سعيد محمد سعيد

الموعد

 

… بل يكاد يكون هو الموعد الأهم بالنسبة الى شريحة الباحثين عن عمل من الجنسين، تلك اللحظة التي يتسلمون فيها وظائفهم ويبدأون حياتهم العملية ويفكرون ملياً في أن الحياة عمل، وأن لقمة العيش السائغة لا تأتي بقضاء النهار بطوله والليل بأكمله في النوم والحلم بوظيفة (فاخرة) وراتب مغر، الكرة الآن في ملعب العاطلين… لهم الخيار في أن ينهوا بطالتهم ويتقدموا لشغر الوظائف المعروضة أمامهم ضمن المشروع الوطني للتوظيف والتدريب… أو أن يستمروا في رفض أية وظيفة تعرض عليهم بحجة أنها لا تناسبهم وراتبها لا يروق لهم… هذا من حقهم قطعاً، لكن يجب ألا يغفل الباحث عن عمل… الذي لا يمتلك أدنى حرفية في مهنة معينة، وفي الوقت ذاته، ليس مؤهلاً أكاديمياً… يجب ألا يغفل عن أمر مهم، وهو أنه لكي يصل الى وظيفة مرموقة وراتب محترم، لابد من أن يعمل ويعمل ويكتسب المهارات والكفاءات والخبرات العملية بالتدرج. نعم، وقفنا مع العاطلين وهتفنا في مسيراتهم، وكتبنا مساندين لهم.. انتقدنا المسيرة (المنحرفة) وأيدنا المسيرة (الحضارية) ورفعنا الصوت مطالبين بحق المواطن في العمل والعيش بكرامة وإنسانية مقدرة، لكننا لم نتحدث، والكلام موصول الى الجمعيات السياسية وعلماء الدين… لم نتكلم عن الموضوع الأهم، وهو دعوة العاطلين لأن يبادروا ويحولوا الظروف لصالحهم من خلال العمل والترقي واكتساب المعارف وفهم أنظمة العمل. لم تكلف أية جمعية نفسها بتنظيم دورة تدريبية للباحثين عن عمل تدربهم على كيفية الاستعداد للانطلاق بحثاً عن وظيفة: كيف يلبس… كيف يتكلم… ما هي المهارات المطلوبة للمقابلة الشخصية، وعلى رغم الكوادر الخبيرة بالجمعيات، لم نجد دورة تدريبية واحدة نظمت لإعداد كوادر مدربة في مجال مهم، ترى، ألم يكن في الإمكان تدريب 10 عاطلين في مجال مهني فني مطلوب بالسوق!

للحديث صلة

سعيد محمد سعيد

بختيار أمين: أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة العربية تتدهور سنوياً

 

إذا عدنا قليلاً الى الوراء، وتحديداً إلى توصيات المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان في المجتمع العربي الذي عقد في جامعة مؤتة العام الماضي مطلع العام الجاري 2005 تحت شعار: «لنعمل معاً من أجل حقوق الإنسان»، سنقرأ فقرة جاءت في ورقة التوصيات تقول: «إن تجاهل حقوق الإنسان الأساسية في المجتمع العربي والتي أكدتها المواثيق الدولية ذات الصلة، لا يواكب ما يجري من حولنا اليوم في هذا العالم الذي أصبح مترابطاً، ما يجعل ممارسة حقوق الإنسان وتأكيدها في المجتمع العربي من الأسس التي ستقوم عليها النهضة والتنمية البشرية واللحاق بركب المجتمعات المتقدمة وإرساء قيم الديمقراطية والحرية». وبناء على ذلك، تم الاتفاق على عدة مبادئ منها ضمان الحق في الحياة للمواطن العربي وصيانته، وحقه في الحرية الشخصية والكرامة والتمتع بإنسانيته ضمن قوانين تحمي هذا الحق، وتؤكده استناداً إلى مجمل المواثيق الدولية بشأن حقوق الإنسان وما أقرته الشرائع السماوية بهذا الخصوص، ومن حق الإنسان في الوطن العربي… الأمن والسلم والعمل والتعليم والرعاية الصحية. في حوارنا هذا مع وزير حقوق الإنسان العراقي السابق بختيار أمين، وهو أحد الناشطين في الكثير من المنظمات الحقوقية غير الحكومية على مستوى العالم العربي والعالم زار البحرين حديثاً للمشاركة في المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل سنتحاور بشأن الكثير من النقاط التي ترتبط بوضعية حقوق الإنسان في العالم العربي، فضيفنا يقول إن الضغوط الخارجية تتكاثر على الدول العربية والإسلامية يوماً بعد يوم تطالبها بإجراء إصلاحات ديمقراطية تنطوي على تعميم الانتخابات الحرة وتعزيز دور المجالس النيابية وزيادة مشاركة النساء في الحياة السياسية والمدنية وتأمين حرية الصحافة ووسائل الإعلام وحرية العمل لمؤسسات المجتمع المدني ومكافحة الفساد، وتدعوها إلى بناء مجتمع معرفي عن طريق إصلاح التعليم ونشر تكنولوجيا المعلومات وتحقيق التنمية الاقتصادية بما يضمن خفض سيطرة الدولة على الشئون الاقتصادية، وتشجيع الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية.

الضغوط على الدول العربية

دعنا نطرح سؤالاً مباشراً: هل هناك خيبة أمل في العالم العربي فيما يتعلق باحترام الحكومات لحقوق الإنسان؟ ­ أريد في البداية أن أتحدث عن الضغوط التي تقع على الدول العربية… هذه الضغوط تأتي تارة من الولايات المتحدة التي نشرت نص مشروعها للشرق الأوسط الكبير، وتارة تأتي من دول الاتحاد الأوروبي التي تقدمت بعدة مبادرات للإصلاح في الشرق الأوسط، ولا تختلف المقاربات الأوروبية كثيراً عن المشروع الأميركي. ويتضح ذلك من تأكيدات الاتحاد الأوروبي ضرورة تطوير الديمقراطية والقانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية وإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في ظل احترام القوانين الدستورية. لقد أعربت الكثير من المنظمات الحقوقية العربية لمواقف الحكومات تجاه عدة قضايا، على رأسها قضية الإصلاح السياسي، وتؤكد المنظمات أن هذه النتائج لم ترق إلى المطالب التي تنادي بها فعاليات المجتمع المدني في العالم العربي بشأن الإصلاح الداخلي والإقليمي، وخصوصاً مبادرة الاستقلال الثاني التي صدرت عن المنتدى المدني الأول الموازي للقمة العربية، الذي نظمه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في بيروت مارس/ آذار الماضي بمشاركة 52 منظمة غير حكومية بل وتتعارض مع وعود الحكومات العربية التي قطعتها علي نفسها قبل القمة. إن هذا التخاذل واستمرار قمع الحكومات العربية للمصلحين يشكل ذريعة لممارسة الضغوط الخارجية ويمنح المشروعية لمبادرات الإصلاح الخارجية.

الوفاء بالتزامات الإصلاح السياسي

كيف نستدل على هذا القول؟ ­ إن أوضح ما يدل على عدم قدرة القمة العربية على الوفاء بالتزاماتها تجاه قضية الإصلاح السياسي في الدول العربية، هو اكتفاؤها بمجموعة بيانات إنشائية احتوت على نوايا ووعود من دون خطط وسياسات والتزامات عملية للإصلاح الديمقراطي في إطار خطة زمنية، وإصرار الحكومات العربية على المماطلة واستهلاك الوقت، بالربط بين تحقيق الإصلاح وحل القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال في العراق، كما لو أن تحرير فلسطين والعراق يتطلب استمرار الفساد والتعذيب والاستبداد وتعطيل الديمقراطية والقانون وحقوق الإنسان في العالم العربي. نعود إلى سؤالنا الأول الذي لم نحصل له على إجابة حتى الآن… هل هناك خيبة أمل؟ ­ إن خيبة الأمل تزايدت مع إقرار ما يسمى بالميثاق العربي لحقوق الإنسان المعدل، بما فيه من نواقص شديدة وعدم احترام للمعايير الدولية الدنيا لحقوق الإنسان، بما يكرس تدني وضعية شعوب المنطقة مقارنة ببقية شعوب العالم. فالميثاق في الصورة الحالية لا يكفل آلية فعالة لمراقبة وحماية حقوق الإنسان في الدول العربية، ولا يضمن الحق في المشاركة السياسية عبر انتخابات حرة ونزيهة، والحق في تكوين الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية، ويقيّد الحق في الإضراب ويكرس الانتقاص من حقوق المرأة ويتجاهل وجود ودور منظمات حقوق الإنسان، ما الهدف من كل هذه البيانات؟ ­ ذلك يؤكد أن هدف هذه البيانات الإنشائية ليس الإصلاح، بل خداع الرأي العام العربي والمجتمع الدولي، وهو ما جرى في عدد من الدول العربية أثناء إعداد مسودة هذه البيانات عن الإصلاح، إذ تتصاعد في بعض الدول العربية حالات قمع المعارضة السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان، وفي الوقت الذي تتحدث فيه جامعة الدول العربية عن ضرورة الانفتاح على المجتمع المدني، رفضت إحدى الحكومات العربية على سبيل المثال الطلب الذي كان قد تقدم به مركز «عربي» لدراسات حقوق الإنسان لتنظيم منتدى للمنظمات غير الحكومية مواز للقمة العربية، كما تم تجاهل المطلب الذي تقدم به المنتدى المدني الأول الموازي للقمة العربية بحضور ممثلين عن المجتمع المدني بصفة مراقب في القمة العربية.

سيادة القانون العادل

لنتحدث عن الموقف المطلوب من الحكومات العربية لتعزيز مبادئ حقوق الإنسان؟ ­ في الحقيقة، تزداد أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي تردياً عاماً بعد عام… إن المشكلة الأساسية في أي مجتمع يرنو إلى التقدم والعدالة هي في أن يسود القانون العادل المنبثق عن إرادة الشعب الحرة على جميع المواطنين، وهذه هي أولى الخطوات التي ينبغي معالجتها، ففي معظم العالم العربي لا يجري انتخاب حر نزيه لممثلي الشعب في المجالس النيابية ومعظم أعضاء هذه المجالس إما معينون من السلطة الحاكمة أو حصلوا على الأصوات بطريق التزوير وبالتالي فإن مجالس الشعب أو مجالس النواب ما شئت أن تسميها لا تمثل إرادة الشعوب وبالتالي فإن القوانين التي تصدرها هذه المجالس هي قوانين لا تعبّر عن إرادة الأمة، وهي قوانين باطلة من جهة أخرى ولو سلّمنا جدلاً بشرعية المجالس النيابية فهي لا تستطيع عمل شيء في مواجهة السلطة الحاكمة إما لإحساس أعضائها بالضعف نتيجة عدم صحة الانتخابات، وإما لطغيان السلطة في الأنظمة الاستبدادية الشمولية وعدم وجود أية حماية تحمي الانسان من عسف وجور النظام فحقوق الانسان موغلة في القدم كانت تصونها العشيرة والقبيلة والأسرة ولم تبدأ لتأخذ الشكل المنظم إلا مع التطور الحضاري.

توصيات المحافل الحقوقية

وإذا نظرت الى توصيات المؤتمرات والمنتديات الحقوقية في الوطن العربي، فستجد أن المطالب تتمحور حول حق الإنسان في الوطن العربي في محاكمة عادلة وتأكيد حمايته من التعذيب أو الإيذاء بدنياً أو نفسياً أو الإهمال ومعاملته المعاملة الإنسانية المكفولة، وعكس ذلك يعد جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط بالتقادم، والتأكيد أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وحق هذا الإنسان في حرية الرأي وإبدائه وممارسة حقه في المشاركة السياسية على أساس من المساواة والعدالة بين الجميع ويتضمن ذلك حقه في حرية العقيدة والفكر وأن تكون مكفولة للجميع. أضف إلى ذلك، الحق في المساواة وعدم التمييز على أساس اللون أو الجنس أو مكان الميلاد أو الجنسية أو اللغة أو الدين، وأن يكون الجميع متساوين أمام القانون، وهذا يتطلب استقلال القضاء وحياده بكفالة الدولة نفسها، وصولاً إلى حقه في المحافظة على أسراره، وخصوصيات أسرته، وحرمة مسكنه، وحقه في سرية اتصالاته ومراسلاته الخاصة . ويجب ألا ننسى أنه من حق الإنسان في الوطن العربي في تكوين أسرة، وأن يكون الزواج برضى من الرجل والمرأة وإرادتهما الحرة من دون إجبار وتأثير من أحد، وفق الشرائع السماوية، ومنح المرأة الحق في الانتخاب والترشح، ومنحها حق إبداء الرأي، وحقها في العمل والتعليم والمشاركة في الحياة العامة. وأستطيع إدراج الكثير من الحقوق، منها حق جميع إفراد الأسرة في الرعاية المادية والمعنوية والتربوية وحمايتهم من العنف بشتى أشكاله، وحق المواطن العربي في التمتع بجنسية بلاده، وحقه في عدم إسقاطها وعدم نفيه، أو تقييد حركته وحريته، وحقه في الوصول إلى المعلومات، وحقه في بيئة صحية مستدامة وخالية من التلوث، وحق الشباب في الوطن العربي في توسيع خياراتهم وتمكينهم التربوي والصحي والثقافي

سعيد محمد سعيد

قصص مثيرة للهلع

 

يصر البعض على نشر قصص فيها من التفاصيل (المريعة) والإخراج (المتقن) ما يجعل الإنسان في بلادنا يشعر بـ «فوبيا» من الهلع لا يمكن أن تنفع معها الكثير من العلاجات النفسية والعضوية،، وفي الحقيقة، أصبح الكثيرون يخافون الخروج ليلاً، ويفضل البعض الآخر، الاستعانة ببعض المعارف أو الأقارب أو الأصدقاء في حال الرغبة في الخروج لغرض ما. .. ليس في كل الأوقات، إنما في أوقات ومواسم انتشار (أفلام الرعب البحرينية)، وهي في الواقع، لا تخرج عن كونها قصصاً مختلقة في رؤوس بعض الناس لغاية ( في نفس يعقوب). هذه الحالة، مزرية إلى حد التشكيك في أمن المجتمع وسلامه، وبالتالي، رواج القصص البوليسية وروايات الرعب والعفاريت والمجرمين والنشالين والمهاجمين ليلاً، والملثمين ذوي القلوب القوية والخيول المطهمة لا ينبغي أن يستمر لكي يؤثر حتى على نفسيات الناس في هذا المجتمع المسالم الطيب. ولا أعتقد أن قصة (الفارس الملثم) التي انتشرت في الثمانينات أو (أبو قرون) نساها من عاصر فترة انتشارها… لكنها أصبحت اليوم وكأنها من الأساطير التي تحولت من التراث الخرافي. والكلام في هذا الموضوع، دافعه أن البعض، أصبح يعشق نشر القصص المكذوبة والمختلقة في المجالس والمنتديات الإلكترونية، وهذه ليست مشكلة حين يعي الناس أن هناك من الكذابين والمنافقين والمهرجين العدد الكبير المنتشر هنا وهناك، لكن المشكلة تكمن في تصديق تلك القصص من جانب الغالبية العظمى من الناس… حتى بالنسبة لدينا في الصحافة، تصل هذه القصص لكن الفرق، أن عملية التأكد والتمحيص والمتابعة والتدقيق، تكشف مدى الملعوب الذكي الذي تمخضت عنه تلك القصة. وهذه دعوة للجميع، لأن يتبينوا إذا جاءهم فاسق بنبأ… ولكن أي القصص نقصد هنا… المساحة متروكة للقراء لأن يتصفحوا المواقع ليشاهدوا المخازي،،

سعيد محمد سعيد

الشرطي

 

من نافلة القول، إن الشباب من الجنسين ممن بدأوا عملهم في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي ضمن الدفعة الأولى من شرطة المجتمع، وهو المشروع الرائد الذي قدمه وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، هم الرعيل الأول الذي نسأل الله أن يقويهم على تحمل الصدمات،، فهؤلاء الشباب، بزيهم المميز وأسلوبهم الأكثر تميزاً في التعامل مع الناس، صدموا أولئك الذين هاجموهم قبل أن يعرفوهم. .. وكثيراً ما سمعت بعض الخطباء، وعلى المنابر، يهاجمون المشروع قبل أن يفهموا منه شيئاً وقبل أن يكلفوا أنفسهم القليل من الوقت للإستفهام والسؤال والإستزادة، حتى تخرجت الدفعة الأولى ونزلت الى المجتمع وبدأت عملها لتجد نفراً من ذوي العقول الصغيرة (حتى وإن كانوا من المتعلمين) ينادونهم بألفاظ جديدة، وغير مقبولة إطلاقاً… (قراريص المجتمع… مباحث المجتمع… جواسيس المجتمع… ورطة المجتمع). خذ المزيد… هناك من يضحك فرحاً وهو يستمع للجهال وهو ينادون شرطة المجتمع بهذه الألفاظ غير اللائقة،، وكأنه يشاهد مشهداً كوميدياً تاق له منذ سنين،، لكن هؤلاء الذين سخروا منهم، أثبتوا أنهم أسمى وأعلى مكانة وأكثر حرصاً على أمن المجتمع من الساخرين والشامتين،، فخلال وقت قصير، تمكن أفراد شرطة المجتمع من قلوب الناس، فتجد هذا (الحجي) يستضيفهم في سوق جدحفص ويسعد برؤيتهم، وتجد ذلك الشاب يوقف سيارته على جانب الطريق ليتحدث مع صديق له انضم لشرطة المجتمع… وتجد شخصاً ثالثاً لا هم له إلا التقلب يميناً ويساراً من شدة الغضب… فتارة يريد العمل في سلك الشرطة، وتارة يتعمد إهانة (البحرينيين) الذين انضموا للشرطة،، قبل سنوات، كنا نسمع من بعض (الأميين) وهو يقول لإبنه الفاشل في الدراسة: «اطلع من المدرسة واذا صار عمرك 18 سنة ضم في الشرطة»… وكأن هذه المهنة، مخصصة لأولئك الذين لا يفكون الخط… هي غير ذلك، ومن يريد التأكد، فيلطلع على الأبحاث والدراسات التي أعدها خريجو شرطة المجتمع

سعيد محمد سعيد

الطرف الثالث

 

الوضع الراهن الذي نعيشه اليوم على مستوى التعامل مع الملفات الحساسة والخطيرة، وما تبعه من مطالبات مشروعة تارة، وغير مشروعة تارة أخرى، يدفعنا دفعاً نحو مواجهة الواقع، واستجلاء الحقيقة والتفكير بصوت عال من قبل الطرفين: الحكومة والمعارضة، وإبعاد طرف ثالث،، الطرف الثالث، الذي من المفترض أن يبعد، طوعاً أو قسراً، هو ذلك الطرف الذي يريد أن يشعل البلاد ويؤجج الساحة. .. وهذا الطرف ليس شخصاً أو جمعية أو تياراً بعينه… إنه يشمل المجموعات التالية: ­ مجموعات من العاطلين المسيسين، ومجموعات أخرى من العاطلين الذين لا يريدون العمل من الأساس، وفئة منهم ممن وجدوا في الصدامات تفريغاً لواقع مرعب يعيشونه في أحضان أسر مضطربة ومفككة، ولعل المقترح هنا اهتمام الجهات ذات العلاقة بالنقطة الأخيرة المتعلقة بحالة الشغب التي يثيرها صبيان وشباب للتنفيس عن مشكلات أسرية… نرجو الإنتباه لهذا الجانب من قبل الباحثين ومن قبل المسئولين الأمنيين أيضاً. (ولا بد من الإشارة الى أن هؤلاء العاطلين، لا يمثلون جمعية أو جهة أو لجنة، إنما يعملون ويصطدمون بأنفسهم أحياناً… فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله). ­ كذلك هناك نواب يفتعلون المشكلات ويثيرون الحزازيات ويشعلون الفتنة أيضاً من خلال مقترحات وتصريحات (يكتبونها هم بأنفسهم في بيوتهم ويرسلونها الى الصحف بعبارات صحافية مثل في رده على سؤال… أو تعقيباً على… المضحك المبكي أنه يسأل ويجيب ويصرح ويرسل للصحافة). ­ مسئولون حكوميون يعاملون المواطنين وكأنهم عبيد وخدم. ­ علماء دين ومشايخ لا يقيسون خطاباتهم وكلامهم. ­ ناشطون سياسيون وحقوقيون من طراز (أراد أن يكحلها فعماها). ­ صحافيون وكتاب يعتقدون أنهم بخطابهم المعقوف يرضون الحكومة،، ­ ناشطون إسلاميون لا يفرقون بين… الحلال والحرام،،

سعيد محمد سعيد

المربع الأول… «المستدير»،

 

شتاء العام 1994 كان قاسياً. .. قاسياً للغاية. كل ما حولك في البلد يشعرك بالألم والأسى… ليلة مظلمة بحق، كانت تلك الليلة على شارع البديع… البديع برونقه وبهاء أهله… الجميل بما تبقى من بساتينه. تتصاعد الأدخنة من الإطارات المشتعلة ويدوي في الآفاق صوت اسطوانات الغاز المنفجرة، ويهجم العسكر… الصالح منهم والطالح في صورة وحشية تارة… دموية تارة و… قاتلة تارات أخرى. هو شريط مؤلم من الذكريات، ترى، من يرغب في الاستدارة… ثم الدوران… ثم العودة الى المربع الأول المريع؟ بعد أن تحقق للبلاد أهم عنصر: الأمن والطمأنينة ودحر قانون أمن الدولة البغيض؟ قد نعاني من بقاء ملفات عالقة مؤرقة كملف التعديلات الدستورية وملف الفساد المالي والإداري وملف البطالة وملف الأجور والملف الاقتصادي والسياسي برمته، لكن ذلك لا يعني أبداً أن نعود الى المربع الأول أو نمضي في خيار احراق المجتمع لكي نتخلص من كل تلك الملفات حرقاً. ولماذا العودة؟ فلتقفل الطرق. اذا كان المواطن (م) قد تعرض لهذا الانتهاك الصارخ من قبل مجهولين اقتادوه الى مكان (ما) فمسحوا كرامته كإنسان وعفروه في الوحل، فهذا الموضوع لا يمكن السكوت عنه إطلاقاً… إن ثبتت صحته ولا ريب، وليس وزير الداخلية الذي عرف عنه تأسيسه لمبدأ الشفافية وصيانة (الحقوق) هو من يسمح بمثل هذه الممارسات، أو يحتاج الى من يذكره بما أسس من لبنات قوية. لكن في كل الحالات، لا أحد يريد العودة إلى مربع منتصف التسعينات الحارق… حري بالشباب الأفاضل أن ينتبهوا الى أنفسهم وألا يقبلوا بتمثيل دور الدمية الساذجة عبر (خيوط) أصحاب الشعارات (البالوناتية)،