عبدالوهاب النصف

طالت السكرة

ظلت الأعراق الأوروبية، ألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا العظمى، وفرنسا، تتحارب وتتناحر في ما بينها لسنوات بل لقرون، وراح ضحيتها ملايين القتلى، معظمهم من الأبرياء ممن فُرضت عليهم هذه الحروب، إضافة إلى تدمير مدن وبنى تحتية، وانهيار اقتصادات، يجمع هذه الأعراق المختلفة اليوم مشروع «مارشال» الاقتصادي، وحلف شمال الأطلسي العسكري، بالإضافة إلى اتفاق «شينغن» ومقتضياته، ما جعل منها دولة واحدة.
الصراع الإقليمي الحالي بين السعودية وإيران، وانعكاساته المذهبية، حوّل الخلافات المذهبية إلى صراعات مُسلحة على الأساس المذهبي، فالطائفية كما يصفها المفكر العراقي علي الوردي كالقبلية، حيث لا يكترث الطائفي في تطلعات مذهبه الروحية أو الأخلاقية، بينما الولاء المطلق للمذهب، والعداء للآخر، كالقبلي المتعصب لقبيلته.
اعتقد أن أفضل المحامين في العالم لن ينجح في الدفاع عن إيران، أو إقناعنا بسلميتها، أو حتى باحترامها لدول الجوار. منذ الثورة الإسلامية وإيران تغرس بذورها في منطقتنا التي لا تثمر لنا سوى شجر الزقوم، ورعاية جماعات إرهابية، وتصدير السلاح، وتبني تفجيرات لتقويض الجيران، من باكستان إلى «الفاطميين» في أفغانستان إلى جماعتها في دول الخليج، كل دولة على حدة، إلى «حزب الله» في لبنان، والحوثي في اليمن، وميليشيات في العراق، وأعتذر للميليشيات التي سقط اسمها سهواً، بالإضافة إلى حرب العراق والمليون قتيل، هذا ما صدرته إيران لجيرانها منذ ثورة ١٩٧٩.
ولا يقتصر عمل إيران في البلدان ذات الأقليات الشيعية على دغدغة عواطفها، لاستخدامها أداة لتحقيق أطماعها، بل وصلت إلى مصر عن طريق دعم علاء أبوالعزايم رجلها هناك الأمين العام لحزب التحرير، وإبراهيم الزكزاكي الذي تدعمه إيران هو وجماعته بالسلاح.
هذه هي إيران، وهي حقيقة بالنسبة لنا، مع الأسف ليس بالإمكان أن نتحكم في الجغرافيا أو العوامل الجيوسياسية، وإلا كنت أتمنى أن تكون جارتنا أي دولة أخرى من الـ248 دولة باستثناء إيران. علينا إيجاد آلية جديدة نتعامل فيها مع هذه الجارة السليطة، أتمنى أن تكون مصالحة مع إيران دون أن تكون حرباً مباشرة، والمزيد من قتل الأبرياء، واستنزاف الثروات والموارد كما حدث لدى الأعراق الأوروبية التي تحدثت عنها في بداية مقالي، التي استمرت سكرتها طويلاً حتى جاءت الفكرة، وهذا صعب جداً أن يتم في ظل السياسة الحالية في إيران، فهي الدولة الوحيدة في العالم، التي تقدم نفسها حامية لمذهب، فالسؤال متى تنتهي سكرة إيران، وينتهي معها جنونها واستنزافها لثروات أبنائها في حروب وقضايا خاسرة مهما كانت نتائجها؟

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *