باسل الجاسر

العبادي وحّد العراقيين وكشف أميركا

رئيس وزراء العراق حيدر العبادي بدأ عهده بعمليات تصالح واسعة بين فئات الشعب العراقي رغم فقدان الثقة التي خلفتها فترة حكم رئيس الوزراء السابق السيد المالكي، فبدأ بإزالة أسباب الاحتقانات الكبرى، منها على سبيل المثل لا الحصر قيامه بدفع رواتب مناطق الحكم الذاتي للأكراد، وذهب للعراقيين السنة وطمأنهم ومسح على قلوبهم التي راعها ما شهدته من تصرفات المالكي الغريبة أصلا على الشعب العراقي.. فالعراق من الصعب على الغريب أن يميز سنته من شيعته، وهم طوال القرون الفائتة ورغم تعاقب أنظمة الحكم واختلافها كانوا يتعايشون بكل السلمية بل بكل المحبة والتواد.

ويكفي أن تعلم قارئي الكريم أن المصاهرة بين سنة العراق وشيعته أمر عادي وسائد ولا يثير المشاكل فتجد عراقيا امه سنية وأبوه شيعي وهو سني أو العكس، ولكن دخول القاعدة وأخواتها وإطلاق مؤامرات إيقاع الفتنة جعل الطائفية تتأجج، والعياذ بالله، وجاء المالكي ففتح الأبواب كلها لدخول الدواعش فتعمقت الطائفية لدرجة مقيتة، وقد كنت اعتقد أن إعادة المياه لمجاريها أو بالأحرى إزالة التوتر يتطلب سنين، ولكن العبادي بحكمته وحنكته والاهم عدالته وخلال شهور قليلة تمكن من تجنيد حشد شعبي كبير من السنة والشيعة اصطفوا كتفا بكتف دفاعا عن العراق والعراقيين في مواجهة المجرمين الدواعش الذين يفترض انهم من أهل السنة.

أقول ما قلت ولا أبخس رجالات العراق الكبار الذين سهلوا للعبادي المهمة ومهدوا له طريق إعادة اللحمة العراقية فكان في مقدمة الركب من المذهب الشيعي آية الله السيد السيستاني وآخرون من رموز دينية وسياسية.. وتقدم الركب من المذهب السني رئيس مجلس النواب السيد سليم الجبوري ود.أحمد السامرائي ومحمود الصميدعي وقادة الوقف السني العراقي وغيرهم كثيرون.

أما حنكته ودهاؤه الذي تجلى في أبهى صوره فظهر عندما وضع العبادي استراتيجية لمحاربة «داعش» رفع منها الاعتماد على أميركا، فحقق النجاحات السريعة فوجدنا شكوى أميركا المرة من عدم تنسيق الجيش العراقي معها وعدم إخبارهم بخططه، ومخاوفهم من الحرب الطائفية بالرغم من أن الحشد الشعبي في صلاح الدين يضم اكثر من عشرة آلاف مقاتل سني! وأخيرا جاء الإحراج الكبير لأميركا عندما طلب الجيش العراقي من أميركا إسنادا جويا لضرب بعض المواقع التي يتحصن بها الدواعش في مركز تكريت، فامتنع الجيش الأميركي عن تقديم هذا الدعم وهو يلح إلى أن اعلنوا الرفض بكل بجاحة، فتم كشف تواطئهم بل وتحالفهم مع الدواعش الذين تحاربهم أميركا في وسائل الإعلام فقط بينما تدعمهم وتغطي عليهم في ميادين القتال فكشفهم حتى التعرية..! ولكن سيأتي الإسناد المطلوب بإذن العزيز القدير من أشقاء العراق الذين يقاتلون داعش بقوة وعزم حقيقيين وهم هنا الإمارات والأردن.

لقد قدم لنا العراق بقيادة السيد العبادي نموذجا يجب أن يحتذى في توحيد الصف الوطني، وحماية الأوطان وكشف الأعداء الحقيقيين للامتين العربية والإسلامية وهم هنا الحكومة الأميركية (ولا أقول الشعب الأميركي) التي تستخدم إمكانيات وقدرات الشعب ليس لخدمة الشعب الأميركي، وإنما لخدمة مخطط المحفل الماسوني الخبيث لتدمير الشرق الأوسط، فهل من مدّكر؟

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *