حتى بداية الحرب الاهلية اللبنانية عام 1975، كان سعر الدينار الكويتي يعادل 7 ليرات لبنانية، وكان الامر مرشحا لتعادل سعر صرف العملتين خلال 5 سنوات (اي دينار كويتي = ليرة لبنانية، بدلا من دينار = 5 آلاف ليرة حاليا) نظرا للهبوط الشديد في اسعار النفط بالثمانينيات في وقت كان يفترض فيه ـ لو لم تقم الحرب الاهلية اللبنانية ـ ان يرتفع معدل الدخل في لبنان بسبب تدفق اموال «البترودولار» الخليجية والعراقية والايرانية الى ما يقارب الدخل في سويسرا وسنغافورة المشابهة اوضاعها للاوضاع اللبنانية.
ومع تسلم صدام الحكم اواخر السبعينيات واوائل الثمانينيات، كان سعر الدينار العراقي يساوي الدينار الكويتي، بل اصبح قبيل شنه الحرب على ايران يعادل دينارا كويتيا ومائة فلس (بدلا من دينار كويتي = 5 آلاف دينار عراقي حاليا)، وفي كلتا الحالتين اللبنانية والعراقية تسببت الاوضاع السياسية غير الحكيمة في تدمير تام للاوضاع الاقتصادية، مما يدل بشكل قاطع على ان معدلات وجود التعقل والاتزان في الدول اهم كثيرا من وجود الثروات الطبيعية كالنفط والمياه والمعادن والاجواء المناخية المناسبة والمزارات السياحية.
في عام 2001، لم يكن سعر اونصة الذهب يزيد على 255 دولارا، الا انه ارتفع بشكل متواصل خلال السنوات العشر الماضية الى ما يقارب 1250 دولارا حاليا متخطيا بكثير عوائد ودائع البنوك والاسهم والاراضي والسندات.. الخ. ويعتقد البعض ان السعر قد يرتفع الى ما يتجاوز 2000 دولار للاونصة خلال المدة المقبلة (والله اعلم) لسبب بسيط هو اكتشاف كبار الاقتصاديين ان اغلب دول وبنوك وشركات العالم الكبرى هي مفلسة بالفعل ولا تساوي شيئا بالمفهوم الاقتصادي الحقيقي، وان العملات الرئيسية في العالم لا تساوي في حقيقة الامر الورق الذي تطبع عليه وهو ما يعيد إلى الاذهان ما حدث في المانيا بعد الحرب العالمية الاولى عندما قامت بطباعة المارك لتسديد ديونها دون غطاء ذهبي مما جعل عملتها تنهار خلال سنوات قليلة (1918 ـ 1924) من دولار = 8 ماركات الى دولار = 4.2 مليارات مارك، واصبح على الالماني ان يحضر معه عربة مليئة بالماركات ليشتري ربطة خبز.
ولا يكفي الاقتصاد العالمي مرارة وقوع ازمة عالمية غير مسبوقة في التاريخ ولا افلاس او تعثر اكبر البنوك والشركات العظمى كسيتي غروب وميريل لينش وغولدمان ساكس وشركتي العقار فان مي وفريدي ماك وشركة التأمين الاميركية العريقة حتى اضيف لها هذه الايام شركة طاقة كبرى انخفض سعر سهمها من 62 دولارا الشهر الماضي الى 29 دولارا هذه الايام بسبب المشاكل البيئية التي تسببت فيها.
ما سبق هو ارضية جيدة لتذكير بعض مشرعينا بأن يتوقفوا عن دغدغة المشاعر بعمليات الهدر المالي والتي اذا اضحكت شعبنا اليوم فإنها ستبكيه قطعا في الغد، فما يصرف لن يعود قط، ولا يمكن لدولة مثل اليونان على سبيل المثال ان تدعو شعبها لاعادة ما اخذه كوسيلة لسد عجز الميزانية، لذا فاتقوا الله في شعبنا الطيب ولا تبيعوه احلاما تتحول عند الصباح الى كوابيس مرعبة.
آخر محطة: 1 ـ لدينا في الكويت خبرة متراكمة تقارب 60 عاما في الاستثمار المالي في الاسواق العالمية كبديل وحيد للنفط، حيث لا نملك بدائل صناعية او زراعية او خدماتية كالدول الاخرى وتلك الخبرة المالية والاستثمارية سابقة لخبرات دول اخرى مثل اليابان والصين وكوريا والدول الخليجية والاوروبية الاخرى التي لم تملك فوائض الا في السنوات الاخيرة، فهل احسنا الاستفادة من تلك المتغيرات الدولية عبر الدخول والخروج والشراء والبيع في الوقت المناسب؟ نرجو ذلك.
2 ـ هل نحن مستفيدون وملتزمون بما جاء في رؤية الكويت 2035 وخطة التنمية وتقرير لجنة الكويت الوطنية للتنافسية؟ واذا لم نقم بذلك فما فائدة تلك الدراسات والمعلومات التي تحتويها؟!