في مطار الكويت وقبل المغادرة للقاهرة جلست اتحدث مع الداعية الرائع عمرو خالد وكان ينتقد ما كتبه احد الكتاب الاسلاميين الكويتيين وعممه على الليبراليين، وقاطعتنا سيدة محجبة كويتية في الخمسينيات من عمرها واوصته بأن يكثر من دعوة الابناء للالتزام بقواعد الدين، مضيفة أنها تقوم شخصيا بإيقاظ ابنائها لصلاة الفجر، وصلت القاهرة واثناء الخروج من صالة الوصول التفت يمينا لاجد تلك السيدة واقفة في السوق الحرة وهي تحمل قناني الاقحواني والمودماني واستغربت بحق من حالة النفاق والتصنع تلك.
في مطار القاهرة وقبل مغادرتي في اليوم التالي للرياض التقيت في القاعة بإعلامي شهير يعمل في قناة تملكها شخصيات سعودية، اطل علينا فجأة زميل اعلامي آخر وسأله «الى الرياض؟!» فأجابه «آه للاسف» ووجدت نفسي في تلك اللحظة في حالة نفور شديد منه لاساءته للبلد الذي تسبب عبر تلك القناة بشهرته وثروته اضافة الى نظرته الاستعلائية للبلد الخليجي الذي يستضيفه، هذا التوجه الغبي كرره مرة ثانية حال الوصول للفندق عندما رفض الذهاب لحفل الافتتاح وحفل العشاء الملكي المصاحب قائلا باستهزاء «روحوا وبلغوني».
وقد رفضت فور انتهاء حفل الافتتاح عمل لقاء ضمن البرنامج الذي يقدمه ويشاركني فيه الزميل عقاب صقر من لبنان، ويخبرني الزميل جورج قرداحي الذي شارك في تلك الحلقة بدلا مني عن كم عدم الاحتراف والطاووسية الفارغة التي سادت الحلقة حيث انفرد المذيع ـ كعادته ـ بالكلام والثرثرة الفارغة ولم يترك شيئا لضيوفه.
احد الجوانب المهمة لمهرجان الجنادرية هو اللقاءات الجانبية التي تعقد بين الاعلاميين والمرجو حسب ما سمعت من البعض منهم ان ينظر في دعوات وزارة الاعلام لزيارة بلدنا بحيث يتم التأكد من التنوع والقيمة المضافة لمن يتم دعوتهم والحرص على متابعة ما يكتبونه ـ او ما لا يكتبونه ـ بعد الزيارة، واعطاء الفرصة للجميع حتى بعض من كان له مواقف ضدنا، فكسبهم خير من ابقائهم على حالة العداء معنا، وقد اشتكى لي اعلامي شهير من اضاعة الكويت له مستشهدا ببيت الشعر العربي «اضاعوني واي فتى اضاعوا».
اعلامي بعثي كان ديبلوماسيا ومسؤولا بارزا في فترة ما قبل 2003 اقر في نقاش معه شهده جمع من الاعلاميين بخطأ عملية الغزو والضم ويدعي ان عزة ابراهيم يقر بذلك ايضا، ويقول الاعلامي ان طارق عزيز وسفير العراق السابق في الكويت عبدالجبار عبدالغني كانا الدافعين والمحرضين ضمن لقاءات قيادات الحزب المغلقة لضم الكويت للعراق، ويضيف انه كان حاضرا للقاء خاص عقد قبل 6 اشهر من الغزو وجه فيه صدام العتب الشديد للاثنين وقائلا لعبدالجبار عبدالغني: «ألست سفيرا في الكويت؟! الا يعني هذا اعترافنا بها كدولة مستقلة؟ ان عليك التوقف عن مثل هذه الدعاوى»، ويبدي استغرابه من التحولات التي حدثت بعد ذلك في فكر صدام! واضح ان البعثيين شديدو الاختصاص في عمليات الخداع والكذب والغدر حتى على بعضهم البعض وتلك القصة خير دليل على ذلك.
سألت الكاتب الانجليزي الشهير باتريك سيل عن كيفية كتابته لحادثة سجن تدمر التي ذكر ان قوى سرايا الدفاع التابعة لرفعت الاسد قامت بها وذلك ضمن كتاب «الاسد» الذي أرخ بدقة شديدة لحياة الرئيس الراحل حافظ الاسد، يقول سيل ان رفعت الاسد رفع عليه العديد من الدعاوى حتى كاد يبيع منزله لسداد كلفتها وقد طلب منه كشرط للتنازل، ان ينفي تلك الحادثة وان يضع في النسخة الجديدة للكتاب ان نسبه يرجع للخليفة يزيد بن معاوية كوسيلة لحصد تأييد السنة الذين خسرهم بسبب حادثة سجن تدمر، نحمد الله على وصول الرئيس الشاب د.بشار الاسد للحكم ويده نظيفة من دماء الابرياء.
آخر محطة:
الاعلامي الفارغ السابق ذكره هو وصمة عار بحق في جبين الاعلام العربي وحتى الدولي حيث يوجد على «اليوتيوب» مقطع يقوم خلاله باستقبال مكالمة من الخرطوم عقب انتهاء مباراة الفريقين الشقيقين مصر والجزائر، يدعي المتصل الكاذب خلالها ان المصريين يقتلون هناك من قبل الجزائريين وبدلا من التحقق يصرخ من معه في البرنامج داعيا الشعب المصري الطيب لاخذ الثأر عبر «قتل» الجزائريين الابرياء الضيوف على مصر، هل سمع احد بدعوة عنصرية وحض على القتل على الهوية كهذه؟! ما قاله صاحبه ولم يجد اعتراضا منه به عودة لعصور الابادة الجماعية ولا حول ولا قوة الا بالله.