شملان العيسى

لماذا تخسر الحكومة قضاياها؟

نشرت الزميلة جريدة الجريدة يوم الثلاثاء 3 مارس الحالي خبرا في صفحتها الاولى عن خسائر الحكومة في المحاكم حيث اوضحت بان الحكومة على الرغم من خسارتها خلال السنوات الثلاث الماضية 50 مليون دينار بسبب قضايا رفعت عليها مازالت هناك 270 دعوى مرفوعة ضدها رفعها قياديون يعملون في بعض جهاتها فضلا عن مواطنين وشركات على خلفية اخلال تلك الجهات بتعاملاتها معهم.

السؤال لماذا تخسر الحكومة قضاياها امام موظفيها او المواطنين الذين يشتكون عليها؟

هنالك اسباب كثيرة اهمها ان كثيرا من المواطنين من اصحاب الحقوق سواء كان لديهم شركات او افرادا لديهم مطالبات مشروعة من الدولة سواء كانت من خلال مشاريع او مناقصات حكومية او تقديم بعض الخدمات للحكومة، الوزراء المختصون لا يتخذون قرارات فورية في البت في حقوق هؤلاء المواطنين لوجود بعض المخالفات البسيطة عليهم، فالادارات القانونية في الوزارات لا تتخذ اي قرارات بشأنها خوفاً من المساءلة السياسية او لعدم وجود قرار سياسي حازم بالالتزام بسداد ما عليهم من التزامات فيتم في هذه الحالة لجوء المواطنين الى المحاكم لأخذ حقوقهم وهي حقوق اغلبها مشروعة ويستطيع الوزير اتخاذ القرار بشأنها..لكن الوزراء وكبار موظفي الدولة يحولون كل شيء للمحاكم لعجزهم عن اتخاذ القرار ولتبرئة انفسهم من التقصير تجاه الآخرين واعطائهم حقوقهم في وقتها.

هذا الوضع السيئ ادى الى تراكم القضايا في المحاكم وتعطيل مصالح الناس.

مقاول كويتي معروف اخبرني بانه انجز كل عمله مع الحكومة في وقته ومن المفترض ان يدفعوا له ما تبقى له من اموال حوالي 200 الف دينار لكن الوزارة تماطل في الدفع لأنها ترى بان المقاول قد تأخر مع العلم ان سبب التأخير هو الاجراءات الحكومية العقيمة، ففي حالة وجود خطأ فني في التصميم التزم التأخير..المهم رفع قضية وربح القضية ضد الحكومة..السبب الثالث هو استهتار بعض موظفي الدولة بالقطاع الخاص وتعودهم على التأخير في دفع ما عليهم من التزامات تجاه القطاع الخاص لابتزازهم بأخذ الأموال منهم على شكل رشاوى حتى يتم تسريع الدفع أو التهديد برفع القضايا أمام المحاكم لارغام القطاع الخاص على التنازل عن بعض حقوقهم.

الحقيقية التي لا يعرفها موظفو الدولة الفاسدون ان القطاع الخاص اليوم وبسبب خبرته الطويلة مع فساد الجهاز الادراي اصبح لديهم مكاتب قانونية ومحامون كل مهمتهم دراسة العقود جيداً والاحتفاظ بكل المستندات الخاصة التي تطلب من المقاولين اجراء التعديلات المطلوبة على المشاريع..كما ان الشركات بدأت تحتفظ بكل المستندات الحكومية لدعم مواقفها أمام القضاء.

السبب الرابع للخسائر هو شعور موظفي الدولة المتقاعسين والجهلة وغير المؤهلين بأن مال عمك لا يهمك، لذلك لا يحرصون على الحفاظ على مال الدولة لانه لا توجد رقابة قوية ضد تقاعس هؤلاء الموظفين، خامساً: الجهاز الحكومي خاصة القانوني غير مؤهل ولا يملك الخبرة القانونية والبعض منهم فاسد ومرتش يقبض من الشركات ويحرص على تزويد الشركات بالمستندات الحكومية لتقوية مواقفهم امام المحاكم..واخيراً ازدادت الاتهامات لادارة الفتوى والتشريع بسبب خسارة قضايا الحكومة أمام المحاكم، الامر الذي لا يعيه الجميع هو ان قانون الفتوى والتشريع يحتاج الى تحديث واعادة نظر وتطوير فهم يحتاجون الى قانون نموذجي جديد يضعهم في باب السلطة القضائية.

الادارة الجديدة في الفتوى والتشريع تحتاج الى دعم الحكومة لتطوير وتحديث اجهزتها وقواها البشرية من خلال التدريب والمكننة للحفاظ على المال العام ومطلوب الشفافية في الفتوى والتشريع بحيث يعاقب المهمل ويكافأ الناجح والمتميز..والأهم من كل ذلك مطلوب عدم تدخل الوزراء في عمل الفتوى والتشريع مما يعرقل عملهم.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

شملان العيسى

دكتور بالعلوم السياسية في جامعة الكويت

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *