وصفنا جريمة قتل الراحلة سوزان تميم بأنها الاغبى في القرن الـ 21، فهل عملية اغتيال محمود المبحوح أو المذبوح هي ثاني أغبى جريمة ترتكب في قرننا الحالي؟! الجواب المختصر هو «لا» حيث حققت العملية في النهاية اهدافها ولم يقبض على الفاعلين كحال فضيحة لافون عام 54 (عملية سوزانا) واستمرت صورة ذراع جدعون المرعبة قائمة أمام القيادات المستهدفة.
يرى بعض المراقبين ان اسرائيل تعمد في بعض الاحيان للابتعاد عن النمط التقليدي في التصفية، أي القتل الفردي بكاتم الصوت، وتلجأ الى أساليب معقدة تظهر من خلالها حجم التخطيط المتقدم والابتكار في عملياتها ومن ذلك ما ذكره عميل الموساد السابق د.ميشكا بن ديفيد حول تعقيد محاولة اغتيال خالد مشعل في الاردن و..
وكان د.ميشكا وهو المختص في كتابة روايات مستمدة من عمليات حقيقية للموساد قد كتب رواية بالعبرية أسماها «الثنائي» عام 2002 تحدث فيها عن تفاصيل اغتيال قيادي حزب الله عماد مغنية عبر تفخيخ سيارته، وهو ما تم بالفعل وطبقا لنفس التفاصيل في فبراير 2008، وهي مراهنة أخرى على عدم القراءة وضعف الذاكرة التي تختص بها أمتنا.
ففي جميع عمليات تصفية اسرائيل لأعدائها من كمال عدوان وصحبه في بيروت الى تصفية مجموعة ميونيخ ورئيسها أبو إياد ومرورا باغتيالات أبوجهاد وأحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي وعباس موسوي وعز الدين خليل ويحيى عياش وعادل وعماد عقلة وحسن شحادة وانتهاء بمحمود المبحوح، اعتمدت على اعمال تقارب الكمال في دقة المعلومات المخابراتية والتخطيط والتنفيذ المتقن، لذا كان مستغربا ما يعتقد انه اخفاق كبير في عمليتها الاخيرة.
فهل تحتــــاج اسرائيـــل الـى ما يقارب 20 شخصا لتصفية شخص واحد لا سلاح ولا حراسة عليه، بينما قامت بمثل هذا الامر في مالطا عند تصفية القيادي فتحي الشقاقي عبر عميلين أطلقا النار عليه من أجهزة كاتمة للصوت؟! وألا تعلم اسرائيل بوجود الكاميرات في المطارات والفنادق، ولماذا لم يتم عرض شريط كيفية دخولهم الغرفة التي يفترض ان تكون قد التقطتها كاميرات الممر، وكيف تيقنوا وتأكدوا من عدم تدخل رجال أمن الفندق المتابعين لتلك الكاميرات؟!
وفي هذا السياق، بث التلفزيون الاسرائيلي اشرطة مخجلة لقيادي فلسطيني كبير ظهر عاريا في غرفة نوم كان ينتظر فيها فتاة فلسطينية شريفة راودها عن نفسها، وقد داهمه فلسطينيون كانت الفتاة قد أخبرتهم بمحاولاته المخزية، وكان رد فعله المسجل بالصوت والصورة هو «الحمد لله، فلسطينيين منيح افتكرتكم الموساد».
آخر محطة:
تهتم اسرائيل كثيرا بعملائها، ومن أمثلة ذلك وضعها شرط استعادة جثمان «ايلي كوهين» من دمشق كأحد شروط انسحابها من الجولان، والحقيقة ان اعدام كوهين كان خطأ تاريخيا ولربما محاولة للتستر على أمين الحافظ الذي دعمه، حيث لم يكن سوريا ليعتبر خائنا يستحق الاعدام، بل كان جاسوسا اسرائيليا، وقد اعتادت الدول ان تسجن جواسيس الدول الاخرى وتستنطقهم كي تبادلهم في وقت لاحق بجواسيسها أو سجنائها لدى الطرف الآخر.