يذكر المؤرخون ان احد أسباب اختفاء دولة المسلمين في الأندلس هم من سُموا بشعراء الهزيمة ممن كانوا ينظمون ويكتبون ويروجون لسقوط الدولة واختفائها، وهو أمر مشابه لما كنا نسمعه قبل عام 1990 من ان الكويت دولة «مؤقتة» ذاهبة للزوال، وهو ما حدث في نهاية الأمر، ولم نسمع آنذاك بمثل هذا الطرح في الدول الخليجية الأخرى التي بقيت قائمة بعد اختفائنا رغم ان البعض منها أصغر منا.
وللبرامج الحوارية الأجنبية، كحال «واجهة الأمة» و«لقاء الصحافة»، منهاج جميل هو العودة لأرشيف الضيف السياسي او الإعلامي او الأكاديمي ثم تذكيره بما قاله في لقاءات سابقة حتى يظهر للمشاهد مدى مصداقيته او كذبه، ومن يكذب في الماضي لا يعتد بالطبع بأقواله في الحاضر أو المستقبل.
لأي كويتي، سياسيا كان او اعلاميا او أكاديميا، ان يكون له فكر وموقف سياسي معين يتبناه ويدافع عنه ويحاول اشاعته بين الجمهور، وما لا يجب قبوله على الإطلاق هو استخدام «الكذب» كوسيلة لترويج افكار منحرفة هدامة هي أشبه بأفكار شعراء الهزيمة بالأندلس ممن ساهموا في إضعاف الروح الوطنية والمعنوية لشعبها وانتهوا بتدميرها.
* يذكر أحد الأكاديميين الكويتيين في لقاء له على قناة «الجزيرة» ان المندوب السياسي البريطاني هو من «فرض» عام 1962 الديموقراطية على الشيخ عبدالله السالم وبذلك ألغى بمقولة غير صادقة أمام ملايين المشاهدين مآثر ذلك الشيخ الجليل وجهود رجال الكويت الكبار في إقرار وترسيخ الديموقراطية في البلد، ولم يقل لنا هذا الجهبذ لماذا تفرض بريطانيا الديموقراطية وحرية الرأي على الكويت الصغيرة التي يسودها التيار القومي واليساري المعادي لها آنذاك وهي في الوقت ذاته المحارب الأكبر للديموقراطية والحريات في جميع مستعمراتها الأخرى؟!
ومما قاله نفس السياسي الأكاديمي على القنوات الاخبارية العربية إبان حربنا الإعلامية ضد الطاغية صدام وكرره قبل أيام ان الرئيس الأميركي آنذاك أرسل «فاكسات» دعوة لحكام الخليج يأمرهم فيها بحضور قمة شرم الشيخ، وان ذلك المؤتمر قد فرض – حسب قوله – على كل سفارة خليجية ان يكون بها ملحق إسرائيلي (!)، السؤال المنطقي الذي يكشف الصدق او الكذب في تلك الادعاءات: هل لدى ذلك الأكاديمي 6 مصادر في 6 قصور خليجية أخبرته بوصول تلك الفاكسات؟! وهل شهد احد قط ملحقين اسرائيليين في السفارات الكويتية أو الخليجية الأخرى؟!
ومما ذكره ذلك الأكاديمي الكويتي المختص في منتصف التسعينيات ان خبير الدراسات الدولية د.انتوني كودزمان ذكر في احدى دراساته ـ دون ان يحددها بالطبع ـ ان عام 2000 سيشهد بقاء 3 دول عربية في المنطقة هي السعودية والعراق واليمن، وقد شاءت الصدف ان ألتقي بالدكتور كودزمان شخصيا في شيراتون الكويت وسألته عما قاله ذلك الأكاديمي ونسبه له فكذبه بالمطلق وتحداه ان يحدد مسمى وتاريخ تلك الدراسة المدعاة، وقد كتبت ذلك الأمر في حينه، لذا حورت تلك المقولة قبل أيام بعد تعديل تاريخ انضمامنا للعراق لعام 2025 ونسبت هذه المرة من قبل نفس الأكاديمي الكويتي ـ كما أتى في الصحف ـ للدكتور ارون كاتز عضو مجلس العلاقات الخارجية الاميركي وأرجعت لعام 1992.
بحثت في محرك بحث غوغل العربي عن اسم «ارون كاتز» فوجدت انه دكتور مسالك بولية في جامعة كولومبيا الأميركية، ثم قمت بالبحث عن «ARON KATZ» بالانجليزية فوجدت انها تخص عدة شخصيات منها جنرال روسي في الجيش الأحمر وممثل سينمائي ولاعب بوكر محترف وموسيقار ونائب رئيس بنك وعالم فضاء ولم أجد مختصا في العلوم السياسية بينهم يمكن له ان يتنبأ باختفاء بلدنا عام 2025، ثم دخلت بعد ذلك على موقع مجلس العلاقات الخارجية الاميركي (C.F.R) الذي ادعى الأكاديمي ان الدكتور المتنبئ ينتمي اليه وبحثت في اسماء الاعضاء فلم أجده، وحقيقة كم عمر الكذب ولماذا نصدق كل من يدعي او يمثل الغضب في مواقفه وأقواله؟! وإذا كان هذا ديدن الدكاترة الكبار فماذا أبقينا للناشئة الصغار؟! وعجبي!
آخر محطة:
(1) قامت جريدة «الأنباء» أواخر الثمانينيات وعلى صفحتها الأخيرة بنشر سلسلة من السرقات العلمية لذلك الأكاديمي الكبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
(2) في الخلاصة، عندما نكرر على مسامع فرد بأنه فاشل أو سيفشل فإنه سينتهي قطعا بالفشل، وبالمثل عندما نرسخ في وجدان شعب – أو أمة – بأنه مقبل على الاختفاء فإنه سينتهي فعلا.. بالانقراض! ولا تستحق الكويت وشعبها حقا مثل تلك الأقاويل.