سامي النصف

للسخونة السياسية أثمان تدفع!

الخصخصة ليست برشامة دواء نأخذها مساء فنستيقظ على صباح مشرق جميل، تختفي فيه كل اشكالات الادارة الحكومية وتزداد ضمنه كفاءة الموظف الكويتي وحبه للعمل فيصبح كحال الاعلامية الاميركية جاكي سينروز التي فازت ليلة قبل الامس بـ 266 مليون دولار في اليانصيب الوطني فأصرت على ان تبقى في دوامها الليلي حتى الصباح ثم اعلنت بعد ذلك انها لا تستطيع العيش دون عمل لذا ستبقى في وظيفتها رغم الجائزة.

في عام 1993 اقرت الدولة استراتيجية الخصخصة، وكان يفترض في ذلك الزمن البعيد ان تدور حوارات جادة ومثمرة بين الحكومة ومجلس الامة للاتفاق على خطة طويلة المدى تجدول خلالها القطاعات المراد خصخصتها، فالبعض تتم خصخصته حتى عام 2000 والبعض الآخر في فترة 2000 ـ 2010 وثالث 2010 ـ 2020.. الخ (بدأت الخصخصة في مصر قبل 40 عاماً ومازالت مستمرة حتى اليوم).

وكان من الضرورة بمكان ان يتفق على نوع الخصخصة المطلوبة لكل قطاع (للخصخصة اشكال عدة)، فقطاع الطيران يمكن ان يبقى لاسباب استراتيجية ضمن ملكية الدولة على ان تخصص الادارة فيه عبر عقد ادارة مع شركة طيران متقدمة، القطاع النفطي يمكن ان يكون ضمن نوع آخر من الخصخصة وهي خصخصة ادخال الشريك الاستراتيجي الكفيلة باحضار التقنيات الحديثة التي نحتاجها لاستخراج النفط من المكامن الصعبة في حقول الشمال مع ابقاء الملكية للدولة.

قطاع ثالث يمكن ان يخصص بطريقة الـ «B.O.T» اي استئجار واستثمار وتطوير لحقبة من الزمن ثم عودة الملكية للدولة، قطاع رابع يتم بيعه بالكامل لجهة مختصة ترتقي بأدائه كحال الخدمات البريدية، قطاع خامس عبر الاكتتاب العام وتمليك العاملين فيه جزءاً من الاسهم (القطاعات الرابحة فقط)، وسادس قد يكتفي بتغيير ادارته المترهلة واستبدالها بدماء شابة مقتدرة تمنح صلاحيات كاملة لادارته بنفس منهاجية القطاع الخاص حيث ان الخصخصة هي «وسيلة» لتحسين الخدمة ورفع العوائد المالية للدولة وليست «غاية» بذاتها (تجربة طيران المصرية والاردنية واللبنانية).

وواضح ان شيئا من هذا لم يحدث بسبب انشغال السلطتين الاولى والثانية بعمليات التسخين السياسي المستمرة حتى انتهى الامر بقرار تخصيص «الكويتية» في وقت ترفع فيه الدولة شعار كويت المركز المالي الذي احد متطلباته الرئيسية وجود شركة طيران وطنية تحضر المستثمرين والسائحين من مختلف اصقاع الارض حتى لو تعرضت لخسائر مالية حيث سيتكفل ما يصرفه القادمون للبلد بتعويض تلك الخسائر وهو امر لا يمكن ان تقوم به شركات الطيران الخاصة (لا مانع على سبيل المثال من ان تخسر «الاماراتية» مئات الملايين مادامت تكفلت باحضار سائحين ومستثمرين يصرفون المليارات في البلد).

آخر محطة:

 1 – نرجو الا تصبح الخصخصة وسيلة لاثارة الاحقاد على المخلصين من تجار الكويت صغارهم قبل كبارهم ممن جل ذنبهم انهم لم يقبلوا بالركون للوظيفة المضمونة والراتب الحكومي.

2 – اخبرني احد كبار تجار المواد الغذائية في الكويت بأنهم غير مؤيدين للخصخصة حيث ان لهم تجربة مرة معها فقبل ان تخصص شركة المخازن العمومية كان سعر متر التخزين بدينار، اما بعد الخصخصة فأصبح بـ 6 دنانير فلماذا نشتم حسب قوله على شيء لم نطالب به؟!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *