان التباسا حدث خاصة انها لم تكن مصحوبة بالمال اللازم لارسالها، مما جعلها تأخذ الدور العادي دون اولوية في الارسال، ما نتج عنه تحريك غورو لقواته في الصباح وعدم قبوله للايضاح المتأخر حول اشكال ارسال البرقية.

تقدمت القوات الفرنسية التي يفوق عددها 9 آلاف جندي (ثلاثة اضعاف المدافعين) كان اغلبهم من المغاربة والجزائريين والسنغاليين، كما ان مخابرات الجيش كانت تتكون من اللبنانيين نحو «ميسلون» التي تقع على بعد 28 كلم من دمشق مدججة بالاسلحة والطائرات، وطلب الملك فيصل من رافضي الانذار ان يثبتوا مصداقيتهم بالصمود امام الجيش الزاحف، وحدث حوار مثير بين الملك ووزير دفاعه يوسف العظمة، حيث حثه وزير الدفاع على اعادة الاتصال مع غورو وقبول الانذار، فسأله الملك لماذا كنت تصر اذن على الحرب، فأجابه الوزير بأنه كان يعمل «مناورة» على الفرنسيين، فقال له الملك يجب الموت ما دامت الحالة قد وصلت الى هذا الحد، فأجابه الوزير انت اذن تأمرني بالموت، ويجب ان نموت شرفاء، وقد قتل الوزير برصاصة الساعة الحادية عشرة صباح يوم المعركة في 24/6/1920 عندما كان واقفا يراقب المعركة فوق تلة بعد ان حاول مرافقه العسكري ياسين جابي ان يقنعه بعدم الوقوف وتعريض جسمه للرصاص.

بعد دخول الجنرال غورو دمشق اعلن انشاء دولة دمشق ودولة حلب ودولة العلويين ودولة الدروز، فأعلن على الفور الشيخ العلوي صالح العلي رفضه لقيام دولة علوية، وقام بثورة متصلة ضد الفرنسيين لمدة قاربت الاربع سنوات متحالفا مع الشيخ ابراهيم هنانو الكردي وعزالدين القسام، كما اعلن الامير الدرزي سلطان الاطرش ثورته السورية الكبرى رافضا كذلك مشروع الدولة الدرزية، وقد تكللت تلك الثورات المجيدة بوحدة التراب السوري واعلان الاستقلال عن فرنسا في عام 1943 وتم تسطير صفحة مضيئة اخرى من تاريخ العروبة المجيد في بلداننا.

سعيد محمد سعيد

متى المعاشات؟

 

هذا هو أسبوع السؤال الجميل…

والسائل يجلس على أحر من الجمر، والمجيب أيضا ربما أحب الإجابة وعشقها طالما كانت إيجابية «نزلوه في البنك»، وربما دارت عليه الدوائر واسودت الدنيا في وجهه وهو يقول: «للحين ما في شي… يمكن باجر»! ويا ويله، الزميل أو الزميلة، حين يقدمون معلومة خاطئة عن نزول الرواتب في الحساب، وهي لم تنزل بعد… وخصوصا في بعض المؤسسات والشركات في القطاع الخاص! متى المعاشات؟

سؤال مسموع بين آلاف الناس أواخر كل شهر… لكنه يخفي وراءه الكثير مما يمكن أن يجعلنا نشعر بالفجيعة، ونستذكر المئتي دينار حدا أدنى للأجور، ونحلم بصدور قرار رفع العلاوة الاجتماعية 50 في المئة، وننتظر إضافات يقول البعض عنها 50 والبعض يقول 70 والبعض الثالث يقول «لا تحلمون»، كبدل لمواجهة غلاء المعيشة… وتصغر الأصفار أو تكبر طبقا لحجم الحلم، لكن الله يعلم، أن أهل البحرين ليسوا جشعين وليسوا طماعين ولا يريدون غير الستر!

لا يريد أن يضرب رب الأسرة رأسه «في الطوفة» بعدما يوزع المعاش الذي يقولون عنه في البحرين دائما «ما عاش»… الله يرحمه ويتغمد بواسع فضله! ولا يريد أن يريق ماء وجهه «رايح جاي» مرة إلى بنك الإسكان، ومرة إلى أحد المصارف، ومرة إلى لا أعرف أين، فقط ليجد وسيلة ما تعينه على تغطية النفقات المتزايدة…

وكما حدثنا فيلسوف عصره وزمانه، أبو القروض ميسرة بن مصرف الإفلاسي: «لو كان الجيب ممتلئا، والقلب مطمئنا، والأهل في راحة، لما سمعت سلندرا ينفجر، أو تايرا يحترق، أو برنوصا تتلحف به جيدا فلا يدفئك، وسيمشي الناس باعتزاز وتحيات وافرات، بلا مصايب وبلا مسيرات وبلا مظاهرات»! متى المعاشات؟

ربما سيتسلم بعضنا راتبه اليوم، وربما غدا وربما بعد أسبوع، وربما – ضعوا تحتها خطين – بعد عشرة أو خمسة عشر يوما! وهذا يحدث! تخيلوا كيف تعيش الأسر التي تتأخر رواتب معيليها!

نريد أن نحيا ونموت بكرامة، لكن «المعاش» يلعب فينا لعب الرحى! بعضنا يعمل من الصباح حتى المساء في أشد الظروف، وبعضنا الآخر يعمل في وظيفتين وليس لديه وقت حتى للجلوس مع أطفاله وممارسة شئون الحياة الاجتماعية، وبعضنا يخرج من عمل مرهق ليمارس عملا شاقا… فيما تعمل بعض الزوجات والأبناء والبنات لتكتمل حفلة آخر الشهر: الأب معاشه 200 –300 دينار – الأم: 250 – البنت: 80 دينارا في صالون حلاقة – الابن: 160 دينارا حارس أمن في إحدى الشركات، ويصبح المجموع قرابة 800 دينار!

حلو، خير وبركة، والآن جاء دور العملية الجراحة الخطيرة التي سيتم من خلالها تركيب مدخول أسرة قدره 800 دينار ليلائم مصروفها الذي يتجاوز 1300 دينار وربما أكثر… والغريب أن هذه العملية لا يستخدم فيها إلا المشرط والمقص… أما خيوط الترقيع ولاصقات «البلاستر» فلا مكان لها هنا…

لكن، تعالوا، متى المعاش؟

د. شفيق ناظم الغبرا

الجدل… أن تغني فيروز في دمشق؟

أن تغني فيروز في دمشق يعني أن اثر لبنان هو الآخر قائم وممتد إلى دمشق، كما أنه يعني أن اثر دمشق يبقى قائماً في لبنان بما يتجاوز الصراع السياسي والاختلاف عليه. التفاعل بين البلدين، مهما كان حجم الأخطاء التي ارتكبت في السياسة، يجب ألا يتحول إلى مقاطعة تصل الى الثقافة والعلاقات والتواصل. فالثقافة يجب ألا تتأثر بتبعات السياسة، لأن ما وقع سببته السياسة ولم تسببه الثقافة والاقتصاد والمواطنون في كلا البلدين. في العلاقات اللبنانية ـ السورية ستبقى الجغرافيا، وسيبقى الامتداد والتواصل بين البلدين مضامين خاصة. فإلى أن ينتهي التحقيق في مقتل رئيس الوزراء السابق الحريري يجب ألا تكون المقاطعة الثقافية والإنسانية والمعنوية، وحتى السياسية أساس العلاقة بين البلدين. فلغة المقاطعة ساهمت في تأخير العرب وحدت من آفاق تطورهم. لقد أصابت فيروز في غنائها في دمشق، فهي تغني للبنان كما تغني لسورية وللعرب كلهم، بغض النظر عن السياسة والسياسيين، وفي هذا نجدها تغني لصالح الفن والتواصل بين الناس. في غنائها ما يخفف من الاحتقان والتباعد ويمهد لآفاق قد تشمل البلدين، رغم ما حصل كله ما فيه من سلبيات وتجاوزات. متابعة قراءة الجدل… أن تغني فيروز في دمشق؟

سامي النصف

جعلها الله آخر الأزمات

أكتب من بيروت حيث تواترت الانباء عن انتهاء ازمة الاستجواب في الكويت، واشتداد ازمة الحكم في لبنان حيث تم تأجيل عملية انتخاب رئيس الجمهورية للمرة 13 (رقم الحظ) وبقي القصر الجمهوري والبرلمان مغلقين بالضبة والمفتاح امام شاغليهما وكأنهما ديكور زائد في العملية السياسية ومعروف ان الديموقراطيتين اللبنانية والكويتية هما الاقدم والاكثر عراقة في الوطن العربي ويعتبران المثل والقدوة للشعوب العربية الاخرى.

شاركت بالامس في حلقة من برنامج «حوار العرب» الذي سيبث الخميس بعد القادم الساعة التاسعة مساء على قناة «العربية»، والبرنامج شهري وقد تم الحديث فيه عن اشكالات الديموقراطية العربية وهل هي في النهاية نعمة ام نقمة لشعوبنا، وقد ضمت الحلقة نخبة من مفكري الوطن العربي كان منهم الوزير السابق ورئيس الديوان الملكي ودكاترة مختصون اضافة الى ضيوف في الاستديو من طلاب ومخضرمين ينتمون الى مختلف التوجهات السياسية والتخصصات العلمية.

وبالنسبة للسؤال المفصلي الذي دارت حوله الحلقة حول فيما إذا كانت الديموقراطية العربية «نعمة او نقمة» وجدت ان الامر متعلق تماما بالدول والشعوب المستقبلة لها وكيفية استخدامها للأدوات المصاحبة لها فقد تصبح «نعمة» متى ما استخدمت الادوات لتعزيز الاستقرار السياسي والسلام الاجتماعي ودعم عمليات التنمية ومنع الحروب والفقر والمجاعات، وستصبح بالمقابل «نقمة» متى ما استخدمت الادوات الدستورية لخلق عمليات تأزيم سياسية مستمرة ولضرب السلام الاجتماعي بين فئات المجتمع وتفتيت الوحدة الوطنية وعرقلة عمليات التنمية وافشاء عمليات الحروب والقتل والمجاعات، ولنا عبر النظر للتجارب الديموقراطية القائمة في بلداننا العربية كالعراق والصومال ولبنان والسودان وحتى الكويت الحكم عما إذا كانت نعمة او نقمة او شيئا من هذا وشيئا من ذاك…!

ومما ذكرته في اللقاء ان رفع شعار «الديموقراطية هي الحل» هو تماما كحال رفع شعار «الاسلام هو الحل» او «الماركسية هي الحل» الخ ودون الدخول بتفاصيل هذا الحل امر لا نرى صحته خاصة بعد ان استمعت لدكتور علوم سياسية مشارك ادعى – دون بينة – ان جميع ما طبق في العالم العربي منذ بداية القرن الماضي حتى اليوم ليس تجارب ديموقراطية (!) وهو طرح يجعل العالم العربي لا يستفيد من اخطاء تطبيق الديموقراطية في العالم العربي الحالية والسابقة لتصحيحها ومنع تكرارها مستقبلا.

وقد رأيت ان على شعوبنا العربية ان تتعلم من الاخطاء الفادحة في الماضي القريب فإبان حكم الديموقراطيات الليبرالية العربية قيل بعد نكسة 48 ان الحل يكمن في التحول لنهج الحكومات العسكرية التي ستحقق الانتصارات الباهرة على اسرائيل وتطبق اشتراكية الرفاه على الشعوب، وبعد ان ثبت خطأ ذلك التصور بعد تطبيقه في مصر والعراق وسورية وليبيا الخ قيل بعد نكسة 67 ان الحل يكمن في الماركسية العلمية وجربت في اليمن الجنوبي والصومال فانتهت بالكوارث وعندما ثبت فشلها قيل «ان الاسلام هو الحل» دون الدخول بالتفاصيل فطبق ذلك الخيار في افغانستان ابان حكم المجاهدين والطالبان وايران والسودان فانتهى الامر بالمجاعات والحروب وتعطل عمليات التنمية.

ان الحل الحقيقي للاشكال العربي يكمن بالتوقف عن التسويق الاعمى للديموقراطية دون الدخول في التفاصيل الدقيقة الهامة حتى لا يخيب امل الشعوب فيها فترتد عليها لذا فالواجب ان تحدد كل دولة عربية «حاجياتها» من الديموقراطية القائمة او القادمة و«مخاوفها ومحاذيرها» من التطبيق فحاجة دول خليجية وافرة الانجاز في الشق التنموي كالإمارات وقطر تختلف تماما عن حاجة دول كالعراق والسودان التي هي في امس الحاجة الى دعم الشق التنموي كما ان لها حقا مشروعا في التخوف من ان يتسبب التطبيق الديموقراطي السريع والمباشر في انشطارها او قيام حروب وعمليات قتل وارهاب فيها، ان على كل دولة عربية ان «تفصل» ديموقراطية مباشرة او متدرجة ودساتير على مقاسها بما يعزز ما تريده منها ويمنع بالمقابل تلك المخاوف فلن توجد قط ديموقراطية «Free Size» تناسب الجميع.

محمد الوشيحي

القبليّون الأحرار

أشعر بقوة العاصفة التي هبت وستهب على النائب الفاضل حسين الحريتي منذ إعلانه تأييده للوزيرة نورية الصبيح في الاستجواب الذي تقدم به ضدها «ابن عمه» الدكتور سعد الشريع. سبق لي وأن مررت بمثل هذا الموقف المكلف للغاية الذي جعلني عرضة لهجمات من جبهات عدة، هجمة تلو هجمة شنها الصغار إلى أن حصلت على جائزة نوبل في المناعة. قوانين القبيلة أحيانا تفرض عليك البقاء أعمى أصم أبكم، لا ترى إلا ما يرى رئيس القبيلة أو الفخذ الأكبر فيها. صحيح أن محاسن القبيلة تفوق وبمراحل مساوئها، إلا أن هذا لا يعني أن تبيع حريتك في المزاد العلني ليقتادوك بالحبال مطاطئ الرأس، أو أن تستأصل لسانك كي لا تصرخ محتجا على خطأ هنا وخطيئة هناك، أو أن تقطع سبابتك كي لا تشير إلى موطن خلل… لا لشيء سوى «الحمية الجاهلية». متابعة قراءة القبليّون الأحرار

سامي النصف

من الشرق والغرب

يتجول امين عام الجامعة العربية السيد عمرو موسى منذ اشهر من وإلى لبنان للتوسط في حل اشكال الانتخابات الرئاسية اللبنانية، تساؤل بسيط: هل توسط قط السيد عمرو موسى في مشكلة ما وحلت؟! واضح ان نهج السيد موسى الحاد والمتخندق دائما لاحد الاطراف لا يحل المشاكل بل يزيدها اشتعالا وتعقيدا.

وصلنا من «المركز الفلسطيني للديموقراطية وحل النزاعات» وبالتعاون بينه وبين العديد من المؤسسات الاهلية والفعاليات الشعبية في غزة والضفة الغربية طلب للمساهمة منا في جهد شعبي للقيام بمصالحة وطنية بين «فتح» و«حماس» ويروم المركز من دعوته كما اتى في رسالة واتصال مديره العام السيد سعيد المقادمة الحصول على دعم وتبني العديد من الشخصيات العربية والاسلامية لتلك المبادرة، من جانبنا نرى ان اي عمل يهدف لدعم السلام على ارض السلام بين جميع الاطراف المتنازعة، سواء كانت على المحور الفلسطيني – الفلسطيني او الفلسطيني – الاسرائيلي هو جهد يستحق الدعم والمثابرة، فقد شبعت الارض هناك من دماء الابرياء.

ورسالة موقعة من «ابناء وسكان منطقة اليرموك» تطلب منا كأحد سكان المنطقة السعي لدى المسؤولين المعنيين للاهتمام بها كونها منطقة مهملة مقارنة بالضواحي الاخرى، حيث لا اهتمام بالمساحات الجرداء ولا زهور ولا ورود كالموجودة في المناطق الاخرى، بل اشجار قليلة زرعت ونسيت، وتمتد المطالبة للسعي لدى اللجنة العليا لازالة التعديات على املاك الدولة لازالة التعديات التي استفحلت في المنطقة بشكل عام والتعديات الموجودة على شارع عبدالعزيز بن باز بشكل خاص، القضية مهمة وقد قمنا ببعض الاتصالات مع مسؤولين حال وصول الرسالة ووعدونا خيرا وسنتابع الموضوع حال عودتنا من سفرنا الحالي.

لم استغرب مما جاء في لقاء «الأنباء» المؤثر مع ارملة البطل الشهيد سيد هادي العلوي من انه بلغ ابان حياته من الرقة والحنان لدرجة قيامه بتقشير حتى الطماط كي لا يؤذيها عند الاكل، من يملك تلك الرقة للاحبة هو من يحيلها الى قسوة وقوة ومقاومة عنيدة لاعداء الوطن كما قام بذلك الشهيد البطل، تبقى الدعوة لأن يتجاوب مكتب الشهيد مع طلبات عوائل الشهداء ممن قدموا اغلى ما يملكون فداء للكويت.

دائما ما نبتعد في بلدنا عن القضايا الرئيسية ونتوجه للفروع غير ذات الاهمية، في قضية التعدي على المكتبات الاسلامية لا يهم حقا اصل او لون او مذهب او جواز سفر الفاعل، فتلك قضايا قشرية لذلك الفعل الشائن الضار الذي يمكن ان يقوم به كويتي او خليجي او عربي او اجنبي لا فرق، المهم ان ينال الفاعل عقابه المستحق وان يكافأ المواطن الفطن الذي تسبب تسجيله لرقم السيارة في القبض على الجاني الذي يدل فعله لا على مرض نفسي بسيط بل الجنون بعينه.

هل يمكن لنا ونحن في بداية العام ان نختار بعض القضايا التي يجب ان نتفق كشعب وحكومة ومجلس امة على تحقيقها مثل التوقف عن الاستجوابات الساخنة والمطالبات المالية المدغدغة التي يستفيد منها بعض المواطنين وتحرج كثيرا من النواب، كذلك نحتاج هذا العام لحسم قضية حقول الشمال فاما انه مشروع مفيد للبلد كما اسمعنا ذلك بعض المختصين الكويتيين في المجال النفطي ومن ثم يتم اقراره عبر الشفافية التامة والسرعة الممكنة واما انه غير ذلك ومن ثم اغلاق ذلك الموضوع الى الابد.

آخر محطة:
 اكد رئيس نادي كاظمة السيد اسعد البنوان على انه بصدد احضار فريق عالمي للعب في الكويت بهدف كسب الخبرة لفرقنا واعادة الجماهير لملاعبنا، الشكر على المبادرة الطيبة، واتعاظا من تجارب الماضي نرجو من الاخ اسعد التأكد من دفء الطقس حتى لا يهجر جمهورنا «المدلل» والحساس الملاعب فننفضح امام الفريق الزائر.

سامي النصف

حار وبارد

قبل الدخول في البرودة لندخل في موضوع الحرارة المأسوف على فقدانها هذه الايام لنضيف دفئا الى موضوع اليوم، بقليل من الجهد يمكن لنا ان ندخل الكويت بموسوعة «غينيز» العالمية الشهيرة من باب تحطيم ارقام قياسية في الحرارة القصوى خلال الاشهر الممتدة من يونيو حتى سبتمبر.

فيمكن لنا ان نسجل اعلى درجة «مفردة» لمدينة سكنية مأهولة في العالم، واعلى معدل درجة حرارة «ليوم كامل» خلال شهر يوليو حين تصل الحرارة لما فوق الخمسين نهارا وما يقارب 45 ليلا، واعلى معدل درجة حرارة «لشهر» خلال شهر يوليو، كما يمكن لنا ان ندخل في شهر اغسطس لاعلى درجة حرارة «بحر» في العالم عندما يتراكم تأثير حرارة اشهر يونيو ويوليو واغسطس فيصبح البحر عند الشواطئ اقرب للشوربة الساخنة.

في دول الشمال على خط 50 شمالا وما فوق وبسبب الابتعاد عن الشمس نجد ان البرودة تحدث محليا ودون الحاجة لرياح الشمال، تقع الكويت على خط 29 شمالا لذا لا يقع البرد محليا بل يأتي قادما من رياح الشمال المنطلقة من سيبيريا وروسيا وغيرهما، وعليه يجب ان يضاف لدرجة الحرارة ابان البرد في الكويت عامل تأثير الرياح «Chill Factor» المعروف حتى يعلم الناس ان درجة حرارة «ثابتة» تبلغ 5 درجات على سبيل المثال يمكن لتأثير تحرك الهواء ان يجعلنا نشعر وكأنها 2 تحت الصفر او اكثر طبقا لنشاط الرياح وسرعتها وهو ما يجعل برد الكويت «غير» كما يروي كثير من المواطنين والمقيمين دون ان يعرفوا السبب.

قبل ايام ذهبت الى نادي القادسية للمرة الاولى منذ ما يقارب 30 عاما مع بعض الاصدقاء لمشاهدة مباراة المنتخب ضد منتخب ساحل العاج، الذي قام مشكورا فواز الحساوي باستضافته، المليء بنجوم عالميين لا يحلم احد بمشاهدتهم عن قرب الا بأغلى الاسعار، وبجهد جهيد وصلنا الملعب وكانت المدرجات فاضية على الآخر رغم ان اسعار التذاكر متهاودة جدا، وقد قيل ان سبب العزوف هو «البرد»، وهو امر لا اكاد اصدقه حيث تتكفل الملابس الصوفية والقطنية بمقاومته وقد يكون السبب هو الكسل الشديد الذي بات يخيم على حياتنا والذي امتد لرياضيينا من جمهور ولاعبين باتوا يتساقطون بعد الشوط الاول.

هناك من مواطنينا من لا يتوقف عن الشكوى والتذمر من كل شيء، ففي الصيف شكوى من الحرارة وفي الشتاء من البرودة ومعروف ان ظواهرنا المناخية لا تهدم البنيان ولا تقتل الانسان كحال الظواهر المناخية القاسية للدول الاخرى، امثال الفيضانات والثلوج والاعاصير والبراكين والحمد لله على الحر والبرد.

تثبت الحقائق العلمية المطلقة عدم قدرة الانسان على التنبؤ بالانواء الجوية قبل اسابيع او اشهر او سنين من حدوثها، التنبؤ المناخي القصير والدقيق يقوم على مراقبة خطوط الضغط وحساب سرعة الريح واتجاهها، فاذا ما كانت شمالية وتعرضت بغداد على سبيل المثال لبرد شديد فيمكن من معرفة المسافة وسرعة الرياح حساب الوقت اللازم لوصول الهواء البارد الى بلدنا.

ومثل ذلك عندما تتحول الرياح الى جنوبية شرقية وتمر سحب ممطرة على البحرين او ميناء بوشهر الايراني فيمكن التنبؤ بوصول الغيوم وسقوط الامطار علينا بعد كذا ساعة، ويعتمد المتنبئون طويلو المدد على الدورات المتكررة المعتادة للانواء كل عام ومعها ضعف ذاكرة الناس، فعندما يصدق المتنبئ يذكره الجميع وعندما يخطئ لا يذكره احد كحال المنجمين في توقعاتهم قبل نهاية كل عام التي يتذكر الناس القلة التي تصيب منها وينسون العشرات من التنبؤات الخاطئة.

احمد الصراف

من وحي زيارة «هامبورغ

أحمد الصراف

لا أخاطب هنا الليبرالي أو العلماني ، ما بينهما، إن وجدا في مجتمعاتنا الضيقة الأفق، ولكني معني بدرجة أكبر بمخاطبة المسلم الكلاسيكي والمتشدد الديني والمتطرف بمعتقداته وكل أولئك الذين يعتقدون أنهم على حق والعالم أجمع على باطل، وينقسم الآن الى دار سلام ودار حرب، وأن لا تعايش لا مهادنة مع الآخرين من غير إقرارهم بصواب آرائنا وصلاح معتقداتنا، وأن أمامهم خيارين: إما دخول الإسلام وإما دفع الجزية وهم أذلاء، ودون ذلك الموت. فنشر العقيدة والتبشير بها واجب ولو بحد السيف، والنصر آت لا ريب في ذلك! ولكن أين ذهب واجب الإعداد «لهم» ما استطعنا من قوة ومن رباط الخيل؟
***
يعتبر الألمان من أشد وأقوى شعوب أوروبا بأسا وأكثرهم إخلاصا لأعمالهم وواجباتهم الوظيفية وإتقانا لها وتفانيا في أدائها. كما عزز من مكانة الألمان عالميا كبر مساحة بلادهم وحجم مواردهم الطبيعية الهائل وتعدادهم البشري الضخم، والأهم من كل ذلك تراثهم الحضاري والثقافي والتقني الذي قل نظيره. كل هذا أثر إيجابا على مستوى المنتجات الألمانية وقوة اقتصاد الدولة واحترام العالم لها وللقدرات الهائلة للشعب الألماني وتميزه الرفيع، الذي كان سببا في دفع البعض من فلاسفة الألمان ومفكريهم، و بعد ذلك قادتهم وعسكرييهم، للاعتقاد بأن «ألمانيا فوق الجميع»، وهي المقولة التي كانت جزءا من نشيد الرايخ الوطني، وأنهم الجنس الأكثر رقيا، وأن على الآخرين الخضوع لهم، حربا أم سلما!!
قفز «هتلر» للحكم في أواخر ثلاثينات القرن العشرين، وتعهد منذ اليوم الأول لزعامته أن يجعل ألمانيا فوق الجميع، وكانت نتيجة ذلك، خلال عشر سنوات، تضامن العالم المتحضر أجمع ضد ألمانيا، مما أدى في النهاية إلى مقتل أكثر من 20 مليونا منهم، وانهيار اقتصادهم وتحطم مدنهم ومصانعهم وتقسيم عاصمتهم ووضعها تحت وصاية الحلفاء وتقييدها بالمهين من الاتفاقيات التي قضت إلى الأبد على حلم «ألمانيا فوق الجميع»، وبعده فقط اقتنع الألمان أنهم جزء من هذا العالم وأن عليهم التعايش معه بسلام وتقبل حقيقة أن ألمانيا مع الجميع، وليس فوقهم!
والآن، وبصراحة فجة، أين نحن، كعرب، أو حتى كمسلمين، من ألمانيا وتراثها الفكري و الحضاري وبأس جنودها ودهاء سياسييها وعظمة منتجاتها وكم المعلومات الهائل الذي تراكم لديها، وتقدمها الصناعي والطبي والتقني في كل مجال، مقارنة ببحر الأمية الأبجدية، دع عنك باقي أنواع الأمية، الذي نسبح فيه، ونحن غافلون؟! فإذا كان هذا مصير ألمانيا، الشعب والدولة، الغنية بكل شيء والمتعلمة والمثقفة والمنيعة، عندما حاولت معاداة العالم وإخضاعه لإرادتها، وفرض رأيها وأسلوب حياتها على العالم، كما يحاول البعض منا القيام به، فما المصير الذي ينتظرنا إن قرر العالم يوما التضامن ضدنا بسبب تصرف السفهاء والحمقى من المتعصبين منا؟ هل يكفي أن يكون لدينا ألف أو عشرة آلاف، أو حتى عشرة ملايين انتحاري على استعداد للموت وملاقاة الحور العين في سبيل الأمة والعقيدة لكي ننتصر حتى على دولة بحجم اسبانيا أو إيطاليا، لكي لا نقول حلف الناتو؟ وهل بإمكاننا حقا معاداة العالم وضمان عدم فنائنا، أو تخلفنا لقرون أخرى فوق ما نحن فيه من تخلف؟ أليس من الأفضل والأجدى، والأكثر خيرا وبركة، الاهتمام بتعليم أنفسنا وأولادنا والحصول على أفضل الثقافات والتسلح بأفضل العلوم قبل أن نطلب من العالم بلع معتقداتنا أو أن تفرض عليهم، برضاهم أو بغير ذلك؟
ألم يحن الوقت لكي يتعظ «الجماعة» ويتعلموا من تجارب ومحن ومآسي الآخرين؟. ان من الصعب، لا بل من المستحيل، فرض آرائنا على الآخرين، ولو كان من واجبنا ذلك دينيا، في عالم اليوم الذي ليس فقط لا نملكفيه حتى أدنى متطلبات البقاء أحياء من غير مساعدة الآخر، بل لا نستطيع فيه حتى التغلب على أضعف أعدائنا من غير قبول المجتمع الدولي بذلك(!!).
أسئلة «غريبة» ستبقى من دون إجابة إلى أن تحل الكارثة، وهي قادمة لا محالة.