مبارك الدويلة

ضياع المصداقية

لا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذّاباً.. ولا يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً.

هذا معنى لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن هنا جاءت أهمية المصداقية في حياة الانسان، بل في حياة الشعوب، فالحكومة يجب ألا تتلاعب بمشاعر شعبها، بل يجب أن تكون واضحة وصادقة في وعودها، ووسائل الإعلام يجب أن تنقل الخبر بمصداقية، بعيداً عن التشويه والافتراء على خلق الله، والنائب في البرلمان يجب أن يترك الوعود الكاذبة لناخبيه، ويمارس دوره بعيداً عن الحسابات الشخصية.. وهكذا.

واليوم، نشاهد هذه المصداقية تهتز في معظم المجالات، ولن أبالغ إن قلت إنه زمن اللامصداقية، بل زمن الافتراء والكذب على عباد الله! فعندما تتهم جماعةً معتدلة بالإرهاب، أو تياراً وسطياً بالتطرف، والجميع يعلم جيداً أن الحقيقة خلاف ذلك، وأن هذا التيار المعتدل لم يطلق رصاصة واحدة طوال مسيرته الطويلة، أو أن هذه الجماعة لم تمارس العنف في جميع مراحل تاريخها، عند ذلك سيطعن في مصداقية هذا الاتهام، ولأن كل حكومة لديها احياناً أبواق من المطبلين والمروجين في الوسط الإعلامي، لذلك ستشمل كل هؤلاء صفة اللامصداقية! وقد يُصدِّق قطاعٌ من الشعب بعضَ هذه الافتراءات، لان «كثرة الدق تفك اللحام»، لكن تظل الحقيقة شامخة، وستظهر ولو بعد حين، ولعل أبرز مثال ما اتهم به الرئيس محمد مرسي من سعيه للتقارب مع إيران، ثم تبين لنا كيف أن من اتهموه بالأمس ها هم اليوم في أحضان الإيرانيين! كما أن التسريبات الأخيرة للأشرطة لتؤكد على حجم الكيدية في الاتهامات الباطلة التي وجهت إلى الرئيس !

وليسمح لي القارئ الكريم أن أضرب أمثلة حصلت معي بهذا الخصوص، لنعرف حجم الافتراءات التي يمارسها الخصوم بعيداً عن المصداقية.

نشرت إحدى الصحف اليومية على صدر صفحتها الأولى عنواناً يقول إنني تسلمت مليون دولار من رئيس وزراء قطر آنذاك! وذكرت إحدى المربيات أنني مُنحت مناقصة بقيمة 120 مليون دينار كويتي من وزارة الدفاع، وآخر هذه الأباطيل ما ذكره أحد المغردين من أنني فزت بمناقصة بقيمة 400 مليون يورو من وزارة الدفاع! بل حدد موعداً لي لمرافقة الوكيل الألماني للتوقيع في الوزارة، ويمر هذا التاريخ، وأنا في الولايات المتحدة في رحلة استمرت ستة أسابيع! طبعاً كل هذه الافتراءات رفعت بها قضايا بالمحاكم، كسبت بعضها، والبعض الآخر ما زال منظوراً في المحكمة.

***

نشرت إحدى الصحف عنواناً يفيد بوجود تجاوز في إدارة الدراسات الإسلامية في وزارة الأوقاف بقيمة مليون دينار، وقد أوردت الصحيفة بعضاً من هذه التجاوزات، ولأن التقرير يوحي بأن من كتبه قريب من هذه الإدارة، لذلك اتصلت شخصياً بمن أثق، لأتأكد مما ورد بالتقرير، فتبين لي ما يلي:

• أورد التقرير أن عدد المراكز 117 مركزاً، بينما ديوان الخدمة وافق على 100 مركز فقط! والحقيقة أن عدد المراكز 103 فقط، بينما الديوان موافق على 117! بينما المدير الحالي كتب للديوان يطلب إلغاء عشرة مراكز!

• أورد التقرير أن 300 موظف وافد محسوبين على أحد التيارات السياسية تم تعيينهم في الإدارة من قبل إحدى الجمعيات في الخارج، ولم يذكر التقرير معلومة تزيل اللبس والشك اللذين يوحيهما هذا الخبر، وهو أن أي وافد لا بد أن توافق عليه سفارة الكويت في القاهرة التي تخاطب وزارة الداخلية المصرية، ثم لا بد من موافقة وزارة الداخلية الكويتية، وللعلم جميع هذه التعيينات تمت أثناء حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، وقبل حكم الرئيس مرسي!

– مركز الفن الإسلامي ليس مركز تدريس، بل تابع لقسم النشاط النسائي، وقد تم إلغاؤه في عهد المدير السابق.

***

المصداقية في نقل الخبر مطلوبة.

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *