د.مبارك القفيدي

قصة خيول الليل

قال لي صديق يعيش في المملكة المتحدة هذة القصة العجيبة.في أحد الأيام كنت يجلس محطة القطار وهي فيكتوريا في وسط لندن أنتظر الرحلة حيث سوف أذهب إلي المدينة التي أسكن وأدرس بها وهي مدينة برايتون الجميلة المطلة علي السواحل الشرقية البريطانية وجلس إلي جانبي رجل بريطاني في العقد السادس من عمره من وإلقي التحية وتبادلنا الحديث عن التجارب والخبرات والحوادث اليومية والمواقف الصعبة وقال في بداية السبعينات كنت شابآ في بداية حياتي أدرس وأعمل في أحدي النوادي الليلية المشهور جدآ الذي كان يعج في الزبائن من جميع الجنسيات المختلفة في لندن وقال هذة القصة وكم هي راسخة في ذهني إلي الأن ولن أنسى أبداً ذلك الرجل الذي كان يتحدث في حرقة كبيرة وألم شديد عن ما رأي من موقف صعب في تلك الليلة عندما جاء إلي النادي الليلي رجل يلبس الزي العربي وهو الثياب الشعبية والغريب في الأمر أن اللوائح الداخلية في النادي لا تسمح في دخول الشخص في هذة الملابس الغريبة وحدثت حالة من الأعتراض بين الزبائن ولكن دون جدوي وعدم أعتراض وكان الوضع مقبول من قبل المدير المناوب وسط دهشة الجميع وقد أثار حالة من الأستغراب , وكان الرجل يترنح من السكر وصعد إلى خشبة المسرح , وبعد أن أنتهت راقصة حسناء من عروضها . تقدم الرجل منها وطلب التعارف فأخذت الحسناء تضحك بدلع وقالت له : عندي شرط عليك أن تقبله أولآ ! ووافق الرجل بالقبول , وشنّف أذنيه ليسمع الشرط . فقالت : أن تقبّل حذائي وكانت تلبس حذاءً طويلاً وبعد أن نفّذ الشرط أمام الملأ , أردفت قائلة : لكن الشرط لم ينته بعد حيث عليك أن تحملني على ظهرك بين الجمهور , وتمشي على يديك ورجليك وقبل الشرط ونفّذه . وقال بعد ما أنتهي هذا المشهد دار نقاش بيني وبين زملائي في العمل , وأستمر النقاش إلى وقت طويل وتعددت الآراء حول الموضوع وقلت لهم بأن رأي وشك في الأمر خطر ببالي وقد حسمت النقاش , قلت لزملائي في العمل والأصدقاء : لا يمكن لأي عربي أو خليجي أن يفعل هذا وربما أن الصهيونية العالمية تسعى وتريد لتشويه صورة الانسان العربي في الخارج والدليل قبول النادي دخول الرجل في هذا اللباس المخالف , فلا شك بأن من قام بذلك هو رجل صهيوني لبس زياً عربياً , وأخذ يتصرف هكذا لكي يعطي صورة مشوهة عن الانسان العربي في أوروبا ويريد بذلك أن يسلط الضؤ علي الشخصية العربية يظهرها في هذة الصورة البشعة . ولاقت الفكرة أستحسان الجميع , وأقروا بصوابيتها من الناحية التحليلة وقال أيضآ ولكن بعد مرور كل هذه السنين الطويلة من المشاهد وبعد أن رأيت وسمعت عن أحوال الشعوب العربية بعض الزعماء العرب والقيادات السياسية يلبسون نفس زي ذلك الرجل الحصان , ويعملون ليل نهار لضرب كل ما تبقى للعرب من عزة وكرامة , وبعد أن شاهدة المذيعين عبر القنوات الفضائيات العربية وبعضهم يلبس نفس لباس ذلك “العربي الحصان” ويبيعون الغالي والنفيس , مقابل رواتب مرتفعة تدفع لهم من الصهاينة والمتصهينين .وقال أيضآ. بعد كل هذا الذي سمعت أجد نفسي مضطراً للإعتذار من أولئك الذين أقنعهم .
بأن ذلك الرجل لا يمكن أن يكون عربياً .
ويجب أن يتم تسليط الضوء على غياب الوعي وهيمنة الصوره الرمزية البطوليه في مخيلة العربي البسيط تجاة رموزه وصوره التي لا تخلو من القدسية والاجلال والتكبير للقيادة والالتزام الأبدي وعدم التغيير
وعلي المجتمع المدني الديموقراطي إن يلغي هذه الظاهره ويرميها في مزبلة التاريخ !

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

د.مبارك القفيدي

حاصل على الدكتوراه،باحث في التاريخ السياسي والعلاقات الدولية، كاتب صحفي
twitter: @mubarak_u77

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *