نشرت صحيفة الوطن السعودية نص الفتوى التي أدلى بها د.يوسف الأحمد بهدم المسجد الحرام وإعادة بنائه لإقرار مبدأ عدم الاختلاط الذي يؤمن به، ومما قاله حرفيا «فما المانع أن يهدم المسجد الحرام كاملا ليكون ضخما بالأضعاف، عشرة أدوار أو عشرين أو ثلاثين دورا».
واضح أن رب العباد، جلّت قدرته، لو أراد منع أداء المناسك بصورة مشتركة، ولا أقول الاختلاط، لأمر ولا راد لأمره، بأن يؤدي الرجال مناسك الحج أو العمرة يوما والنساء يوما آخر، أو أن تؤدي النساء المناسك نهارا والرجال ليلا إلا أنه أمر، وهو العالم بالعالم قديمه وحاضره ومستقبله، بأن تؤدى المناسك في بيته مشتركة بين الخلق كافة، ومخجل أن يوصي أحد وكأن في ذلك الأمر خطأ يجب تصحيحه بإعادة بناء الحرم.
إشكالية الإسلام الكبرى هي في متطرفيه، كونهم يعتبرون وبحق ألد أعدائه حيث يضعون أنفسهم أربابا من دون الله جل جلاله، وأنبياء بعد أن ختمت الرسالة برسول الرحمة صلى الله عليه وسلم، فيحلون بأقوالهم وأفعالهم ما يحرّمه الدين الحنيف (كحرمة الدماء والأموال)، ويحرّمون ما تحلّه (العلوم الحديثة) ويضعون أنفسهم في موضع من يعلم بما لا يعلمه رب العباد أو المزايدة عليه في رحمته ومغفرته، وهناك مئات الأمثلة على ذلك وسأعطي القليل منها للدلالة لا الحصر.
أتى في النص القرآني المنزّل، ولا اجتهاد بوجود النص، أن المرض (دون تحديد، أي قد يكون زكاما بسيطا) والسفر يبيحان الإفطار في رمضان إلا أن بعض أهل الفتوى وبعض أهل الطب المؤدلجين ما ان يسألهم أصحاب الأمراض الخطيرة كالقلب والسكر عن الصيام حتى يأمروهم بالصيام مع علمهم أن ذلك النصح المزايد على رخصة رب العباد قد يؤدي للتهلكة وأنه أمر لا يُقال به قط خارج الشهر الفضيل.
والأمر ذاته عندما يسأل بعض الطيارين المؤتمنين على أرواح المئات عن الصيام في عملهم فيأتيهم الأمر أو الفتوى بأن يصوموا رغم أن الرخصة الإلهية قد أعطيت للراكب من غير ذوي المسؤولية، وفي هذا السياق لم يسن رب العباد أو رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم، عقوبات على غير المسلمين أو المسافرين والمرضى من المسلمين عندما يمارسون إفطارهم علنا بينما زايد المتنطعون والمتشددون في ذلك الأمر وفرضوا العقوبات على المفطرين بعذر وكأنهم يدّعون النقص والقصور في التشريع والدين.
مثل ذلك ما هو معروف من أن الأصل في التشريع هو الإباحة، وان ما لم يحرمه رب العباد، وهو العالم بأمور الدنيا قديمها وحديثها، لا يجوز تحريمه بناء على الأهواء ولإظهار السطوة والكهنوتية، ومن ذلك ما نقرأه كل يوم من مزايدات جاهلة تحرّم كل علم حديث يفيد الإنسان أكرم خلق الله، ثم يتم التراجع دون خجل لاحقا، وينسى هؤلاء الكهنة أن تحريم الحلال قد يكون أكثر ضررا من تحليل الحرام كونه يعطي دلالات على أن هناك قصورا في الدين تم سدّه.
آخر محطة:
(1) أتت آيات رب العباد واضحة بتحريم الدماء والأمر بالدعوة بالموعظة الحسنة، وبعض الكهنة الجدد يستبيحونها ويتبارون في شتم المسلمين بأقبح الألفاظ كوسيلة.. للدعوة!
(2) كان رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم يجهد نفسه لإدخال الناس في الإسلام بينما يتسابق الأنبياء والكهنة الجدد على إخراج المسلمين من الإسلام، فهذا رافضي وذاك ناصبي وهذا صوفي وذاك ليبرالي.. الخ.