م. ناصر العيدان

ما وراء الاهتمام في الإعلام

مخطئ من يظن أن المهنة الإعلامية غير مرتبطة بالسياسة، فالإعلام مهنة سياسية بامتياز. كما هو التمريض مهنة طبية، والمقاولة مهنة هندسية. من هنا جاء اهتمام السياسيين بالإعلام أكثر من أي مجال آخر … لأنه يهدد الاستقرار على مستوى الدولة، ولا يمكنك غض النظر عن الاهتمام «المُفرط» في الإعلام هنا في الكويت، فحتى هذه اللحظة هناك ما يقارب ستة قوانين تحاكي ممارسات الإعلام المختلفة، ولا يوجد نصف عدد هذه القوانين لتهتم بالهندسة والطب، على سبيل المثال. وهذا يعطيك مؤشراً إلى أين تتجه «التنمية» من وجهة نظر مُشرّعي مجلس الأمة!

اطلعت على دراسة عن «دور وسائل الإعلام في تشكيل اتجاهات الجمهور الكويتي نحو الانتخابات البرلمانية» للباحث محمد غضنفر من جامعة الكويت، تلك الدراسة التي نشرت في العام 2013، حيث أكدت أن 62 في المئة من المجتمع يعتمد في قراراته الانتخابية على وسائل الإعلام، وكشفت إحصائية أخرى أن 18 في المئة فقط هم من لا تؤثر فيهم وسائل الإعلام في قراراتهم الانتخابية والتصويت.

إذاً نحن أمام طوفان انتخابي يوجه الشارع للتصويت لهذا أو ذاك، فهل يسكت المتضرر «انتخابياً»؟ بالطبع لا، وطبيعي ان يسيّر هذا الطوفان إلى مزاجه بقوانين تصب في صالحه، أو في صالح «الاستقرار» تبريراً أو حقيقة.

ولا نغفل بالمقابل أن هناك من يستغل هذه الأداة عكسياً لتهديد الاستقرار في المجتمع، وخيراً فعلت الدولة في إقرار قانون «الوحدة الوطنية» على سبيل المثال، وهذا مبرر منطقي لتشريع هكذا قوانين، لكن الاهتمام «المبالغ فيه» لا يجب أن يكون «ردة فعل» فقط أو سلاحاً سياسياً ضد خصم ما. كما أن هذه اللجان البرلمانية يا حبذا لو تناقش القوانين التنموية الاقتصادية والهندسية والثقافية الأخرى بنفس الكيفية والاهتمام الذي أعطته للقوانين الإعلامية، بأن جمعت أهل الرأي والاختصاص للاستئناس برأيهم. فالحيادية والموضوعية في التشريع تطمئن المجتمع على «استقرار» الرؤية التنموية وشموليتها، وان التشريع ليس أداة تصفية حسابات، بل هو معول بناء لوطن ناهض في كل المجالات.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

م. ناصر العيدان

م. ناصر بدر مطر العيدان، حاصل على بكالريوس في الهندسه و ماجستير في إدارة أعمال / صحفي وكاتب مقال

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *