عادل عبدالله المطيري

السوريون من جنيف إلى فيينا!

دائما ما يقع العرب في فخ الإشكاليات الصياغية عندما يتعلق الأمر ببيان سياسي أو بقرار دولي مهم يكونون طرفا فيه!
فمن إشكالية «ال» التعريف في قرار مجلس الأمن رقم 242 الخاص بوقف الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 22 نوفمبر 1967.

مرة أخرى يقع العرب في الفخ ـ ففي مفاوضات جنيف1 حول الأزمة السورية، صيغ البيان الختامي بطريقة غامضة ـ فقد تطرق إلى مصطلح «مرحلة انتقالية بقيادة سورية» ولم يحدد جهة معينة تقوم بهذه المرحلة الانتقالية، كما انه لم ينص على إبعاد بشار الأسد عنها!

سيذهب العالم ومعه السوريون نظاما ومعارضة مرة أخرى للمفاوضات ولكن ليس إلى جنيف هذه المرة بل إلى فيينا، وستحضر إيران المفاوضات للمرة الأولى، فبعد أن استبعدت من جنيف بطلب من الأطراف العربية ـ الآن ـ إيران ستحضر وبمباركة وموافقة العرب.

وفي هذا السياق، يؤكد وزير الخارجية السعودي أن «جلب إيران إلى اجتماعات فيينا هو لتوحيد المواقف واختبار جدية إيران»، فمن المؤكد أن الواقع على الأرض السورية اختلف كثيرا فيما بين جنيف 2012 وإلى فيينا 2015 ـ فالإيرانيون كانوا يساندون الأسد بالخفاء، أما الآن فالمقاتلون الإيرانيون على الأرض اكثر من جنود النظام السوري.

اجتماع فيينا سيحاول الإجابة عن ماهية المرحلة المقبلة ـ وكم مدتها ومن هم أطرافها ـ فالسعودية وفرنسا ومعهم بريطانيا والولايات المتحدة بدرجة أقل ـ ومن حيث المبدأ ـ يرفضون وجود الأسد في المرحلة الانتقالية، كما انهم يطلبون وضع خطة عمل محددة التواريخ لتنفيذ الاتفاق.

أما الروس والإيرانيون فعمليا يقاتلون بجانب نظام الأسد، ففي الأرض يقاتل الإيرانيون وفي الجو يقاتل الروس، ويعتقدون أن بقاء الأسد بالمرحلة الانتقالية لا يتعارض مع جنيف1.

يبدو أن الجميع متفق على رحيل بشار الأسد ولكن يختلفون حول موعد الرحيل!

ربما ستكون فيينا المحطة الأخيرة للعمل الديبلوماسي لإيجاد حل سياسي للمأساة السورية ـ وهذه المرة ـ سيحرص حلفاء الشعب السوري على أن تكون الخطوات السياسية المقترحة واضحة لا يشوبها غموض ولا يطولها جدال، ومحددة الوقت لا تقبل التسويف والمماطلة.

ختاما: في فيينا سنعرف إذا كان التدخل العسكري الروسي جاء للحيلولة دون سقوط نظام الأسد ولإجباره للذهاب إلى المفاوضات للمحافظة على بقايا النظام ولو كان على حساب الأسد، او ان التدخل الروسي جاء للمماطلة وكسب الوقت لإعادة أجزاء كبيرة من سورية لحكم بشار ثم إعادة تأهيله وتسويقه مرة أخرى.

وكذلك سنرى موقف الإيرانيين في فيينا هل سيعكس مقدار التورط الإيراني والخسائر البشرية التي تكبدوها على الأرض في سورية أم انهم يماطلون لكسب الوقت لتغيير الواقع في سورية لصالح حليفهم الأسد؟

خلاصة: الولايات المتحدة لم تدعم المعارضة بأسلحة نوعية تستطيع إسقاط طيران الروس الإجرامي الذي يقصف المدنيين، ربما لأنها تنتظر نتائج مفاوضات فيينا ـ ولكن إذا فشلت الجهود الديبلوماسية فيجب على الولايات المتحدة وحلفاء الشعب السوري دعم المعارضة المعتدلة وإمدادها بالأسلحة لتكسر الغطرسة الروسية وتمرغ الانف الروسي بالتراب السوري كما حدث بأفغانستان، أما الإيرانيون على الأرض وبدون الغطاء الجوي الروسي فلن يصمدوا أياما قليلة!

كل ما سبق أوجزه عادل الجبير وزير الخارجية السعودي بتصريحه عندما قال: «الحل في سورية برحيل الأسد عسكريا او سياسيا».

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عادل عبدالله المطيري

twitter: @almutairiadel
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *