مع الأيام الأولى لتحرير بلدنا عام 1991 شاهدت كاريكاتيرا بإحدى الصحف الأميركية الكبرى تضمن صورة لمتظاهرين في الكويت يحملون لافتات كتب عليها «يانكي جو هوم» أي: أيها الأميركان عودوا إلى وطنكم، وجندي أميركي يقول لزميله: «أبهذه السرعة؟!».
ظننا ان الأمر طرفة أو نكتة آنذاك حتى قرأت ما كتبه أحد الزملاء الأفاضل في عدد «عالم اليوم» الصادر امس الجمعة ونحن لا نزال نعيش الذكريات العشرينية للغزو الصدامي الغاشم، وأتى ضمن المقال: «ان الظرف الدولي والوضع الإقليمي مناسب جدا للقيام بإلغاء الاتفاقية الأمنية المبرمة مع أميركا»، وان تلك الاتفاقية ـ حسب قوله ـ ليست قدس الأقداس أو سر الأسرار.
ثم يستشهد الكاتب بنفس الآيات الكريمة التي استشهدت بها التيارات المتأسلمة المنحرفة التي اجتمعت في بغداد 9/1/1991 بضيافة ورئاسة «عبدالله المؤمن» صدام حسين وحاولت أن تحرف الكلم عن مواضعه لتبرير العدوان، وقد رد على تخرصاتهم آنذاك علماء المملكة العربية السعودية وعلى رأسهم الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وعلماء الأزهر والسيد الخوئي، وفيما بعد استخدمت نفس الدعاوى من قبل الإرهابي ابن لادن لمنع القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة من حماية المملكة وتحرير الكويت، لذا بودنا أن نرى ردودا من الاخوة منضوي التيارات الإسلامية الكويتية بكافة ألوان طيفها السني والشيعي حول ما أتى في ذلك المقال.
ومادمنا في سيرة الغزو وذكرياته أرى لزاما ان يتم عقد لقاء متلفز مع شاهد العصر الأخ الفاضل عبداللطيف الروضان الذي حضر ودوّن لقاء الشيخ سعد العبدالله رحمه الله مع عزة الدوري وسنجد ضمن تلك المحاضر ما يسر ويثبت قوة حجة المفاوض الكويتي إبان المؤتمر الأخير قبل الاجتياح.
ونرجو أن نرى ونقرأ ونسمع كذلك شهادة شخصيات حضرت مرحلة وأحداث «الحكومة الكويتية في الطائف» وكيف كان التواصل مع المقاومة في الداخل والتحرك الديبلوماسي في الخارج، ومتى بدأ تحديدا الإعداد لمرحلة التحرير وما حدث إبان تلك الحقبة المهمة غير المدونة من تاريخ الكويت.
كما علينا ألا نتردد في عقد لقاءات حتى مع بعض آمري الحرس الجمهوري مثل الفريق الركن رعد الحمداني قائد فيلق «الفتح المبين» الذي شارك في الغزو والذي كتب في كتاب صدر له عام 2007 بأنه استُدعي الساعة 11 صباح يوم 19/7/1990 وأبلغ انهم سيحتلون الكويت ومن ثم لم يكن لمؤتمر جدة بين الشيخ سعد العبدالله وعزة الدوري في 31/7/1990 ولقاء السفيرة الأميركية ابريل غاسبي وصدام في 24/7/1990 أي تأثير مهما كانت الردود والمواقف على قرار الغزو المتخذ سلفا.
آخر محطة:
أرى ان لبنان الشقيق يسير في طريق محفوف بالمخاطر وسينتهي بأحداث جسام ولن تختلف نتائج زيارات القادة العرب له وحسن نواياهم المؤكدة نحوه عن زيارات القيادة العربية للكويت قبيل عدوان 2/8/1990 الغاشم.