سامي النصف

الشيخ مشاري الخراز ود.ابتهال الخطيب

الكويت بلد صغير يعاني منذ عقود من أزمة وجود وأزمة هوية ومن ثم يجب أن تتضافر جهود أبنائه من مختلف المشارب لدعم المبدعين والبارزين الكويتيين من جميع الاتجاهات والتوجهات حتى نظهر للعالم اننا لسنا نفطا فقط بل ابداعا وفكرا وعلما وشعبا يستحق الحياة، ان تخذيل المبدعين ومحاربتهم وهي ظاهرة متفشية للأسف الشديد لا تقل ضررا على الكويت في المدى البعيد عما قام به صدام كونها تمهد لتكرار الغزو والاختفاء.

لقد شهدنا في الفترة الأخيرة بروز الشيخ مشاري الخراز وكذلك بروز ابنة الكويت د.ابتهال الخطيب والاثنان يستحقان وبحق الدعم والنصرة والتأييد، لا الهجوم والتحبيط للشيخ الخراز او الطعن بالدكتورة ابتهال وتحريف أقوالها وأنا العالم بحسن تربيتها على يد والديها الكريمين اللذين أعرفهما منذ زمن بعيد.

أثناء زيارتي للسعودية التقيت وسمعت بإعلاميين وأدباء وشعراء بارزين كاللواء الشاعر خلف هذال والكاتب محمد الرطيان وسليمان الفليح ومثلهم الشعراء فهد عافت وسامي المانع وجميعهم ممن ولدوا وعاشوا في الكويت ولو كنا نحرص على المبدعين والبارزين لكنا جنسنا أمثال هؤلاء الأفاضل الذين يعتبرون وزارات اعلام متنقلة قائمة بذاتها الا اننا للأسف تركناهم وفتحنا الباب واسعا لغيرهم.

وضمن اجابتي عن سؤال لمذيع القناة الثقافية عن مغزى مقالتي «قصيبين وربعيين» ذكرت له حقيقة ان المبدع د.غازي القصيبي دُعم من بلده وظل يسخر كفاءته الاستثنائية لخدمتها حتى أعياه المرض هذه الأيام ـ شافاه الله ـ بينما أهمل مثيله المبدع د.أحمد الربعي ولم تستغل قدراته حتى وافته المنية رحمه الله، ويمكن في هذا السياق المقارنة بين الفنانين محمد عبده وطلال مداح والماجد وعبدالمجيد وامثالهم الكويتيين شادي الخليج ومصطفى احمد وعبدالمحسن المهنا وصالح الحريبي ممن تعرضوا كذلك للمحاربة بدلا من التشجيع، والاهمال بدلا من الاهتمام، والحال كذلك عند مقارنة اللاعبين ماجد عبدالله وسامي الجابر واقرانهم الكويتيين، والفنانين القصبي والسدحان ومن سبقهم من كويتيين مخضرمين امثال سعد الفرج وعبدالحسين عبدالرضا.

وفي الأردن ـ محدود الموارد المالية ـ تم تطبيق قانون «تفرغ المبدعين» حيث تتكفل الدولة برواتبهم مع اعطائهم تفرغا كاملا لأعمالهم وهو امر مطبق بأشكال مختلفة في الدول الأخرى، حيث تستقطب الجامعات الاميركية مبدعي العلوم والرياضة وتتكفل بدفع مصاريفهم، وفي مصر طبقت تلك النظرية عبر تسجيل المبدعين امثال نجيب محفوظ وغيره في الصحف القومية مع التفرغ التام للعمل الابداعي حتى عرفوا وحصدوا أعلى الجوائز لبلدهم.

وقد كانت الرياضة الكويتية في أوج مجدها عندما ابتدعت فكرة التوظيف الصوري للاعبين وتفريغهم للرياضة وتأخرنا عندما بدأنا نطلب منهم ان يمارسوا اعمالهم حتى المساء ثم يقوموا باللعب بعد ذلك فخسرنا الاثنين اي لا عمل ولا ابداع رياضي، ان الكويتي بحاجة لتخصيص مدارس للمبدعين الصغار ودعم وتفريغ المبدعين الكبار وسن تشريعات لا تكتفي بدعمهم بل بمحاسبة من يحاربهم ودون ذلك قد نختفي في يوم بعيد دون ان يشعر العالم باختفائنا.

آخر محطة:

(1) توجه الشيخ المبدع مشاري الخراز لمحلات «اليوسفي» لشراء شاشات عرض كبيرة توضع في المسجد الكبير إبان إلقاء أحاديثه ومواعظه، لما علم ان سعرها يتجاوز 80 الف دينار أحجم عن الشراء الا ان القائمين الخيرين على تلك المؤسسة وتشجيعا له قدموها مجانا وهكذا يترجم حب الكويت وتشجيع المبدعين وإلا فلا.

(2) بلدنا هو الوحيد في التاريخ الذي يشتكي فيه مر الشكوى المبدع والمخلص والكفؤ الأمين ويسعد به الآخرون ممن هم غير ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *