سامي النصف

المحكمة الدستورية والحفاظ على الأموال العامة

وصلنا من رئيس المحكمة الدستورية المستشار الفاضل يوسف غنام الرشيد الجزآن الأول والثاني من المجلد الخامس لمجموعة الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية فيما مجموعه 1360 صفحة، وتصلح تلك الأحكام القيمة والقواعد الدستورية المستخلصة منها لأن تلخص وتقدم كجزء من محاضرات إعداد وتأهيل للوزراء والنواب الجدد قبل بدء أعمال كل فصل تشريعي جديد.

 

يبدأ الجزء الأول بتقدمة مهمة بخط اليد لرئيس المحكمة الدستورية السابق المستشار راشد الحماد تظهر ان إنشاء المحكمة الدستورية عام 1973 تم على قاعدة النص الدستوري القاضي بتقرير الرقابة على «دستورية القوانين واللوائح الصادرة»، وينتهي الجزء بعرض نص مرسوم المحكمة الدستورية والذي لا يقف عند طلبات تفسير النصوص الدستورية (كما يروج البعض) والذي تضمنه الفصل الأول من الباب الأول، بل تمتد اختصاصات المحكمة الموقرة لأمور عدة شملتها ثلاثة أبواب وعدة فصول.

 

ولازلنا عند رأينا رغم تلك الصلاحيات بضرورة مد صلاحيات المحكمة الدستورية، كما هو الحال في الديموقراطيات الأخرى، لإسقاط أي تشريعات لا تتوافق مع روح ونص الدستور حفاظا على الأموال والحريات العامة، حيث لا ترضى الديموقراطيات المتقدمة الأخرى بجعل الأكثرية «المتغيرة» هي الضامن الوحيد لتطبيق الدساتير والحفاظ على حقوق الأقليات.

 

ومن الأحكام والقواعد الدستورية المستخلصة من تلك الأحكام ما أتى في الجزء الأول (ص15 وما تلاها) والخاص بتفسير المادتين 101 و102 الخاصتين بالاستجوابات، والحال كذلك مع القضية ص404 من الجزء نفسه والتي نصت على قاعدة دستورية مضمونها ان القضاء الدستوري تقوم أعمال ولايته على ان يكون مبنى الطعن «مخالفة التشريع لنص معين في الدستور أو قاعدة دستورية واردة به».

 

وضمن قضية تختص بديوان المحاسبة، أتى في القاعدة الدستورية رقم 6 (ص143) نص «وتمكينا للديوان من بسط رقابته التي لا تؤتي أثرها إلا بكفالة استقلاله، فقد حرص الدستور على ان يكون القانون عاصما من التدخل في أعماله أو التأثير عليه، سواء بالترغيب أو الترهيب أو الوعد أو الوعيد بطريق مباشر أو غير مباشر»، بودنا ضمن ذلك الفهم الواضح للدستور ان ينظر دستوريا في صحة تشكيل النقابات الضاغطة داخل الديوان والتي يمكن التأثير عليها للتأثير على أعماله بشكل غير مباشر، وللمعلومة لا يوجد في العالم أجمع نقابات في دواوين المحاسبة.

 

آخر محطة: نلحظ ضمن الأحكام الصادرة بخصوص طعونات انتخابات مجلس الأمة ما هو أشبه بالمناكفة بين المرشحين، فما ان ينجح زيد حتى يناكفه وينغص عليه فرحته عبيد عبر الطعن بصحة نجاحه والعكس صحيح في الانتخابات اللاحقة، أحد أهم مبادئ الديموقراطية هو القبول بالخسارة تماما كحال القبول بالفوز.

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *