عبدالله النيباري

الحوثيون وإيران… وافتراس اليمن

بعد سقوط نظام صدام حسين، ودخول العراق في مرحلة اضطراب وقلاقل، ثم انفجار الثورة في سورية على نظام الأسد، اصطبغ الصراع في المنطقة بصبغة الاصطفافات الطائفية، ثم جاء انفجار الصراع في اليمن، بزحف جماعة الحوثيين، للسيطرة على البلاد، ليرفع حدة الصراع إلى درجة عالية وخطيرة.

تصريحات المغالين

ومع تقدُّم الحوثيين، متحالفين مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وسيطرتهم على معظم اليمن، انطلقت التصريحات من جانب القيادات السياسية في إيران وحلفائها في المنطقة، تعلن أن النفوذ الإيراني امتد إلى أربع عواصم عربية، ووصلت حدوده إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وأن بغداد، تاريخياً، هي عاصمة الإمبراطورية الفارسية، وزاد بعض المغالين، بأن طالبوا بضم العراق في اتحاد مع إيران، كما كان في عهد الساسانيين، معتبرين أن العراق أقرب إلى إيران منها إلى المحيط العربي.

تدخل طبيعي

في مواجهة هذه التطورات، يصبح أمراً طبيعياً أن تتحرَّك دول الخليج، بقيادة السعودية، لاتخاذ إجراءات الدفاع عن أمن أوطانها، بعد أن تحوَّل هلال التمدد الإيراني إلى طوق يلف الجزيرة العربية ودولها، ويسيطر على مداخل الخليج العربي والبحر الأحمر، ما يهدد بخنقها.
لذلك، كان أمراً طبيعياً أن تتحرَّك دول الخليج للتدخل، دفاعاً عن أمنها وحماية النظام السياسي الشرعي في اليمن، بعد أن أطلق الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي نداء استغاثة لدول الخليج، ودول الجامعة العربية، والأمم المتحدة، لإنقاذ اليمن من زحف المتمردين الحوثيين وحليفهم علي عبدالله صالح، بدعم من إيران، لافتراس اليمن.
وفزعة دول الخليج، بقيادة المملكة السعودية وعدد من الدول العربية، تستند إلى معاهدة الدفاع العربي المشترك للدول العربية، واتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون الخليجي.

احتجاجات

والاحتجاجات، التي أثارها السيد حسن نصر الله، وانتقادات وزير خارجية العراق إبراهيم الجعفري، وما تثيره القنوات الإعلامية التابعة لإيران والموالين لها، بأن ما تفعله دول الخليج يعد تدخلاً خارجياً، لا مصداقية له، حيث إن مبررات هذا التدخل أقوى من مبررات تدخل «حزب الله» في سورية وتدخل إيران ومستشاريها، بقيادة قاسم سليماني في العراق، كما أن البكاء والنحيب على هذا التدخل، والادعاء بأنه استهدف المدنيين الآمنين ادعاء كاذب ولا مصداقية له، خصوصاً إذا جاء من أطراف ساهمت أو شاركت أو أيدت وناصرت بشار الأسد ومجازره في سورية باستخدام أبشع الأسلحة، كالبراميل المتفجرة، وغاز الكلور، والأسلحة الكيماوية، والتي حصدت ما يفوق مئتَي ألف قتيل ونحو 12 مليون مشرد ومهجَّر داخل سورية وخارجها، وأحالت سورية إلى ركام قد تعجز مئات المليارات وسنوات طويلة عن ترميم الدمار الذي لا يزال مستمراً.
المحتجون على التدخل في اليمن لم يرف لهم جفن على مأساة الشعب السوري، وهي مأساة ليس لها مثيل في التاريخ، الذي لم يسجل لنا حاكماً يستمر في قتل شعبه وتدمير بلاده على مدى أكثر من أربع سنوات، ولا يزال، من دون توقف، ولا أحد يعرف متى تنتهي.
ما يحدث في اليمن، مؤامرة انقلابية ضد مكتسبات الشعب، الذي أطاح نظام علي عبدالله صالح، الطامح إلى العودة تحت لافتة الحوثيين.

إنقاذ شعب اليمن

الحوثيون لا يشكلون إلا أقلية ضئيلة لا تزيد نسبتها على ثلاثة ونصف في المئة من سكان اليمن، وتمردهم الذي بدأ بذريعة الاحتجاج على رفع أسعار البنزين تحوَّل إلى انقلاب أطلقوا عليه ثورة 12 سبتمبر، بعد استيلائهم على صنعاء، وسيطرتهم على مؤسسات الدولة.
وبينما يطالبون بالمفاوضات للحوار، يزحفون لافتراس محافظات اليمن ومؤسساته وموانئه، وها هم يهددون باحتلال عدن، معتمدين على مساعدات ودعم من إيران، وتحالفهم مع علي عبدالله صالح، عدوهم السابق، الذي خاض ضدهم 6 حروب، ويأتي تدخل دول الخليج والدول العربية، لإنقاذ شعب اليمن من سيطرة أقلية على البلاد، ومن عودة علي عبدالله صالح وابنه، الذي أسقطه شعب اليمن بثورة أزاحته عن كرسي الحكم.

أمن الكويت جزء من أمن الخليج

وفي الختام، وبشأن ما يُثار على المستوى المحلي من أن مساهمة الكويت في التدخل في اليمن، تتعارض مع المادة 68 من الدستور، ويجب عرضها على مجلس الأمة، فإن القانونيين يرون أن الحرب الهجومية محرَّمة، لا يستطيع رئيس الدولة ولا مجلس الأمة إقرارها بقانون، فهي محرَّمة دستورياً، وتدخل الكويت ومساهمتها، يفسَّران بأنهما عمل دفاعي، كما كانت مساهمتها في حربَي 1967 و1973، فأمن الكويت جزء من أمن دول الخليج وأمن المنطقة العربية.

علي محمود خاجه

«بس جذيه؟!»

أكتب في "تويتر" أن هناك مؤامرة تحاك ضد نظام الحكم، وأن بعض الشخصيات تخطط للانقلاب على رئيس الدولة، وأقدم جداول أعدت عبر برنامج "إكسل" أضع فيها كل اسم أريد إبعاده عن الواجهة السياسية، وأصنع أو على الأقل أنشر مقاطع مصورة رديئة أتهم فيها رؤساء السلطات الثلاث السابقين والحاليين بالكويت بالرشوة والتآمر والبحث عن زعزعة أي استقرار، وأقدم بلاغا للنيابة، وأقضي ساعات طويلة هناك لأدعي على شخصيات بالواجهة السياسية، ويصدر القضاء حكمه برداءة ما قدمته، فأصدر بيانا أشكك فيه بسير العدالة، وأني لن أقف مكتوف الأيدي بعد الحكم، وأسرب شريطا رديئا آخر أتهم فيه قاضيا يتقلد أحد المناصب العليا بالسلك القضائي بتلقي الرشوة "كاش"، وبعد كل ذلك أعتذر وكان الله غفورا رحيما!!! هل سيسامحني أحد؟ وهل ستقف أجهزة الدولة مكتوفة الأيدي تجاه ما قمت به من زعزعة للأمن والاستقرار؟ وهل سيسمح لي بالسفر والتجول بمختلف دول العالم طوال مراحل تشكيكي بالدولة؟ وهل ستسخر لي قناة الإعلام الرسمي لأوجه اعتذاري لبعض الشخصيات، وأنصرف عن المتضرر الأكبر وهو شعب الكويت؟ وهل سأخرج بعد اعتذاري وأتجه لإسطبلي أو بيتي سالما آمنا دون أي عقوبة؟ وهل سيطوى الملف دون معرفة إن كان هنالك شركاء في الجرم معي أم لا؟ لا أعتقد أن ما سيطبق عليّ سيكون مشابهاً لما يطبق على أحمد الفهد بعد مسلسله السخيف، وهنا مربط الفرس، وهذا سبب شعور الناس باعوجاج المسطرة، فالحكومة التي يشكل غالبيتها أبناء أسرة الحكم تنظر بأكثر من عين للجريمة، فإن كان الجرم أو حتى الاشتباه في الجرم صادراً عن مواطن، فهناك عين حمراء تنتظره، أما إن كان الجرم بل الفتنة نابعة من أحد أبناء الأسرة فهناك عين عطوفة حنون تقول: "ميخالف قص عليه الشيطان"!! ما قام به أحمد الفهد لا يقبل التهاون بأي شكل من الأشكال، ولا الاعتذار يعني الرأفة بما فعل، فالجرم جسيم وردّ الفعل يجب أن يكون بالقوة نفسها، فالمسألة اليوم غير مرتبطة بضياع ترتيبه بتسلسل الحكم والسلام، بل هي أعمق من ذلك بكثير، فإن مرت هذه المرة بسلام فما الضمانة من عدم تكرار هذه الفعلة مستقبلا من شيخ آخر بإتقان أكبر يثير بلبلة أكثر؟ إن الكويت جميعها مطالبة اليوم بأن تقف موقفا واحدا تجاه ما حدث تحت شعار بأن الاعتذار لا يشفع، فإن كان الاعتذار يشفع فعلينا إخلاء كل السجون من المجرمين على أن نشترط على كل مسجون الاعتذار عبر تلفزيون الكويت عن جريمته وعفا الله عما سلف. تاجر المخدرات والقاتل والسارق كلهم مجتمعين لا يعادلون خطورة ما قام به أحمد الفهد على الدولة والمجتمع، الذي لو نجح فإنه يعني إنهاء الدولة، وتجاوز ذلك يعني المشاركة في تشجيع محاولات هدم أركانها. ضمن نطاق التغطية: ورد في اعتذار أحمد الفهد أن هناك من أوصل إليه معلومات اعتقد أنها صحيحة، وهو ما يعني أن هناك أطرافاً أخرى شاركت أحمد فعلته، وإلى الآن لم تحدد تلك الأطراف أو تكشف!