سامي النصف

كلام بارد في قضية ساخنة

ما ان تطرح قضية في الكويت حتى تبدأ عملية التعصب وتغييب العقل والحكمة الواجبة، واستبدالها بعمليات التخندق والتطرف الضار بالآراء حول ما يطرح، ومن ذلك ما شهدناه ونشهده من توجهات حادة توافق على الخصخصة بالمطلق وتضرب المثل بما حدث في الصين وأوروبا الشرقية وبريطانيا دون ان تذكر أننا لا نقارن التفاح بالتفاح وان هناك فروقات ضخمة بيننا وبينهم فيما يخص نسب العمالة الوطنية في قطاعاتهم الخاصة.

بالمقابل وجدنا ان تطرف المعسكر المضاد يظهره اما الرفض المطلق للخصخصة عبر سلفية دستورية ترجعنا الى ما قاله هذا الخبير الدستوري المنتمي لبلد اشتراكي عام 62، وتطلب منا الالتزام برأيه حتى لو خالف متطلبات العصر الحديث، أو بالمقابل وضع شروط تعجيز وإذعان كفيلة بتطفيش المستثمرين وتجعل مشروع الخصخصة أقرب لنادرة زواج جحا من بنت السلطان، أي نسيان سؤال القطاع الخاص: هل ينوي حقا شراء مشاريع محملة بكل هذه الشروط؟

والسهم الذهبي الحكومي قضية تستحق التوقف عندها، فالهدف من الخصخصة بالاساس هو الهرب من القرار الحكومي المقيد بالضغوط الشعبية والنيابية والاعلامية، والسؤال المستحق: ماذا لو ان القطاع الذي تمت خصخصته بدأ بالخسارة التي تضطر المالكين لتقليل اعداد العمالة الوطنية العاملة لديهم، فهل ستستخدم الحكومة سهمها الذهبي لإيقاف ذلك القرار غير الشعبوي حتى لو غرق المحمل بما حمل؟! للمعلومة بعض تجارب الخصخصة والتحول للقطاعات المشتركة قامت بالعكس تماما، حيث أعطت ذلك السهم الذهبي لملاك الاقلية من القطاع الخاص لمنع تدخل القرار السياسي الحكومي في المتطلبات الاقتصادية الملحة.

ولم تعالج تشريعات الخصخصة كيفية خلق اداة تربط وتترجم الدعم الحكومي للقطاع الخاص المتمثل بألف شكل وشكل بغرض فتح الباب لتشغيل الكويتيين في تلك القطاعات المدعومة، كما يمكن التشكيك في صحة مقولة ان خلق شركات حكومية جديدة للمشروعات القادمة وطرح أسهمها للاكتتاب العام هو احدى وسائل التوظيف المستقبلية وتوزيع الثروة، متناسين ان الاغلبية المطلقة من تلك الشركات ستنشأ لأهداف محددة قصيرة المدة (انشاء مستشفيات ومدن عمالية.. إلخ) ولا أحد يتحدث عن: من أين ستأتي الايرادات لدفع الرواتب وتوزيع الارباح بعد الانتهاء من تلك المشاريع المرتبطة بمدد زمنية وعما سيحدث لشركات القطاع الخاص القائمة هذه الايام التي تزاول نفس الاعمال في سوق شديد الصغر كالكويت خاصة في حال انخفاض ايرادات النفط؟

آخر محطة:

(1) ما نشرته «الأنباء» في عدد أمس من إلغاء مهرجان للجالية السريلانكية الكريمة لا من قبل رجال الأمن المخولين بذلك، بل من جماعة جعلت من نفسها دولة داخل دولة، أمر يضر بهيبة الدولة وينذر بالخطر الشديد، فإما ان ذلك الحفل كان مخالفا والواجب على المعترضين ان يتوجهوا لأقرب مخفر لمنعه، أو ان يكون الحفل مسموحا به وكان الواجب ألا يراقب رجال الأمن من يتدخل في عملهم كما تظهر الصور، بل كان عليهم قيادتهم بعيدا وتسجيل قضية بحقهم.

(2) سؤال بسيط: لو كان ذلك الحفل يحضره 5 آلاف من الجالية الاميركية الكريمة هل كان يجرؤ احد من هؤلاء على الاقتراب من أسواره الخارجية؟! أم أن القضية مرتبطة باستضعاف ظالم وخارج ع‍لى القانون لجالية آسيوية يسوم أمثال هؤلاء رعاياها العذاب والضرب وحتى القتل ضمن نظرية الأسياد والعبيد (ارجع للمقال المؤثر «سبع سنوات يا بلاش» للزميل حمد نايف العنزي المنشور في جريدة «الجريدة» الصادرة أمس).

(3) والتسيب يدعو للتسيب وقضية خطيرة أوردها الزميل أمير زكي ونشرتها «الأنباء» في عدد أمس حول اختطاف 4 مجهولين لضابط في الجيش، والتساؤل: كيف تجرأ هؤلاء على ذلك الفعل الاجرامي الكبير أيا كانت مسبباته؟ وهل يجوز أن تسجل القضية كما نشر بـ «دهس واصطدام وهرب» وكأنها حادث مروري عادي لا عملية «اختطاف» لضابط في الجيش في رابعة النهار؟!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *