النصيحة التي أقدمها لكل كويتي يزور لبنان ان يبتعد عن الحديث في السياسة ويودع عقله ومنطقه لحظة الوصول ويرجعه معه عند المغادرة حاله كحال اللبناني الذي طلبت منه في مقال سابق ان يترك معتقده السياسي وانتماءاته الأخرى لحظة وصوله لمطار بلده وان يتلبس بلباس لبنان الوطن الواحد والنهائي وان يرجع تلك الانتماءات عند المغادرة.
وحال كثير من الاخوة اللبنانيين كحال من يعتزم المرور في غابة مليئة بالوحوش الضارية وله الخيار في ان يختار ما بين حمل سلاح كالبندقية الحديثة التي يجيد استعمالها ويعرف فنونها وفعاليتها وبين حمل سلاح كالسكين المثرومة التي لا يعرف حتى مقبضها من نصلها ومع ذلك يصر في كل مرة يدخل الغابة على ان يختار السكين رغم وفرة ما أصابه منها من جروح دامية واضرار جسيمة.
ان السكين المثرومة في المثال السابق هي السياسة التي لم يلعبها الاخوة اللبنانيون إلا تفرقوا وتناحروا ودمروا بلدهم، وأما البندقية الراقية فهي الاقتصاد الذي لا يوجد مثل اللبنانيين في الانجاز به، فكم من نجاحات باهرة حققوها في مشارق الأرض ومغاربها ولو استخدموا ذلك السلاح الفاعل في لبنان لأصبح أجمل واغنى بلدان المنطقة على الإطلاق.
ومما توقف إدراكي عن فهمه مقولة بعض اللبنانيين المتكررة والتي يستخدمونها لإقناع أنفسهم بأن ما يقومون به من اضرار ببلدهم وتفويتهم الفرص التي تمر عليهم كالسحاب أمر مبرر كونهم يتكونون من ديانات وطوائف مختلفة يصل عددها الى 18 طائفة، وليسمح لي من يؤمن بمثل تلك المقولة الخاطئة المتوارثة أن أخالفه الرأي بالمطلق كونه يحول أداة تنوع جميلة من الاضافة الى السلب.
ان بلد العرق الواحد والديانة الواحدة انتهى بانتهاء النازية والفاشية، فجميع بلدان الأرض ومنها المانيا وفرنسا واميركا واسرائيل تضم ضمن مواطنيها آلاف الأعراق ومئات الديانات والطوائف ومع ذلك لم يجعلوها وسيلة للاختلاف والشقاق واسترجاع التاريخ بطريقة خاطئة وتنمية الولاءات البديلة التي دمرت لبنان أكثر من مرة، ان اللبنانيين وبعكس التنوع العرقي واللغوي الموجود لدى الآخرين هم في النهاية عرب يتكلمون نفس اللغة ولديهم نفس التقاليد ويصعب التمييز بينهم لدى الآخرين ولا يعرف أحد للعلم ديانات وطوائف أغلب الشخصيات العامة اللبنانية من ساسة وكتاب وفنانين، وما دمنا لا نستطيع التمييز بينكم فلماذا لا تقلدوننا وتنسون تلك الفروقات الهامشية المتعلقة بالأغلب بصلة الإنسان بربه وهي علاقة خاصة.
آخر محطة:
يمثل السيد علي الأمين مفتي جبل عامل وسليل أسرة السادة العريقة، الوجه اللبناني الوطني والعروبي المشرف ويجب على دولنا وهي في صدد إعادة إعمار لبنان، إظهار الدعم الموجب لذلك التوجه الخيّر الباحث عن أمن وطنه ومواطنيه، وممن لا يرى حكمة في الزج ببلده الصغير في حروب الخارج والداخل.