سامي النصف

إجابة السؤال: F16 أم الرافال؟

بسبب كثير من الغفلة وقليل من السذاجة ـ أو العكس ـ استطعنا وبكفاءة كبيرة خلق فرق تدمير شديدة الفاعلية يختص بعضها بالإساءة للعلاقة الكويتية ـ السعودية، وآخر للعلاقة الكويتية ـ العراقية، وثالث للعلاقة الكويتية ـ الإيرانية، ورابع للعلاقة الكويتية ـ المصرية والسورية واللبنانية.. إلخ، وأخيرا للعلاقة مع القوى الكبرى كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي التي ندين لها بتحريرنا وبقائنا كي ينتهي الوضع بنا للبقاء وحيدين في العراء.

فالطريقة التي يتم التعامل بها مع مشروع طائرة الرافال الفرنسية به اساءة شديدة للعلاقات مع دولة أوروبية مؤثرة كفرنسا، وفي الوقت الذي نؤمن بأن البعض مخلص في معارضته للصفقة الا انه علينا ان نقر ونعترف بأن تجار السلاح أصبح لديهم في الجيب مشرعون ومختصون يتبنون مشاريعهم ويحاربون حروبهم لقاء مبالغ تدفع وحسابات ترفع، ومن ثم فهي مواقف مدفوعة الثمن لا علاقة لها من بعيد أو قريب بالوطنية أو مصلحة الكويت.

ولنضع بعض الحقائق والمسلمات حتى يمكن من خلالها الوصول الى القرار الصحيح الذي تستفيد منه الكويت ويعزز بقاءها ويمنع الإضرار بشعبها في يوم ما عندما نبحث عن الأصدقاء والحلفاء فلا نجدهم:

1 ـ ان الكويت ليست دولة عظمى سيخلق لها اختيار هذا السلاح او ذاك قدرة عسكرية مسيطرة ومهيمنة تجعلها تتفوق على دول محيطها الجغرافي.

2 ـ ان السلاح لا يقاس فقط بقدراته الذاتية بل بما سيزود به من أجهزة الكترونية وصواريخ متقدمة ومقدار ما تسمح به تشريعات الدول المصدرة بهذا الخصوص، فطائرة أقل قدرة قد تكون أفضل من طائرة أكثر تقدما الا ان تشريعات دولتها لا تسمح ببيع التكنولوجيا المتقدمة لدولنا ومن ثم ننتهي بطائرة «قير ومكينة» كما يقول المثل الشعبي.

3 ـ ان المصلحة الاستراتيجية الكويتية وبقاءنا المستقبلي لا يعززان باختيار هذا السلاح او ذاك بل بالحفاظ على العلاقات الحميمة مع الدول المؤثرة في العالم ولاشك في أن عقد الصفقات الدفاعية معها هو احدى الوسائل الفاعلة للحفاظ على مثل تلك العلاقات.

4 ـ ليس هناك ما يمنع شراء نوعين من الطائرات لسلاحنا الجوي فأغلب القوى الجوية في العالم تمتلك أكثر من نوع ضمانا لها ضد التقلبات السياسية ولخدمة الأغراض المختلفة (الدفاع، الهجوم، المدى القصير والمدى الطويل).

5 ـ هذه المسلمات لا تعني على الاطلاق ان نشتري أسلحة خردة عديمة الفائدة او ان ندفع أثمانا باهظة ومبالغا فيها لها.

وكمثال واقعي لما نقول فقد سبق لمجلس ادارة «الكويتية» المستقيل عام 2007 ان قرر آنذاك شراء 38 طائرة منها 19 طائرة بوينغ 787 المسماة بالطائرة «الحلم» كونها الأفضل من نوعها في العالم وتخدم المسافات المتوسطة والطويلة وبأسعار تنافسية جدا مما أرضى حلفاءنا الأميركان، مع ملاحظة ان شركات صناعة الطيران المدنية هي في الأغلب التي تقوم بصناعة الطائرات العسكرية، ثم اشترينا 19 طائرة ايرباص 320 وهي كذلك الأفضل ضمن الطائرات القصيرة والمتوسطة المدى وبأسعار تنافسية جدا مما أرضى حلفاءنا الفرنسيين، ولم يثبت ان هناك «شعرة» استفادة من تلك الصفقات التي تمت عن طريق شركة مساهمة كويتية، لقد حكمنا آنذاك ضمن مجلس الادارة «الشق الفني» و«الشق السياسي» وتعزيز مبدأ الشفافية والنزاهة حيث اعلنت الأسعار بالصحف كي يمكن مقارنتها بصفقات الشركات الأخرى التي تعلن في وسائل الإعلام فأتى القرار الفني ـ السياسي الصائب الذي يخدم مصلحة الكويت و«الكويتية».

آخر محطة: (1): نسبت الزميلة «الدار» الأحد الماضي لمسؤول في شركة الطيران الوطنية احجامهم عن الدخول في مزايدة تملك «الكويتية» بسبب «تهالك» أسطول «الكويتية» وتحملها لخسائر كبيرة جدا مما يعني أنها استثمار غير مجد، لماذا لا يحاسب من تسبب في إلغاء صفقة شراء الطائرات لـ «الكويتية» والذي كان بمثابة اصدار حكم إعدام بحقها ينتظر فقط التنفيذ.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *