علي محمود خاجه

بعد شهرين!!

لا أحتاج لإبداء موقفي من المسيرات أو التجمعات الشعبية أي سبب، فطالما قامت تلك التجمعات أو المسيرات ضمن الأطر الدستورية والقانونية فهي مسألة لا تحتاج إلى رأي؛ لأنها باختصار حق مكفول دستوريا وقانونيا ولا يجوز لأحد نقضه، وقد شاركت وسأشارك في أي حراك يعبر عن رأيي في قضية ما.

وعلينا أن نفرق بين مفهومين مهمين جداً: الأول هو أداة التعبير المتمثلة بالتجمعات والمسيرات والتعبير بالكتابة أو بالصورة وغيرها من أدوات تعبير، وهو حق أصيل طالما التزم بالدستور وقوانين الدولة، ولا يحق لأحد رفض هذه الأدوات، فمثلا عندما يكتب السيد مبارك الدويلة مقالاً ما مثلا فأنا قد أرفض رأيه أو أنتقده، ولكن لا أرفض حقه في الكتابة أو أطالب بمنعه من الكتابة، فالمقال هو شكل من أشكال التعبير الدستوري، ولا يجوز لنا رفضه، أما المفهوم الثاني فهو المحتوى، فعندما يعقد تجمع للمطالبة بإسقاط القروض فأنا شخصيا لن أشارك بل سأهاجم هذا التجمع من حيث محتواه لا الأداة المستخدمة في التعبير، بمعنى بأنه لا يجوز لنا رفض أداة التعبير الدستورية (مسيرة، تجمع، مقال، ندوة… إلخ)، ويحق لنا نقد محتوى الأداة ورفضه ومهاجمة دوافعه أيضا (إسقاط قروض– أسلمة قوانين– تشويش على قضايا أخرى… إلخ).

يوم الجمعة الماضي أطلقت دعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان مسيرة الغضب الشعبي تداعى لها بعض المغردين، بعضهم بحسن نية، والآخرون أشكك جدا في نواياهم، وسأشرح الأسباب، ولكن قبلها سأبين بعض المعلومات عن تلك الدعوة:

– الهدف من الدعوة حسب المعلن أنه صرخة رفض شعبية ضد المجلس والحكومة، يعلن فيها المشاركون رفضهم أن يمثلهم هذا المجلس وتلك الحكومة.

– موعد المسيرة أو التجمع قبل دور الانعقاد بيوم واحد (بعد شهرين من موعد الدعوة).

إذاً فالهدف هو إسقاط المجلس والحكومة ورفض تمثيلهما للناس، والموعد بعد شهرين من تاريخ الدعوة!!

هناك أمور غريبة تجعلني أشكك في دوافع الدعوة:

أولا: الدعوة جاءت في فترة عطلة مجلس الأمة، ولا يوجد أي قرار طارئ دفع الداعين للمسيرة لإعلانها في هذا الوقت، إلا قرار زيادة أسعار المحروقات الصادر قبل شهر من إعلان المسيرة، وسيطبق سعر المحروقات الجديد قبل شهر ونصف من موعد المسيرة الفعلي، القرار الوحيد الذي سبق هذه الدعوة بشكل مباشر هو قرار حل اتحاد كرة القدم واللجنة الأولمبية الكويتية، حيث صدر قرار الحل يوم الخميس وأُطلقت الدعوة يوم الجمعة.

ثانيا: الكثير من الداعين للدعوة من ناشطين وشخصيات سياسية أعلنوا مسبقا مقاطعتهم لمجلس الصوت الواحد، وهو ما يعني أنه حتى إن حققت هذه المسيرة أهدافها بإسقاط الحكومة والمجلس فإنهم لن يشاركوا في الانتخابات الجديدة، لأنها ستكون قائمة على نظام الصوت الواحد! فما مبرر الإسقاط أصلا بالنسبة إلى تلك المجموعة من الداعين؟

ثالثا: سينهي المجلس مدته خلال أشهر قليلة قادمة، بمعنى أن المجلس والحكومة سيسقط تمثيلهما أصلا قريبا جدا، وسيكون للناس الحق في اختيار من يمثلهم، وبإمكانهم حينها معاقبة من يريدون من نواب، ومكافأة من يريدون دون الحاجة إلى مسيرة أو تجمع.

لهذه الأسباب أنا أعتقد أن هذه المسيرة أو التجمع هو رد فعل من المقربين للمتضررين من المعالجة الرياضية الجديدة في محاولة لخلط الأوراق وإثارة الزوابع ليتمكنوا من العودة مجددا إلى الواجهة.

نعم هناك أشخاص مخلصون تجاوبوا مع تلك الدعوة، ويرغبون في تحسين الأوضاع السيئة، لكني أعتقد أنهم انجرفوا في دعوة مريبة شرحتها في صدر المقال.

نعم للتحقق من النوايا والتأكد مما نندفع تجاهه قبل الخوض فيه، هذا كل ما أطلبه منهم، أما بالنسبة إلي فالقضية كما شرحت آنفا هي لأسباب أخرى بعيدة كل البعد عن الإصلاح.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *