محمد الوشيحي

بنت اوناسيس

أعود إلى ذاكرتي الضعيفة أتخبط… كان ذلك في بداية عشرينياتي، وكنت أصرف وقتي ببذخ على مطاردة الصبايا. وفي بهو فندق في القاهرة، قاهرة المعز لدين الله الفاطمي، توجهت إلى طاولة مجاورة تشغلها فتاتان، إحداهما شقراء تتحدث اللهجة الكويتية، فاتنة فارعة باسقة، وأنا لا أميل إلى «الشقار»، لكنني احترمته يومذاك، واقتربت منها أسألها: «كم عدد أخوتك الشبّان؟»، فدهشت: «ليش؟»، فأطفأت دهشتها، أو لعلي أشعلتها أكثر: «كي أقتلهم وأخطفك. فقط أخبريني كم أحتاج من الطلقات؟». قلت ذلك وأفسحت لها مجالاً للضحك بأعلى دموعها، هي وصويحبتها.

لحظات وكنت بجانبها في سيارتها الرياضية حديثة الطراز، وصويحبتها خلفنا – ما شاء الله على صاحبتها، فوجودها مثل عدمه. أسميتها (مودموزيل بلاس) أي (زائد) – نبحث عن مقهى لا يزوره الخليجيون، كما طلبت هي، فداعبتُها: «اختطاف؟»، فردّت ضاحكة: «طبعاً. أعطني رقم هاتف أمك كي أخبرها أين تضع الفدية»، قلت أصحح فكرتها: «لن تدفع لك أمي فلساً واحداً، وستحمد الله على اختفائي وانقطاع مصائبي»… تواصل ضحكنا إلى أن استأذنتها: «أكره الأسئلة لكن سؤالاً ثقيلاً أنهكني حمله، وسأرميه عليك؟»، فربّتت على زندها دلالة القوة والعافية: «هات سؤالك»، فرميته عليها: «كويتية وشقراء؟»، فأجابت: «أعرف صديقة كويتية شقراء، ما الغريب في ذلك. عموماً أنا فلسطينية عشت طفولتي وصباي ومراهقتي في الكويت، وابتعثني والدي إلى هنا للدراسة بعد أن اشترى لي بيتاً ستشاهده قريباً». قلت وأنا أجاهد لأعيد حاجبيّ المذهولين إلى مكانهما: «تزاحمت الأسئلة على كتفي، لكنني لن أسمح لها بالعبور». قالت: «هذه المرة دوري أنا… أين تسكن في الكويت؟»، قلت: «الصباحية سقاها الله»، فاستنكرت: «بعييييدة»، فأيّدتها: «صحيح. من هنا بالطائرة نحو ثلاث ساعات»، فاستدركت ضاحكة: «لا. أقصد من منطقة (حولّي)»، ثم أضافت: «وماذا تفعلون في الصباحية؟ لا سينما ولا أسواق ولا مطاعم… ماذا تفعلون هناك؟»، فأخبرتها صادقاً: «نتخانق. فالصباحية ساحة حرب، ينقصها بئر ماء وجبل، كي يلتف أحدنا من خلف الجبل ويحول بين الأعداء والماء».

هرولت الأيام، واعتاد صديقاي اللذان يشاركاني الشقة على مرور «الباسقة» بسيارتها لتصطحبني… إلى أن جاء يوم دعتني فيه إلى عيد ميلادها الذي سيقام في قاعة فندق، وكانت المرة الأولى التي أُدعى فيها إلى عيد ميلاد. سابقاً كنت أُدعى إلى «هوشة»، خناقة، وفي أحسن الأحوال «تمايم»، عقيقة، لكن عيد ميلاد؟ لا. هذه تجربة جديدة… أبرك الساعات.

يومذاك لم أكن أعرف أن الإيتيكيت يأمرك أن تحمل معك هدية إلى صاحب أو صاحبة عيد الميلاد، ففي مناسباتنا لم نكن نحمل معنا شيئاً لصاحب الدعوة… وذهبت إلى الفندق، حيث الاحتفال، وأنا أفكّر في عذرٍ أقدّمه لأبيها أو لأي أحد يسألني عن سبب مجيئي.

ودخلت القاعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا بي أمام جمع من الرجال المهمّين، من الذين نشاهدهم في التلفزيونات والصحف، وحولهم نساء من اللواتي نقرأ تحت صورهن: «حرم فلان»، وكل من يدخل القاعة بعدي يحمل معه علبة، وتبلّمت، وشعرت بألم في بطني، فشاهدت «بنت إبليس» مودموزيل بلاس، فصرخت فيها مستنجداً: «تكفين يا بلاس… الفزعة». فسحبتني من يدي إلى حيث تقف داليا بين الجموع تتلقى علب الهدايا، فشعرت بحرج شديد، فخلعتُ ساعة يدي التي اشتريتها من قيصرية الفحيحيل وقدمتها إليها بدون علبة.

بعد أيام سألتها: «من أنتِ؟ بنت المياردير اليوناني أوناسيس؟» فأجابت: «لا. أنا بنت أحد كبار قياديي منظمة التحرير الفلسطينية، فتح»، فأفلتت مني ضحكة مدوية غطّت على كلماتي: «يا بنت الكلب». 

سامي النصف

كم من جرائم ترتكب باسم الشعب!

في العام 2007 دفع تكتل سياسي نحو إلغاء صفقة تحديث أسطول الكويتية عن طريق الادعاء بخصخصتها خلال 10 أشهر وان المواطنين سيستفيدون من أسهمها المكتتبة، قاربنا السنة الرابعة دون تخصيص، وقاربت «الكويتية» على مرحلة التدمير الشامل بعد أن تجاوز عمر أسطولها 20 عاما. والسؤال: ما فائدة ان يكتتب الشعب في شركة خاسرة فتتحول 100 فلس الاكتتاب إلى 20 فلسا خلال عام ثم إلى «الصفر» الكبير خلال عامين أو ثلاثة على الأكثر؟

في العام 2008 طرح نفس التكتل القانونيين 8 و9/2008 بحجة الرغبة في إفادة الشعب من تملكه 50% من مشاريع الـ B.O.T ولخفض أسعار الأراضي، وحدث مرة أخرى تدمير شامل لمشاريع الـ B.O.T حيث توقفت بالكامل وهاجرت المليارات الكويتية لتبني دولا أخرى، وارتفعت أسعار الأراضي إلى الضعف مع توقف أدوات تمويل الشباب بسبب ذلك التشريع المدمر الذي لا يفرض الضرائب على أصحاب العقارات والمجمعات المدرة للمال بل يفرضها بشكل لا مثيل له في العالم على أصحاب الأراضي غير المدرة، المنازل هي أكبر استثمار للإنسان وستنخفض أسعارها إلى النصف العام المقبل بسبب ذلك القانون الأكتع.

في العام 2009 طرحت أو فرضت نفس المجموعة خلق شركات للقيام بالأعمال الإنشائية لخطة التنمية يكتتب بها الشعب بنسبة 50% (من تاني) ولم يقل لنا أحد كيفية استمرار العائد المالي لتلك الشركات المحدد عملها بإنجاز مشروع ما كإنشاء مدينة ..إلخ، ثم يتوقف عملها بانتهاء المشروع، ولم يعطونا مثالا واحدا مشابها لما اقترحوه في دول أخرى بها حركة عمران نشطة أكثر منا، دون مثل تلك الأفكار المدمرة التي ظاهرها رحمة وباطنها عذاب، والتساؤل: كم سيستغرق إنشاء مثل تلك الشركات العملاقة ومدة الاكتتاب بها؟ ومن سيقوم بإدارتها؟.. الخ، إن الحل الأمثل هو بإعطاء تلك المشاريع للشركات الكويتية المختصة والأغلب منها شركات مساهمة عامة قائمة، وما لا تستطيع عمله يرسى على شركات عالمية قادرة، إن جائزة ومكاسب الشعب الكويتي الحقيقية ليست باكتتابات مؤقتة خاسرة، بل بأن تنتهي تلك المشاريع بأفضل صورة وأقصر مدة حتى لا يموت وهو ينتظر مشاريع ورقية تنتظر التنفيذ.

في العام 2010 طرح التكتل ذاته فكرة مدمرة ومدغدغة أخرى غير مسبوقة في تاريخ الدول الأخرى الأكثر منا تقدما ورقيا وإنجازا، وهي إنشاء محفظة من 10 مليارات دينار من أموال الشعب المتباكى على مصالحه تصرف دون رقيب أو حسيب فيما سيدمر النظام المصرفي القائم (وقد يكون هذا بيت القصيد) وقد اعترض وزير المالية ومحافظ البنك المركزي و«جميع» المختصين دون استثناء على تلك المحفظة التي سيستفيد منها أصحاب النفوذ السياسي على حساب مصلحة البلد، إن الحل الأمثل هو ما عمل به في السابق وآخره بعد التحرير عندما وضعت الحكومة أموالا في البنوك لحل إشكاليات المديونيات بضوابط حكومية ورقابة تامة من البنك المركزي إلا أنها كانت تعتبر OFF BALANCE SHEET. إن الخطة الإنمائية يجب أن تمول بهذا الشكل الذي يحفظ حرمة المال العام وقوانين الدولة والتشريعات الدولية المعنية.. وللحديث تتمة في مقالات لاحقة.

آخر محطة:

هناك من يقترح ان تدفع الحكومة مبالغ الاكتتاب في الشركات الوهمية الكبرى وينسى أن هذا الأمر لا يوفر على شعبنا الطيب شيئا، فأموال الحكومة هي أمواله التي ستدفع في اكتتابات ستنتهي خلال سنوات إلى «الصفر» في حال الفشل أو إلى قلة من الأفراد حال النجاح.. غير المتوقع!

حسن العيسى

حزب الله المعصوم

لم تعرض على الإعلام قرائن المحكمة الدولية نحو إدانة بعض العناصر القيادية في حزب الله بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولا أحد يستطيع أن يقدر الآن معقولية أو عدم معقولية  أسباب "القرار الظني" للمحكمة في اتهام حزب الله، فالقرار في ضمير المحكمة أو القاضي بلمار، إلا أن حزب الله وأنصاره سارعوا إلى اتهام المحكمة ضمنياً بالعمالة لإسرائيل  والأميركيين، وقدموا بدورهم أدلة، حسبما يقول أصحابها، تقطع بتورط إسرائيل في جريمة الاغتيال بواسطة الطلعات الجوية ودور ضابط لبناني عميل لإسرائيل اسمه غسان الجد كان موجوداً في مسرح الجريمة…!
سياسة حزب الله في الدفاع هي الهجوم على المحكمة والتحقيق وتوجيه الاتهامات إليها قبل أن تعرض على الرأي العام أسباب القرار الظني، فلم يترك حزب الله فرصة كي يطلع اللبنانيون والعالم على محتوى وأسباب القرار، وفي الوقت ذاته تجري التلميحات بعظائم الأمور مثل الحرب، بينما لو مضى نحو إعمال هذا القرار المحتمل… كيف يمكن هضم دفاع حزب الله وتبرئته من تهمة لا نعرف أدلتها حتى الآن؟
لا يجحد عاقل دور حزب الله النضالي ضد إسرائيل، ولا ينكر أحد أنه لولا هذا النضال لما تحقق الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، وبهذا سجل لنا حزب الله أول انتصار عربي جزئي ضد إسرائيل في مسلسل طويل من هزائم الأنظمة العربية… أيضاً لا يمكن أن ننفي حقيقة أن حزب الله هو الأكثر تمثيلاً للأغلبية الشيعية في لبنان، وهو الأقرب لمعاناتهم التاريخية  وبؤس أحوالهم لعقود ممتدة في التاريخ اللبناني، ومع كل ذلك، ورغم الدمار الذي أصاب لبنان واللبنانيين حين تحول الجنوب اللبناني إلى  "هانوي" التحرير ضد إسرائيل، يبقى أن نسأل هل كانت مثل تلك البطولات والتضحيات الكبيرة للحزب تضفي رداء القداسة عليه وتحصنه من أي خطأ أو انحراف في مسيرته؟… ضلوع إسرائيل في جريمة اغتيال الحريري مسألة محتملة، وأيضاً هناك احتمالات تقول إن غير إسرائيل لهم مصالح و"أجندة" مكتوبة لاغتيال الحريري وغيره من رموز لبنانية كبيرة مثل جبران تويني وسمير قصير… فلماذا الآن النفي المطلق لكل هذه الاحتمالات؟
يكاد يقول الحزب للناس إنه هو لبنان ولبنان هو الحزب، ولا شيء قبله ولا بعده، وبالتالي فإن للحزب وقياداته صفة "السيادة" المستحقة للدول، ولا يجوز في أي حال مساءلة أصحاب السيادة ولا مخاصمة أهل العصمة… ولتذهب العدالة إلى الجحيم…

احمد الصراف

زكية جورج

تعتبر زكية جورج أول امرأة تغني في الأماكن العامة، وكان ذلك في ثلاثينات القرن الماضي في بغداد. ولدت زكية جورج، واسمها الحقيقي فاطمة، في مدينة حلب السورية، ورحلت وهي صغيرة مع شقيقتها إلى بغداد للعمل كراقصة في ملاهيها الليلية، ولكن صوتها المميز سرعان ما جذب اليها الشعراء والملحنين فاهتموا بموهبتها، ومنهم أكرم أحمد، وكمال نصرت، الذي أُغرم بها كثيراً وخلدها في ديوانه الشعري. وقد غنت زكية في الاذاعة العراقية الكثير من أغانيها الشهيرة مثل: هذا مو انصاف منك، كلبك صخر جلمود، خدري الجاي خدريه، من الولف آه، وغيرها من الأغاني التي لا تزال تغنى حتى وقتنا الحاضر والتي كان لها صدى واسع الانتشار، وكانت في غالبيتها من ألحان الفنان الكبير «صالح الكويتي»، الذي رحل وأسرته الى إسرائيل في بداية الخمسينات وتوفي هناك.
وبعد سنوات حافلة بالفن والحب والطرب زادت على 30 عاماً، عادت في عام 1955 إلى مسقط رأسها حلب تاركة الغناء، لتعمل في حياكة الملابس حتى توفيت في عام 1966، ولولا الفقر والعوز لما عادت لوطنها لتعمل في مهنة شاقة كحياكة الملابس بعدما كانت ملء السمع والبصر لأكثر من ربع قرن. والغريب ان ما حصل لزكية، أو فاطمة، حصل مع غالبية فناني تلك الأيام، وحتى هذه الأيام، فقلة فقط تهتم بتنمية مواردها المالية عندما تكون في القمة معتقدة ان المال سيستمر في التدفق الى الابد. كما ان غالبية هؤلاء الموهوبين في مجال او آخر لا يفقهون عادة في الامور المالية، وخلفياتهم التعليمية عادة ما تكون متواضعة.
وتقول كلمات اغنية «هذا مو انصاف منك»، التي كانت الأكثر شهرة بين أغانيها، والتي لا يزال الآلاف يستمعون لها على اليوتيوب شهرياً:
هذا مو انصاف منك غيبتك هل كد تطول
الناس لو تنشدني عنك شرد أجاوبهم شكول
ألف حيف وألف وسفه مثل يخون وسفة
قلبي خليته يتجوه بنار هجرانك تلوه
هذا مو انصاف منك لا، ولا منك أصول
توالف العاذل بسرعه والوصل عني تمنعه
أظل كم دوب أكد وأسعى وغيري عل حاضر ينول

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الديوان خرّب الكشخة

تقبل الله طاعتكم
رمضان شهر التغيير.. فيه يتغير كل شيء.. نمط الحياة يتغير.. الطعام يتغير.. برنامجك اليومي يتغير.. دوامك.. نومك.. وقتك.. كل ذلك يتغير..
لكن الأهم من كل ذلك هو تغيّر السلوك!!
ففي رمضان تصفّد الشياطين.. وتفتح ابواب الجنان.. وتغلق أبواب النيران.. لذلك يسهل على الانسان قيادة نفسه والتحكم في هواها.. وتظهر حقيقة النفس البشرية التي جبلت على الفطرة.. فتجدها تطاوعك في الذهاب الى المسجد الذي لم تكن تذهب اليه الا في صلاة الجمعة.. ويسهل عليك غض البصر بينما كنت تعاني ذلك كثيراً في غير رمضان، وتجد لسانك قد تطهر من بذيء القول ببركة هذا الشهر.. وتكف عن كثير من المحرمات التي كنت تمارسها بشكل اعتيادي في السابق.. انه فعلاً شهر التغيير.. مستغلين تصفيد الشياطين وتنزل رحمة الله تعالى الواسعة لتحويل هذا الكوم من السيئات الى حسنات «فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً».
الأهم من هذا كله أن يستمر التغيير بعد رمضان.. وأن نستغل هذه الأيام العطرة في ترسيخ سلوك جديد في حياتنا.. عنوانه «ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب»، صدق الله العظيم.

* * *
في أول أيام هذا الشهر الفضيل.. وبعد صلاة التراويح.. ذهبت مع من ذهب الى الديوان الأميري في بيان لتقديم التهاني – كالعادة – الى سمو الأمير والأسرة الكريمة. وقد اثلج صدري رؤية جموع الكويتيين بمختلف مشاربهم وطوائفهم وانتماءاتهم يتدافعون لتقديم الولاء والتعبير عن حبهم لقيادتهم، ممثلة بسمو الأمير وولي عهده والأسرة الكريمة، لكن – يا فرحة ما تمت – !!
تحولت هذه التظاهرة الشعبية الى مظهر غير حضاري بسبب سوء التنظيم وسوء الادارة في تلك الليلة.. عدم التزام بالوقت المعلن عنه – عدم تهيئة صالة الانتظار لهذا العدد من الناس الذين ظلوا واقفين على رجليهم اكثر من ساعة من دون أن يجدوا مكاناً يجلسون فيه – خدمة المرطبات والماء البارد متواضعة للغاية!! وكأن هذه أول مرة يتم فيها استقبال من هذا النوع.
وما آلمني أكثر أنني بعد أن تم دفعي بقوة داخل قاعة الاستقبال شاهدت المسؤولين عن الديوان في وسط الصالة يتحدثون بينهم همساً، وكأن الأمر لا يعنيهم ولا كأن في الخارج مذبحة نفسية لشيبان وشباب يتحلطمون تحلطم الكويتيين!! كدت انفجر من الغضب لولا أن رأيت الوزير الأسبق فهد اللميع تقذفه الجموع الى الداخل وعقاله بيد وبشته بيد وغترته تسحب وراه. هنا كتمت غيظي وتمتمت ضاحكاً: شوف مصيبة غيرك تهون مصيبتك!!

مبارك فهد الدويلة

سعيد محمد سعيد

إنها… بيوت الله يا جماعة!

 

لعل المسئولين بإدارتي الأوقاف السنية والجعفرية، على علم ومتابعة لأوضاع المساجد في مختلف مناطق البلاد، ولاشك في أنهم يدركون أهمية متابعة الملاحظات التي ترد من المواطنين والمقيمين بخصوص توافر كافة المرافق والتجهيزات لبيوت الله، ولهذا، فإنه من الأهمية بمكان محاسبة القيمين على المساجد من أولئك الذين يهملون العناية بها.

في بلادنا، اعتادت فئات مختلفة على المشاركة في حملات تنظيف ورعاية المساجد، وهي من الصور الرائعة في غرس قيم تعمير بيوت الله لأنها من تقوى القلوب وينال فاعلها عظيم الثواب، وللأمانة أيضاً، يبذل الكثير من القيمين على المساجد قصارى جهدهم للحفاظ على نظافة وتجهيزات ومرافق المسجد في أحسن حالة، لكن هناك فئة منهم بلغ الإهمال لديهم درجة لا يمكن أن تحتمل، ما يدعو لضرورة قيام المعنيين بإدارتي الأوقاف السنية والجعفرية للتأكد من أوضاع بعض المساجد المهملة من خلال حملات تفتيش دورية.

مما يؤسف له أن بعض دور العبادة تتعرض لإهمال سيئ، فدورات المياه مهملة إلى درجة كبيرة، كما أن نظافة ردهات وقاعة الصلاة ليست بالمستوى الذي يليق ببيوت الله، وهنا نتساءل: «هل هناك مساجد بلا قيم؟ وفي هذه الحالة من المسئول عن متابعتها وتوفير احتياجاتها؟»… إن نظافة المسجد ليست محلاً للنقاش أبداً، بل إن النقاش في قضية كهذه لا تليق، لكن مع شديد الأسف يبدو أن بعض القيمين اعتادوا على الإهمال إلى أن وصل الحال في بعض المساجد لانتشار الروائح الكريهة في قاعات الصلاة، وانتشار الحشرات، وسوء الحالة الصحية لدورات المياه. في أحد المساجد، بقي أحد الشباب إلى قرابة الساعة العاشرة ليلاً وهو يكنس ويلمع ويغسل بلاط دورة المياه، ثم يعود مرة أخرى إلى المسجد ليشعل البخور وينظف المكيفات، فما الذي جعله يبذل كل هذا الجهد والعمل المتقن غير إدراكه للمسئولية الدينية الملقاة على عاتقه؟ وفي مسجد آخر، تقصد دورة المياه لتجد الحنفيات في حالة يرثى لها بسبب تسرب الماء، وتدخل إلى المسجد لتتضايق من الرائحة السيئة، وتقوم من السجود لتجد كفيك وقد علق بها بعض التراب أو الحشرات… فأين القيم على هذا المسجد؟ وهل وظيفته هي رفع الأذان وحسب؟

في دولة الإمارات العربية، نجحت ندوة نظمتها وزارة الداخلية الإماراتية حول أهمية نظافة ورعاية المساجد، وذلك في إطار حملة «مساجدنا من مظاهر حضارتنا»، وكان الهدف منها هو إبراز حرمة المساجد وإشعار المصلين بالمسئولية تجاه بيوت الله وأهمية المساجد وعظمتها ومدى اهتمام الأنبياء والمرسلين بعمارتها وموقف المؤمنين تجاهها. تلك الحملة غطت خمسة آلاف مسجد في الإمارات ونجحت بالفعل في تعويد الناس على الاهتمام بالمساجد بل وتقديم الملاحظات والشكاوى حول المساجد المهملة، ولعلنا نحتاج ونحن نعيش شهر الله المعظم إلى حملات مشابهة من الجهات المعنية، أو استمرار الحملات الأهلية التي يقوم بها المتطوعون من الشباب، لكن لابد من تنظيم حملات تفتيش من جانب إدارتي الأوقاف للتأكد من أوضاع بيوت الله… فهي أقدس الأماكن عندنا