محمد الوشيحي

السعودية… في غرفة الكنترول

بعيداً عن إعدام السعودي نمر النمر، وهل يستحق أم لا يستحق؟ وهل هو سياسي أم مخرب؟ وبقية التفاصيل… بعيداً عن كل هذا، لأتحدث عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، بقرار سعودي.
وسبق لي أن كتبت، وكتب غيري، مقالات تحدثنا فيها عن طريقة تعامل الإيرانيين مع شعوب الخليج العربي، ومع أمنهم، ووحدة صفهم، واستقرارهم، ويعرف الناس جميعاً كيف تنظر إيران إلى دول المنطقة؟ وكيف تتعامل مع حكوماتها وشعوبها؟ وكيف تعتقد أنها المسيطرة على غرفة الكنترول، التي تدخلها بخطوات المخرج الهوليوودي، ليتحكم في اللوكيشن، أو موقع التصوير، من ناحية الإضاءة والصوت والحركة والزوايا وغيرها؟ وكانت تظن أنها الوحيدة التي تملك الحق في نطق كلمة “أكشن”. وكانت الوحيدة بالفعل، إلى أن دخلت السعودية غرفة الكنترول، وضربت بقبضتها على الطاولة، وصرخت: ستوووب.
صحيح أن العلاقات الدبلوماسية بين الدول ليست “لعبة أطفال”، كما يردد بعض “العقلاء”، الذين يعتبرون العقل والحكمة في الصمت على البطش، وطأطأة الرأس، والدعاء لله بالفرج همساً… نعم ليست لعبة أطفال، لكن كرامة الدول أيضاً ليست لعبة أطفال، ولا حتى كبار، والعبث بكرامة الشعوب ودعس كبريائها ليسا من العقل والحكمة أبداً، في كل القواميس.
ومن ينكر فرحة غالبية شعوب الخليج بالقرار السياسي السعودي مكابر، لا شك، ولا أظن أنني أتيت بجديد إن قلت إن العامل النفسي له من الأهمية ما للعاملين الأمني والاقتصادي، وغيرهما من العوامل التي توليها السلطات اهتماماً، فالشعوب المكسورة الجناح لا يُرجى منها خير، ولا يُعول عليها، واسألوا المصريين قبل حرب أكتوبر، وكيف كانت نفسياتهم؟ وكيف أصبحت بعد قرار الحرب، حتى قبل انتهاء المعركة…؟ مع الفارق في التشبيه.
ولست هنا من دعاة الحرب، لكنني قبل ذلك، لست من دعاة الخنوع، والجلوس على كراسي المتفرجين في أمر يخص شعوبنا.
أما إن سألتني عن فوائد القرار السعودي، فسأذكّرك بأنه قرار سياسي خطير، لكنه مطلوب بشدة، لذا لن أتحدث عن فوائده كما أتحدث عن فوائد الجوافة، على سبيل المثال، فأسطر لك فوائدها بالأرقام، بل سأذكّرك بفوائد جراحة القلب، التي يصاحبها دم وألم وهلع في المحيط، لكنها الخيار الوحيد، أحياناً.
وأجزم بأن إيران مازالت فاغرة فاها دهشة لردة الفعل السعودية، إذ لم يكن القرار السعودي ليخطر على بالها، حتى في أسوأ كوابيسها. ولعلها تستفيق من سكرة الغرور والعبث، وتتناول القهوة، بعد أن تضع رأسها تحت الدش البارد، وتستعيد عقلها… أقول لعلها.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *