احمد الصراف

الحاجة للإنسانية

ليس هناك شعب أو أمة، عرفت ما يجري في العالم من حولها، واختارت بعدها أن تعيش بمعزل عن الجميع إلى الأبد، على اساس أنه الأفضل! فهذا ليس منطقيا، بعد أن أصبح العالم بالفعل قرية كبيرة واحدة!
***
فقد عبدالرحيم، الجندي الأفغاني المسلم، كلتا يديه اثر انفجار لغم أرضي به كاد أن يودي بحياته. عاش عبدالرحيم حياة بائسة، وكان يتمنى لو انه لقي حتفه في ذلك الحادث، فقد أصبحت حياته لا تطاق، بعد أن اصبح عاجزاً عن أداء اي عمل، في مجتمع ظالم وقاسي القلب! متابعة قراءة الحاجة للإنسانية

عبداللطيف الدعيج

ليس عندنا مرشحون!

ما الفرق بين المرشح والناخب؟! الاثنان عاقلان راشدان، مع احتمال ان يكون الناخب اقل من ثلاثين سنة، مع ضرورة ان يكون المرشح في سن الثلاثين حسب قانون الانتخاب. الاثنان كويتيان بالتأسيس او بالولادة بعد تصحيح قانون الجنسية. الاثنان مسجلان في احد الجداول الانتخابية مع شرط خلو من السوابق بالنسبة إلى المرشح. الزبدة ليس هناك فرق حقيقي بين المرشح والناخب اللهم الا ان فاتتني اشياء. في إمكان كل مرشح ان يكون ناخباً، وفي امكان كل كويتي ان يكون مرشحاً. لكن مع هذا.. الاول يحمل صفة مرشح والثاني صفة ناخب. متابعة قراءة ليس عندنا مرشحون!

مبارك الدويلة

«حدس».. والسلطة.. والرئيس..!

في معمعة الانتخابات يكثر الكلام بخيره وشره، الحسن والسيئ، الذم والمدح. وعندنا في الكويت انتشرت ظاهرة الفجور في الخصومة خلال السنوات الاخيرة، واستُغلت وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الإشاعات والأباطيل عن الخصوم، ولعل الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) من أكثر الكيانات التي عانت هذه الأمراض، حيث مارس خصومها معها الفجور في التعامل لدرجة الكذب الصريح مصداقاً للمثل «إذا لم تستح فقل ما شئت». متابعة قراءة «حدس».. والسلطة.. والرئيس..!

غنيم الزعبي

«التربية» والتدريس المنزلي

صدعت راس زوجتي بهذا السؤال: تمضين أكثر من 4 ساعات تدرسين وتشرحين لأطفالنا كل دروسهم.. اذن ماذا كانوا يفعلون 7 ساعات في المدرسة؟

شيء محير فيه شيء غلط في العملية التعليمية فـــي الـ 20 سنة الأخيرة تحول فيها عبء تعليم وتدريس أبنائنا وبناتنا الى البيت حيث الأم والأب وطويل العمر المدرس الخصوصي. متابعة قراءة «التربية» والتدريس المنزلي

احمد الصراف

القرار الصعب

أعلن مجلس النواب العراقي إصدار قانون منع فيه بيع المشروبات الكحولية في العراق. لا نريد الإسهاب في الحديث عن خطورة القرار، وخطأ إصداره، وما سيشكله من وبالٍ على سلامة المجتمع العراقي، المختلف تماماً، في طبيعته الاجتماعية وعاداته وتقاليده، عن مجتمعات الخليج، فالتاريخ كفيل بالإجابة على السؤال، كما قد يحسب الأمر كتدخل في أمر دولة أخرى، ووقائع التاريخ تقول إنه ليس بإمكان مجلس نيابي أن يمحو، بقانون أو بغيره، عادة عرفها العراق منذ آلاف السنين!
لا شك لدى الكثيرين في أضرار تناول الكحول، هذا بخلاف الجانب الديني في الموضوع. فمن نافلة القول، ان الكحول مادة سامة تضر بالصحة، والعلاقات العائلية والاجتماعية، وتعرض الإنسان لمخاطر حوادث الطرق، والتورط بمشاكل مع الآخرين لأتفه الأمور.. إلخ. وآخر دراسة في هذا الخصوص نُشِرَت في مجلة The Lancet الطبية اللندنية المعروفة، بينت أن تناول الكحول يسبب السرطان في أغلب أعضاء الجسم، وليس هناك حد أدنى آمن. كما من المعروف أن الكحول يسبب تليُّف الكبد وعجزها، إضافة إلى التعجيل في موت الخلايا الدماغية، وما ينتج عنه من ضعف الذاكرة، الزهايمر، والرعاش (Parkinsonism)، وأمراض كثيرة أخرى. ولو أن هناك من يعتقد ان هناك مبالغة في هذا الكلام، فالكحول، كأي مادة ضارة، لها حسناتها، وإن كانت تقل بكثير عن سيئاتها. متابعة قراءة القرار الصعب

عبداللطيف الدعيج

احنا وين والديموقراطية وين!

الديموقراطية ليست انتخابات وحسب. الديموقراطية هي حرية الراي والتعبير. من دون حرية التعبير، باي شكل من اشكالها، ليست هناك ديموقراطية، وليس هناك فرد يمارس دوره بحرية وبقدرات كافية تتيح له اختيار ما يعتقد انه لمصلحته. وحرية التعبير لا يمكن ان تتحقق بشكل كامل وفعال من دون «حرية الوصول الى المعلومات»، او الاحداث او الوقائع او الاحكام القضائية. هنا، نحن لا نفتقد التشجيع المطلوب للبحث والتحري وتكوين القناعات، بل في الواقع فان كل شيء معتم، وكل شيء محفوظ بحظر المساس به. متابعة قراءة احنا وين والديموقراطية وين!

عبدالوهاب جابر جمال

قانون تقليص سن الأحداث !

منذ بداية شهر نوفمبر الجاري تم العمل بالقانون الذي أصدره مجلس الأمة والذي يقضي بتقليص سن “الحدث” من سن ١٨ الى ١٦ سنة ، ويعتبر هذا الأمر مخالف للمادة الأولى من إتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والتي تقول : ” … ، يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر …” .

كما ان هذا القانون يخالف الكثير من القوانين والإتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها واعتمدتها الكويت بخصوص الطفل مثل :القانون رقم 21 لسنة 2015 في شأن حقوق الطفل والمرسوم رقم 104 لسنة 1991 بالموافقة على اتفاقية حقوق الطفل والمرسوم رقم 36 لسنة 1993 بالموافقة على ميثاق حقوق الطفل العرب ، و جميعها تنص في مادتها على أن الطفل كل من لم يتجاوز سنه ١٨ سنة ميلادية كاملة .

وبالاضافة الى ان تقليص العمر “مخالف” بحد ذاته ، إلا أن ما يترتب عليه من تداعيات أخطر بكثير، حيث سيتم التعامل مع من بلغ عمر ال١٦ سنة معاملة الإنسان الراشد و تجري عليه الأحكام القضائية التي لا تتناسب مع عمره بتاتاً ، بالإضافة الى حرمانه من المكوث في السجون الخاصة بهذه الفئة، حيث سيختلطون بالسجناء الكبار والخطرين وسيؤثر ذلك سلبياً عليهم .

وأيضا حرمانهم من الدخول في برامج اعادة التأهيل على يد أناس قادرين ومؤهلين على التعامل مع الأحداث حيث يكون لديهم التدريب والدراسة المتخصصة في هذا الجانب .

وجدير بالذكر أن مدير ادارة الخدمة النفسية والاجتماعية بوزارة التربية الأستاذ فيصل الأستاذ حذر في تصريح سابق لـجريدة الجريدة أن تطبيق هذا القانون متسرع و سيؤدي إلى مشاكل عديدة، لاسيما أن الحدث في مثل هذه السن يكون عرضة لكثير من المؤثرات التي قد تدفعه إلى التصرف دون وعي أو حس بالمسؤولية ولهذا يجب مراعاة ظروفهم والحرص على مسقبلهم وأن هذا القانون سيحرمهم من أمور كثيرة مستقبلا مثل الوظيفة وغيرها، إذا قرروا الاستقامة مستقبلا .

والملفت ان هذا القرار اتى والعالم بأكمله يتجه نحو التقدم في سلم حقوق الإنسان وتلميع صورته امام المنظمات الحقوقية ، إلا أن هذا القانون يأتي بصوره مغايره حيث سيواجه ممثلين الكويت في المنظمات الدولية إحراج كبير وتناقض واضح بين الاتفاقيات والقانون .

لا أعلم كيف تم اقرار هذا القانون في مجلس يفترض انه يحافظ على حقوق الشعب ويحافظ على الحريات ، ولا أعلم كيف سيواجه ممثلين الكويت هذا الحرج في مجالس حقوق الإنسان .

عبدالله غازي المضف

كيف باعوا «شبابنا بالسجون».. برخص التراب؟!

مرسوم «الصوت الواحد».. مسلم البراك رأس حربة.. لن نسمح لك.. مقاطعة.. المعارضة تشحن شبابها.. اعادة خطاب لن نسمح لك.. فوضى بالشوارع.. سجن الشباب.. تهديد.. وعيد.. لن نخذل «شباب الحراك».. لن نشارك لو تم دعوتنا «٢٠ مرة» للانتخابات.. «جمعان» يقسم بانه لن يشارك.. لن نقبل بالفتات.. «الصوت واحد» الى مزبلة التاريخ.. وكل مشارك خائن.. انتم عملاء ايران.. مجلس «علي الراشد» يأتي فيُبْطَلْ.. انتخابات مجلس ٢٠١٣.. تالله لن نشارك مع «الخونة».. اغلاق الحنفية على «نواب المقاطعة».. اقصاء قيادات «الاخوان» من الحكومة.. سجن «مسلم البراك».. صدمة.. اغلاق صحف ومحطات.. لن نخذلك يا «مسلم».. سجن المغردين.. سحب جناسي.. صدمة أكبر.. قانون الاعلام الالكتروني.. صمت رهيب.. المعارضة تُشلْ.. مسلم وشبابنا مازالوا بالسجون.. المعارضة تصر على مقاطعة «الصوت الواحد».. وتلعن جده.. نواب ٢٠١٣ يقدمون خدمات لا معقولة لأهالي دوائرهم.. المعارضة تغلي قهراً.. الحكومة تحبك الضربة القاضية.. مرسوم حل «مجلس ٢٠١٣» بلا مقدمات.. بوووم! المعارضة في ورطة! شسالفة؟ وين راح «مسلم البراك»؟ شبابنا؟ أم معاملاتنا؟ العم احمد السعدون يقاطع.. د.فيصل المسلم يقاطع.. صالح الملا يقاطع.. د. عبيد الوسمي يقاطع.. نحترمهم لانهم احترموا عقولنا.. باقي المعارضة ودها تشارك.. الحكومة تدعو الجميع للمشاركة.. المعارضة تسيل لعابها.. شالدبرة؟ الحكومة تغازل المقاطعين.. المقاطعون يتدفقون للتسجيل بالانتخابات.. الحكومة صادتهم! صالح الملا لقبهم بـ«المتشقلبين».. وهو صاج.. لم يحترموا عقولنا.. الناس بدأوا يستذكرون مواقف «المقاطعين» القديمة.. وين ايران؟! وين مزبلة التاريخ؟! وين «الخونة»؟! وين القسم يا «جمعان»؟! المعارضة تحاول تجميل أسباب مشاركتها.. الطبطبائي يهاجم الـ«الكروس فيت».. هايف يهاجم افتتاح «الاوبرا».. أي كلام.. الحكومة تخلق فيلم «عبدالحميد دشتي».. عبدالحميد يسجل بالانتخابات.. ايضا أي كلام.. الداخلية تشطب ٤٦ مرشحاً.. قرار «الشطب» يخنق المعارضة اعلامياً.. والمحكمة أعادت معظم المشطوبين الى الترشح.. و«عبدالحميد» لن يستمر بالترشح.. تذكروني.. والمعارضة ستستمر بالدفاع عن قرار المشاركة بـ«عين قوية».. و«بوحمود» سيستمر وحيداً بالسجن.. وشبابنا الضحايا سيقبعون معه التزاماً بمواقفهم.. و«رموزهم» سيجرون بعيداً عنهم لهثاً خلف الكرسي الاخضر.. أما الشعب فسيصحو من كبوته في ٢٦ نوفمبر.. وسيطيح بالمرتشين والمناديب.. وينتفض لشبابنا المساجين.. ويفضح «المتشقلبين» على مواقفهم.. ويؤدب من خان قسمه ولم يحترم «لحيته».. وسيأتي لنا بالقوي الأمين.. سيأتي لنا بجيلٍ جديدٍ ونقي من «المعارضة» لطالما انتظرناه طويلاً.. وستدفع الحكومة عندئذ ثمن عبثها.. انتهى الكلام!

عبدالوهاب النصف

«شيزوفينيا» تُقابلها يقظة

المجلس السابق هو الأسوء بتاريخ الكويت على الاطلاق.لعل مفارقة تاريخية تؤكد لنا ذلك،-أتفهم- جيداً ان يكون هناك موجة غضب شعبي على اداء المجلس المنحل،و-أتقبل-ان يركب هذه الموجة عدد من المرشحين الجدد للأنتخابات بطرح برامج انتخابية تستند على استنكار بأشد العبارات اداء المجلس المنحل،مالا اتفهمه ولا اتقبله هو ان حتى اعضاء المجلس السابق يركبو مع الراكبين فوق هذه الموجة بأستنكار اداء مجلسهم،هذه هي المفارقة التاريخية، فالذين شاركو بأقرار قوانين كتم الافواه وحجر الأفكار كقانون الاعلام الالكتروني، ومن انضمو للشياطين في حفلة الخرس عن قضايا الحق،نجدهم اليوم هم حضرتهم يستنكرون مواقف مجلس حضرتهم في مشهد تتجلى فيه “الشيزوفينيا” السياسية في أبهى صورها.
متابعة قراءة «شيزوفينيا» تُقابلها يقظة

جمال خاشقجي

لو تغيّر عون وابتعد الحوثي عن إيران

لم يصدر عن الرياض تصريح رسمي يفصّل الموقف السعودي حيال حدثين يهمانها حصلا الأسبوع الماضي، هما انتخاب حليف «حزب الله» الجنرال ميشال عون رئيساً للبنان، وإعلان المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ خريطة طريق لحل الأزمة اليمنية المستعصية بدت منحازة إلى الحوثيين. لكن وفقاً للقاعدة الثابتة والمتفق عليها القائلة إن المملكة لن تسمح بهيمنة إيرانية على «شامها ويمنها»، يُمكن قراءة الموقف السعودي بأنه غير سعيد بما جرى، وإن اضطر بروتوكولياً إلى تهنئة الجنرال و «التعامل» مع خريطة ولد الشيخ، بسبب ضغوط يتعرض لها نتيجة إطالة أمد الحرب في اليمن.

ولكن مقالات كُتاب محسوبين على الرياض، وتصريحات حلفاء من حولها، ترى في انتخاب عون ومبادرة ولد الشيخ «انفراجة» وفرصة سلام صالحة للبناء عليها. أثار ذلك قلق اليمنيين والسوريين واللبنانيين، بل حتى أهالي الموصل ووسط العراق وكل عربي وسني متضرر من المشروع الإيراني التوسعي، والذي لا يزال باقياً يغيّر وجه المنطقة في شكل غير مسبوق ويتمدد في عالمنا المنهار وعواصمنا ومدننا العربية التي تسقط وتدمر وشعوبها التي اقتلعت من جذورها وتاريخها وباتت لاجئة مشتتة، فباتوا يخشون من تراجع سعودي، وهم قد علّقوا بالمملكة الآمال أن تكون صاحبة المشروع العربي السني المقابل.

شخصياً، مقتنع بأن موقف الرياض لم ولن يتغير، وأن قلبها في المكان الصحيح، ولكنها مضطرة إلى ممارسة بعض من السياسة، وفِقْه «أخف الضررين»، وإن كنت أتمنى أن نسمع أكثر وبالتفصيل من مسؤول سعودي كبير يحدثنا عن الحرائق الجارية من حولنا، وخطط مواجهتها، ومن معنا ومن ضدنا، ومن هو حائر يتخبط.

يمكن البناء على حديث المتفائلين بانفراجة في لبنان تعيده إلى صفه العربي، وعملية سلام في اليمن يمكن البناء عليها منطقياً، إذا ما تغير الجنرال ميشال عون وتخلى عن نظرية «تحالف الأقليات» ومنع «حزب الله» من إرسال آلاف الشبان اللبنانيين إلى سورية للقتال هناك، وكذلك في حال حصول معجزة أخرى تفك ارتباط الحوثيين بإيران ومشروعها التوسعي، وهو أمر مستبعد، والقول به أوهام، والأفضل للمملكة أن تدخل حرباً في اليمن لعقد كامل تذود بها عن الجزيرة كلها، ولا تقبل بسخف مثل هذا.

الجميع يعلم بأن تحالف عون – «حزب الله» ليس تحالفاً انتخابياً عابراً، وإنما موقف مبدئي، فهو لا يرى في سورية ثورة حرية، وإنما تهديداً طائفياً، وله تصريحات عدة تشي بذلك. وما مسارعة رئيس النظام السوري بشار الأسد لتهنئته بالفوز غير إشارة إلى طبيعة الآتي من الأيام والمواقف.

سيحاول الرئيس عون، أو بالأحرى رئيس وزرائه المقبل سعد الحريري، تحييد المسألة السورية المتداخلة مع اصطفاف لبنان مع إيران، بِنِية تقديم مصلحة لبنان وحمايته من الانهيار، وهو المسوغ الذي قدمه الحريري للانقلاب على مواقفه السابقة، والتنازل لعون، وبالتالي لـ «حزب الله». لكن الجميع يعلم أن ذاك الاصطفاف الذي تجلى في مواقف رسمية سلبية ضد السعودية في اجتماعات الجامعة العربية، وتعايش النخب السياسية اللبنانية معها ومع ارتكابات الحزب في سورية، هما سبب الغضب السعودي على كل لبنان، وليس «حزب الله» وحده مطلع العام الحالي. إنها مسألة وقت وستنفجر الأزمة السورية في شكل أو في آخر في لبنان، وتفجر معها هذا التحالف الهش غير المنطقي بين عون والحريري، إما في شكل عمل إرهابي، أو مواجهات طائفية في الداخل اللبناني، أو موقف مفاجئ من الرئيس عون يعبّر عن مواقفه المسبقة، أو اصطفاف آخر مع إيران في محفل عربي أو دولي. وبالتالي أتوقع أن تتعامل المملكة مع هذه الحال اللبنانية – غير المريحة ولا المسبوقة – بقليل من التفاؤل مع حذر وتوجس شديدين.

في اليمن حال أخرى غير مريحة، فإطالة أمد الحرب تحولت إلى عامل ضاغط على السعودية، وسمحت لأميركا وغيرها بأن تمارس دوراً يعبّر عن فهمها للأزمة، لا فهم الرياض وثوابتها التي تدور حول رفض الوجود الإيراني هناك. هذا غير الضغوط التي تشتد عليها، بزعم الحرص على سلامة المدنيين، ورفع مظلومية معاناة الشعب اليمني بسبب الحرب والحصار والانقلاب، مع المساواة في تحميل مسؤولية ذلك على الطرفين محل النزاع. وهي مسألة غير عادلة للسعودية، ومن حقها أن ترفضها، لكن مشكلتها أن رافعي ألويتها هم حلفاؤها الأميركيون والبريطانيون. وتكفي جولة سريعة على آخر مذكرة دفعت بها بريطانيا إلى مجلس الأمن للتصويت عليها لكشف هذه اللغة التي تساوي بين الشرعية والتحالف من جهة، والانقلاب من جهة أخرى.

هذا الفهم الخاطئ للأزمة اليمنية الذي من الواضح أنه تبلور بسبب طول أمد الحرب وحادثة سرادق العزاء المؤسفة واختلاف ثوابت وأولويات السعودية عن أولويات حلفائها في اليمن، انعكس بوضوح على خريطة الطريق التي قدمها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، والتي وُصفت بأنها انقلاب على خريطة سابقة قدمها في الكويت وقبلت بها الشرعية اليمنية، إذ ساوى تماماً بين الشرعية اليمنية والحوثيين وعلي عبدالله صالح بصفتهم قوة انقلابية، مع إلغاء تام لمبدأ المحاسبة والعدالة الانتقالية.

وبغض النظر عن المآخذ اليمنية الوجيهة على خريطة ولد الشيخ، والتي جعلت الرئيس الحليم الصبور عبدربه منصور هادي يشتاط غضباً ويرفض حتى تسلمها في البداية، فإنها أكثر سوءاً للسعودية، إذ تتضمن تهديداً لأهم ما سعت إلى تحقيقه في اليمن، وهو منع الحوثيين من الاستحواذ على السلطة، أو أن يكونوا في موقع فيها يمكّنهم من تمرير سياسات تهدد الأمن القومي والاستراتيجي السعودي. فالخطة تهمش الشرعية الحالية الممثلة بالرئيس هادي، وتستبدلها بنائب رئيس واسع الصلاحيات، يستند إلى شرعية أممية وقبول الحوثي وصالح، ما يعني أنه سيكون قادراً على وقف عمليات التحالف، والتي يجب أن نتذكر أنها لم تبدأ لأن الحوثيين أطلقوا صواريخ باليستية على منطقة مكة المكرمة مثلما فعلوا قبل أيام، وإنما بدأت لمنعهم من الاستيلاء على السلطة في اليمن بالقوة.

تعيد هذه الخريطة الأطراف اليمنية إلى لحظة اتفاق السلم والشراكة في أيلول (سبتمبر) 2014، عندما اختلّت كل موازين القوى السياسية بحكم القوة والانقلاب، لا بسلطة من فاز في انتخابات شرعية، فخضعت لهم كل القوى السياسية حقناً للدماء بعدما فشلت الثورة التي حلم الشعب فيها بيمن ديموقراطي تعددي. وإذا ما نجح ولد الشيخ في تمرير خريطته فستعود القوى نفسها إلى الطاولة نفسها، فيما الحوثي الذي استخدم بلطجته قبل عامين أكثر قوة وبلطجة ويحظى باعتراف من المجتمع الدولي، سيسحب بضع مدرعات من صنعاء، ومئات من أنصاره المدنيين في احتفالية أمام كاميرات التصوير، وربما تصفيق إسماعيل ولد الشيخ، بينما يترك آلافاً منهم داخل ثكنات الجيش بزي عسكري بعدما رسمهم هناك، وآلافاً غيرهم في الوزارات المدنية، في أكبر عملية اختطاف فوضوي لمؤسسات الدولة اليمنية.

وهناك بالطبع جيش صالح وأمنه السياسي ودولته العميقة المشاركة في هذه المهزلة، فكيف تُجرى انتخابات في بلد كهذا؟ وكيف يستطيع هادي منزوع الصلاحيات ونائبه المرضي عنه حوثياً أن يفاوضا الحوثي وصالح من دون ضمانات، وهم من هم في البلطجة التي أوصلت اليمن إلى ما وصل إليه؟ مَن يضمن ألا يتكرر سيناريو الضغط على رئيس الوزراء مثلما فعلوا مع خالد بحاح الذي صعد نجمه باعتباره أحد استحقاقات اتفاق السلم والشراكة سيئ الصيت، فكان هو من نال صفة «الشخصية الوطنية المحايدة وغير الحزبية المشهود لها بالكفاءة والنزاهة»، كما ورد في أحد بنود الاتفاق، فعُين رئيساً للوزراء لم يحتمل الحوثيين ولم يحتملوه، فدفعوه إلى الاستقالة، ثم لحقه الرئيس هادي بعده، ولم يجدا بعد الله غير السعودية ملجأ بعدما تقدم الحوثي وصالح بقواتهما إلى عدن، وقصفت طائرات الأخير قصر الرئيس الذي استنجد بالسعودية، فأعلنت في آذار (مارس) 2015 عاصفة الحزم بطلب منه، بصفته ممثلاً للحكومة اليمنية الشرعية.

إذا سمحت الرياض بمرور خريطة ولد الشيخ فلن تكون هناك في المرة المقبلة حكومة شرعية تطلب عاصفة حزم، بل حكومة مُعيّنة برضا الحوثيين وبغطاء أممي. وحينها لن نملك سوى الحوقلة، بينما نتابع على شاشة التلفاز احتفالاً بافتتاح قاعدة عسكرية إيرانية في ميدي، بزعم اتفاق التدريب والتعاون المشترك بين إيران واليمن. سيكون هذا أكثر إيلاماً، وأعظم خطراً من صاروخ باليستي يستهدف مكة المكرمة ونستطيع إسقاطه بمنظومة دفاعنا الجوي. أما قاعدة إيرانية في ميدي، فما الذي سيسقطها؟

لا أكاد أتخيل أن السعودية يمكن أن تسمح بشيء كهذا، لذلك أتوقع ألا تسمح الرياض بتمرير خريطة ولد الشيخ التي ترقى إلى أن تكون مؤامرة، لا مشروع سلام.

متابعة قراءة لو تغيّر عون وابتعد الحوثي عن إيران