غادة الرفاتي

الفرق بين الغرب والعرب ليس نقطة

قبل أيام اتصلت بي صديقة الصبا والدراسة لتشكو لي همها – هي ما زالت تعيش في بلاد حرف الضاد ( العرب ) وانا اعيش في (بلاد الغرب) وكان فحوى شكواها ان مدرسة ابناءها دائمة الاتصال عليها بسبب مشاغبة ابنتها المستمرة في الفصل والتي ما زالت في المرحلة الابتدائية ( الصف الثاني الابتدائي) وعدم اكتراثها بما تقوله المعلمة, ومن ثم شاركت الشكوى صديقة اخرى لها كانت تجلس بجانبها لِتُكمل عنها هذا الكم الهائل من الهم والشكاوي وهو ان المدرسة دائمة الاتصال على البيت تشكو من احفادها رغم صغر سنهم ورغم انهم ما زالوا في المرحلة الابتدائية أيضا ومنهم في مرحلة الرياض وبدا لي بعد السماع لهم وا لمنـــاقشة ان المشكلة لديهم ووجود الحلول لها اصعب من حل مشكلة سوريا اليوم مما جعلني اتنهد تنهيدة كبيرة عميقة تكاد ان تنشق منها الارض وتُنسفُ بها الجبال وأخُر صاعقة واصرخ بكلمة ( آه ) . العالم كله تغيّر من حولنا الا الشرق الاوسط وخريطة الوطن العربي شرقا وغربا شمالا وجنوبا لم يتغيّر , وان تغيرنا يكون تغيير للاسوء وفساد أكبر .وبرأي المتواضع اعتقد ان اول اسباب فشلنا وعدم لحاقنا بامة من الامم هو التعليم والمناهج الدراسية والطاقم التعليمي , والاهم من ذلك كله ( المعلّم) وكما قال الشاعر حافظ ابراهيم الام مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيبا الاعراق وانا اقول ( المعلّم) مدرسة اذا اعددته اعددت جيلا طيب الاعراق ، جيلا متعلما ومثقا ومنتجا ومبتكرا ومبدعا. وللاسف وجدت اختلافا كبيرا بين معلمين الشرق (العرب) ومعلمين الغرب…. لمسته عندما تطوعت في العمل المدرسي وخاصة مرحلة الرياض والابتدائية لاربعة اعوام متتالية ، كان دوام يومي متواصل واستفدت منه كثيرا حتى في تربية اولادي …. وكم ادهشني حتى في مرحلة الروضة كيف ان طاقم المدرسة من مدير المدرسة الى أبسط موظف وهو ( عامل النظافة) يعملون سويا من اجل هذا الطفل وتثقيفه علميا واجتماعيا يعملون بجد وتفاني واتقان وحب للمهنة وشرفها…. ان اول ما يغرس ويزرع في هذا الطفل حب نفسه وقبولها حتى لو كان مختلفا شكلا ولونا ودينا ولغة … فقيرا ام غنيا ، من اسرة متعلمة ام من اسرة جاهلة فهذا لا ينقص من قيمته بل يُزرع فيه الثقة بالنفس وانه حر ذو رأي وأنه مميز وله مكانه خاصة في البيت والمدرسة والمجتمع …. يُعلّم انه في بلد ديمقراطى وله حرية الاختيار وحرية الرأي والقول والفعل, يُعلم كيف يحترم القوانين ويتبعها حتى ان لم يكن هناك حارسا واقفا أمامه.
يُعلّم من هو رئيس الولايات المتحدة الامريكية وما هو البيت الابيض وما هو دستور الولايات المتحدة الامريكية واهم ما يميز هذا الدستور حرية الراي والدين وانه امريكي وعليه ان يفتخر بذلك ويعتز… وجدتهم يبدأون الصباح بكلمة صباح الخير تُنشد في الفصل بكل لغات العالم ( اللغة الانجليزية – الاسبانية – اليابانية – الفرنسية – وحتى العربية ….الخ) يبحثون عن مهارات هذا الطفل لتُنمى بداخله ويتم تشجعيه على هذه المهارة او الموهبة … كل ذلك يقع على عاتق المعلّم … المعلّم لا يشكى للاسرة او الاهل مشاغبة الطفل او عدم اكتراثه بالمدرسة بل يجتمع معهم لمعرفة لماذا هذا الطفل مشاغب او لماذا لا يحب المدرسة او لماذا لا يشارك الاطفال او ربما عدواني بتصرفاته كي يجدوا الحلّ سويا وليس لتوبيخ الاهل والتقليل من قيمة ابنهم او ابنتهم وتوضيح فشله ” لان هذا يعكس فشل المعلّم بالدرجة الاولى وليس فشل الطالب”…. بالاضافة الى ان هناك احترام من قبل المعلم للطلاب فلن يتفوه مُعلّم بكلمة ( احمق – او كم انتم حمقى او كسالى أو حتى كلمة انتم ابقار او مثل البقر و الحمير …. كلمة سمعتها كثيرا من مدرسات ومعلمات لكثير من الطالبات في الوطن الام عندما كنت طالبة وكم كان التوبيخ منهم قاسيا ومحرجا في نفس الوقت لكثير من الطالبات ) وهذه الكلمات لو قالها معلّم لتلميذ في امريكا لخسر وظيفته ولوجدته خبر اليوم في الاعلام وعلى القنوات التفلزيونية المحلية وعلى الـ CNN & Fox News too فمثل هذه الالفاظ غير مسموح بها بتاتا ويعاقب عليها المعلّم … وفي مدارس العرب تسمعها من المعلم والمعلمة في اليوم عشرين مرة وكانها تسبيح وتهليل وتحميد …
بالنهاية جاوبت صديقتي على الهاتف بأن التغيير يجب ان يكون في اسلوب التعامل وطريقة التدريس من قبل طاقم المعلمين والمعلمات ويجب ان يعاد تأهليلهم علميا وأدبيا وخاصة فن اسلوب التعامل مع الطلاب كي يُخرِّجوا جيلا قويا متعلما مثقفا معتمدا على نفسه يعرف معنى العلم والحرية و الديمقراطية والابتكار والابداع لكي نرفع بعدها اوطاننا ومجتمعاتنا ويكون للانسان عندنا قيمة في المجتمع…..
فتنهدت الصديقتان (آه ) وقالتا لي: نعم يبدو أن مشكلة ابنائنا والتعليم والمدارس اصعب من مشكلة سوريا وفلسطين الان .وانتهت المكالمة على ذلك.
ولكن هل تنتهي المشكلة على ذلك ام أن هناك من يحاول ان يجد الحلول في اوطاننا العربية لنرفع من قيمة ابنائنا الطلاب علما ومعرفة وثقافة وابداع .

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

غادة الرفاتي

إعلامية وكاتبة بصحيفة المستقبل الامريكية – شيكاغو

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *