لا ينسى الإنجليز حتى اليوم حوادث قتل منطقة «وايت شابل» شرق لندن التي جرت احداثها اعوام 188(8)1891 والتي نسبت لمن سمي بـ «جاك السفاح»، كما انه مازال الاميركان يتهامسون عمن يقف خلف مقتل الرئيس جون كيندي رغم القبض على قاتله واعترافه، كما يتحدثون عن الاختفاء الغامض للزعيم النقابي جيمي هوفا صيف عام 75.
القضية في لبنان يجب الا تركز على مقتل الرئيس رفيق الحريري الذي لا مانع ان يعلن ولي دمه عن تنازله عن دمه فداء لوطنه على شرط معرفة القاتل لسبب اساسي ورئيسي هو ضمان عدم استمرار حالات الاغتيال مستقبلا، فعدم الكشف في وقت مبكر عمن اغتال الحريري جعل السبحة تكر ويتم اغتيال سمير قصير والوزراء والزعماء والنواب جورج حاوي وجبران تويني ووليد عيدو وابنه خالد وبيار الجميل ومرافقيه وانطون غانم ومرافقيه الاربعة، وفرانسوا الحاج مدير عمليات الجيش اللبناني، ووسام عيد ضابط الامن الداخلي اضافة الى محاولات اغتيال مروان حمادة وإلياس المر ومي شدياق وغيرهم.
وفي العراق الشقيق تسبب عدم الاعلان «رسميا» عمن قتل السيد عبدالمجيد الخوئي ابن المرجع الكبير ابوالقاسم الخوئي في ابريل 2003 في تشجيع من قام لاحقا بتفجير موكب السيد محمد باقر الحكيم في اغسطس 2003 ثم كرت السبحة بعد ذلك ولم يعد يوم يمر دون حالات تفجير عشوائية تودي بحياة المئات والآلاف وتتسبب في هجرة الملايين المرعوبة من ردود الفعل، كما ساهمت الاغتيالات في قطع اواصر الود والمحبة التي تربط ابناء الشعب العراقي بعضه ببعض واستبدالها بالحقد والشك والكراهية مما بات يهدد وحدة أراضيه.
ويمتد مسلسل التفجيرات والاغتيالات المفجر للأوطان العربية الى «شبه القارة السودانية»، حيث تسبب اسقاط طائرة الزعيم جون قرنق في يوليو 2005 الذي كان يؤمن بوحدة السودان، وعدم معرفة او محاسبة الجاني، في دعم التوجهات الانفصالية بالجنوب مما سيؤدي الى انفصاله شبه المؤكد العام المقبل، وتحول ذلك البلد الى مشروع بلقنة وصوملة ولبننة ويوغوسلافيا جديدة، ولا ننسى في هذا السياق الجرائم التي ارتكبت في الجزائر واستمرت لعقد من الزمان دون معرفة الفاعلين مما ادى الى هدر مواردها ووقف تطورها.
ان حق الانجليز والاميركان في إزالة الغموض عمن يقف خلف بعض الجرائم التي ارتكبت على ارضهم يجب ان يعطى للدول العربية كذلك ولا تكفي الاشارة العامة دون دليل او اثبات لهذا الطرف او ذاك تكرارا للمقولة الشهيرة «الحق على الطليان» بل تريد شعوبنا العربية ان تسمع الاعترافات الصريحة والتفاصيل المملة ممن قام بالآلاف من الجرائم الكبرى التي حدثت وتحدث كل يوم ثم تنسب الى المجهول.. المعلوم احيانا!
لقد فشلت الاجهزة الامنية العربية التي عرف عنها سماعها لدبيب النملة في كشف الغطاء واماطة اللثام عمن يقف خلف الجرائم الكبرى التي ارتكبت وترتكب على ارضنا العربية، لذا بتنا في أمس الحاجة الى دعم خارجي ممثل اما في المفتش الألماني ديتليف ميليس وخلفه المحكمة الدولية (ما شكلت الا بسبب فشلنا الذريع في معرفة الجناة في سلسلة الجرائم التي ارتكبت) او بالمقابل استدعاء المفتش الفرنسي جاك كلوزوا الشهير بالنمر الوردي الذي كان يصل رغم وسائله المضحكة والغريبة والغبية الى القبض على الفاعلين ولا يطلب احد هذه الايام شيئا اقل من ذلك.
آخر محطة:
(1) سؤال غبي معتاد قد يطرحه المفتش كلوزوا.. مادامت اسرائيل الشريرة هي التي تقف خلف جرائم واغتيالات لبنان فلماذا لم تستغل عمالة العميد فايز كرم وهو اقرب مقربي الجنرال عون لاغتياله؟!
(2) لا مانع للوصول للحقيقة من ان تعلن الدول المعنية العفو العام عمن قام بتلك الجرائم كوسيلة لإيقافها وإيقاف الدماء التي ستسيل انهارا مستقبلا في حال استمرارها.