إذا كنا ننوي صرف مبالغ الخطة التنموية المقدرة بـ 130 مليار دولار (عائدها السنوي كأموال سائلة واستثمارات مالية يكفي لبقائنا دون نفط) دون ان نعمل بشكل جاد لاستقرار المستثمرين الأجانب وزيارة ملايين السائحين الآخرين كي يخلقوا لنا عوائد مالية لتعويض ذلك المبلغ وبديلا عن عوائد النفط، حينها يصبح من الأفضل بقاء تلك الأموال سائلة بدلا من وضعها في مشاريع عملاقة نخسر في إنشائها ونخسر مرة اخرى في الصرف على تشغيلها (موانئ، مطارات، مستشفيات).
أهم الأماكن التي يعشقها الأجانب اذا ما أردنا استقرارهم في بلدنا هي المتاحف والأماكن التراثية والفنية، وتلك الأماكن في أوضاع مزرية حاليا، فالمتحف الوطني يخجل أي احد من دعوة الناس لزيارته لبقائه دون ترميم منذ الغزو (قبل عشرين عاما) فنوافيره لا تعمل وأشجاره دون تهذيب ولا توجد مقاه أو أكشاك بيع تحف ضمن جدرانه.
المرسم الحر، وهو محل استقطاب آخر للأجانب، مغلقة أبوابه أمام الرسامين والمثالين، كما ان متحف بيت ديكسون لا تعرض فيه مقتنيات «أم سعود» حيث يخشى القائمون على المتحف من سرقتها (!) ويعرضونها فقط إذا ما علموا بشكل مسبق بأي زيارة مقررة لأحد الوفود، أما متحف البحار ومتحف الفنون المجاور فلا توجد لوحات على الشارع العام تشير إلى وجودهما، ناهيك عن غياب البروشورات التي توزع في المطار والفنادق للإعلام بذلك الوجود.
الدواوين الكويتية التراثية المقامة على شارع الخليج العربي هي آخر ما تبقى من الكويت القديمة، ونقترح ان توضع عليها لوحات كبيرة واضحة بالعربي والإنجليزي، تشتمل على اسم أهل الديوان وتاريخ إنشائه بالميلادي والهجري، والحال كذلك مع المساجد التاريخية الملاصقة لتلك الدواوين.
ويجب تخصيص أرض حكومية تضم في جانب منها متحفا للكويت القديمة بعد شراء مقتنيات بعض الكويتيين الذين حافظوا مشكورين على تراثنا القديم، مثل العم سيف الشملان ود.عادل عبدالمغني وغيرهما من اخوة أفاضل، على ان يشار إليهم بالاسم في زوايا ذلك المتحف، إلى القرب منه يجب ان تنشأ أسواق تحف وأنتيكات بدلا من الاكتفاء بسرداب إحدى العمارات المتهالكة بالسالمية كما هو الحال الآن، كما يجب انشاء مقاه ومطاعم على الطراز القديم كحال خان الخليلي في مصر وسوق الحميدية في سورية وساحة جامع الفناء في مراكش.
قصر الشيخ خزعل يحتاج كذلك الى أفكار خلاقة لاستغلاله بعد انتهاء العمل فيه، كأن يكون ضمنه عرض مبهر للصوت والضوء والليزر يتضمن قصة صاحب القصر وعلاقته بحكام الكويت والحروب والمعارك التي خاضتها الكويت إبان تلك الحقبة، اضافة الى المناورات الأوروبية آنذاك للاستحواذ على إمارات الخليج، كما يمكن ان تقام وسطه عروض حية للفنون الشعبية الكويتية المختلفة.
آخر محطة:
(1) كلما مررت على شارع الخليج العربي شعرت بالغصة من توقيف مشروع «الشوبيز» الواعد الذي كان يفترض ان يرفه عن آلاف الكويتيين والزائرين.
(2) في مقالات لاحقة سنتطرق إلى الجانب السياحي والترفيهي والاجتماعي لخطة التنمية.