سامي النصف

«اللاتشريع».. واستجوابات على الهوية

انتهى استجواب «الاعلام» لتبدأ على الفور عملية نسج خيوط استجوابين جديدين «مالقين» لـ«المالية» و«التجارة» لا على تجاوزات فيهما او لاصلاح اعوجاج قد حدث، بل لتصفية حسابات شخصية ـ كالعادة ـ واكمال نهج الاستجوابات على الهوية التي يستفيد البعض منها ماليا وشعبيا بنسبة «مية بالمية»!

هل يعقل ان تصبح خيارات الشعب الكويتي هي اما «اللاتشريع» في وقت تحتاج فيه خطة التنمية الطموحة لمئات التشريعات الجديدة، واما خلق تشريعات ظالمة مدغدغة يسفك ويسفح خلالها المال العام على ما لا فائدة منه للوطن، وكم في الطريق من تشريعات مدمرة لا مثيل لها في الديموقراطيات الاخرى، نحتاج لتضافر جهود كل الاطراف الخيرة في البلاد من مجتمعات نفع عام وغيرها لخلق تشريع «يحصن» الميزانية العامة للدولة بعد اقرارها وصدورها من كلفة تشريعات ترفع شعارا واضحا كالنار فحواه ومحتواه هو «ارجوك اعد انتخابي، لأملأ جيوبي وجيوب ابنائي واحفادي»!

وفي الجانب الرقابي يوضع الشعب الكويتي بين خياري السكوت مدفوع الثمن عن التجاوزات المالية، وتفعيل الادوات الرقابية وعلى رأسها الاستجواب بطريقة معاكسة تماما للمراد والمقصود منها، وهل سمع احد بفلس احمر استرد بعد عمليات الاستجواب التي تشغل البلاد لاشهر واعوام؟!

كل هذه التجاوزات بوجود كل هذه الاجهزة الرقابية، فماذا لو كان حالنا حال الدول القريبة والبعيدة التي لا اجهزه رقابية فيها؟!

ان المحذور منه اذا ما استمر المسار بهذه الطريقة ان تصبح مشاكل دبي «خلفها» في ضوء ما نسمعه من تسويات وعمليات ضخ مالية في شرايينها الاقتصادية، وهو امر جيد نتمناه للاشقاء الاعزاء هناك، وان تصبح مشاكل الكويت «امامها» ومتضخمة كحال كرة الثلج التي كلما سمحنا لها بالتدحرج والاستمرارية كبرت حتى يصبح من الاستحالة التعامل مع اضرارها في وقت لاحق، الكويت بحق تستحق خيارات ومسارات خيرا من التسخينات السياسية المتلاحقة.

آخر محطة:

 1 – حكاية حقيقية يرويها لي صديق اعلامي عزيز، بعد ان ضاق بعمليات التضييق على مؤسسته الاعلامية في الكويت زار دولة قريبة يسألهم عن امكانية العمل من هناك، خصصت للزميل مرافقة اجابته بالتالي «اذا كانت لديك رخصة اعلامية فالمكاتب وخطوط الاتصال مفتوحة وتستطيع ان تعمل وموظفوك بعد ساعة، اما اذا لم تكن لديك رخصة فالقضية ستحتاج الى وقت». شعر الزميل بالاحباط وسألها «كم من الوقت؟! يعني اجيكم بعد 6 اشهر او عام؟» وكانت الاجابة من المرافقة «بعض الوقت يعني ان تكون الرخص والمكاتب جاهزة الساعة 12 غدا».

2 – للمعلومة، احتاج افتتاح فرع بنك الخليج في منطقة اليرموك لما يقارب العامين من الموافقات والرخص ولايزال لا يضع لوحة للاعلام عن وجوده كونه يحتاج لعامين آخرين من الموافقات للسماح بها!

احمد الصراف

سبتيات في الزواج (*) ــ 3

سأل التلميذ مدرسته: ما هو الحب؟ فقالت: لكي أجيبك عن سؤالك عليك بالذهاب الى حقل القمح القريب وأن تعود بأكبر سنبلة فيه. ولكن تذكر أنك لا تستطيع العودة الى المكان الذي كنت فيه في الحقل لتختار ما سبق ان رفضته.
ذهب الصبي وشاهد سنبلة كبيرة، ولكنه قال لنفسه ربما هناك ما هو أكبر منها فتركها ووجد واحدة اكبر منها وعندما هم بقطفها سمع هاتفا يقول له ربما هناك سنبلة أكبر بكثير تنتظرك.. وهكذا، وما ان اصبح في منتصف الحقل حتى تبين له أن السنابل أصبحت أصغر وأصغر وأن ليس بمقدوره العودة للسنابل الأكبر، فشعر بخيبة أمل وعاد خالي الوفاض!
وما ان رأته المدرسة حتى قالت له: هذا هو الحب، فأنت بحثت وبحثت عن الأفضل، ولكنك اكتشفت في نهاية المطاف أنك فقدت ما سبق وان كان بيدك، وكان هو الافضل!
فقال لها: إذا ما هو الزواج؟ فقالت: لكي أجيبك عليك الذهاب الى حقل الذرة واختيار أكبر كوز والعودة به. وتذكر أنك لا تستطيع تغيير رأيك والعودة الى المكان نفسه في الحقل مرة أخرى. فذهب الصبي الى الحقل وهو حريص على عدم ارتكاب الخطأ ذاته مرة أخرى، وعندما وصل الى منتصفه اختار كوز ذرة متوسط الحجم أعجبه شكله فعاد به الى مدرسته، التي ما ان رأته حتى قالت له: لقد أحضرت معك هذه المرة كوز ذرة، وهو الذي أعجبك شكله، وثقتك به هي التي دفعتك لاختياره، وهذا هو الزواج.
•••
يقول المثل الإنكليزي ان العشب يبدو دائما أكثر اخضرارا، أو جمالا، في الجانب الآخر من السور أو الحاجز! أي أن ما في أيدي غيرنا يبدو دائما أفضل وأجمل مما لدينا. وعندما نذهب الى المطعم وننظر الى ما طلبه الآخرون من طعام نتحسر ونعتقد أنه كان يجب علينا طلب الشيء ذاته، وربما يكون الشخص الذي حسدناه على طلبه يفكر في الوقت نفسه بأنه كان يجب عليه أن يطلب مثل طلبنا.. وهكذا، والأمر ذاته ينطبق على الزوج والزوجة، فالكثيرون يعتقدون أن أزواج الآخرين، أو زوجاتهم، أفضل من أزواجنا أو زوجاتنا، وربما تكون القلة على حق، في الظاهر طبعا، فليس هناك ضمان بأننا سنكون اكثر سعادة مع زوجة أو زوج غيرنا، فالعلاقة الزوجية ليست وجها صبوحا ولا عضلات مفتولة أو قواما جميلا، بل مجموعة من العوامل الشديدة التعقيد من الانسجام الأسري والمحبة والاحترام المتبادل، وليس هناك ما يضمن أن من اختارته عيوننا يمتلك تلك المواصفات غير الحسية البالغة الأهمية. ولكن متى كان مثل هذا الكلام يقنع من هم أصغر منا عمرا بكثير، وهم المعنيون اكثر من غيرهم بمثل هذا الكلام؟
(*) من قراءاتي

أحمد الصراف